من الأمور التي أحمدها للإدارة العامة للتعليم في عسير هو قيامها هذا العام بتنفيذ مشروع «أنا معلم» والذي نجحت من خلاله في استثمار أوقات المعلمين بعد عودتهم المبكرة هذا العام وفتحت لهم آفاقا من المعرفة وأوجدت نوعاً من التواصل بين المعلمين بعضهم بعضا وبينهم وبين ما حفلت به مكتبات العلم والمعرفة من كتب قمين بالمعلم أن يحفل بكل ما فيها مما حوته من موضوعات تربوية وتعليمية تساعد من حازها واطلع عليها أن يجدد معلوماته وينشط أفكاره وستظل المعرفة مطلبا للمعلم فهو برسالته التي يشرف بحملها أحق الناس بنيلها لقربه من مصادر المعرفة والثقافة بحكم وظيفته. وإذا كانت عودة المعلمين المبكرة هذا العام قد أثارت جدلاً بين المعلمين ما بين مؤيد ومعارض فإن الإدارة العامة للتعليم في عسير قد نجحت في أن تستثمر عودة المعلمين المبكرة بتطبيقها للمشروع التربوي الناجح والذي لمست عن كثب تحمس المعلمين له أيماناً منهم بالدور الذي سيقدمه في سبيل اثراء خبراتهم وتجاربهم والاسهام في تنمية الجانب المهاري والمهني وزيادة ثقافتهم والتي كلها تصب في خانة الزيادة الانتاجية الثرة للمعلمين نتيجة للجرعات التدريبية التي تلقوها أثناء أيام المشروع وما تخللها من محاضرات وأطروحات وطرح الكثير من الرؤى والنقاشات التي تدور في فلك هموم وشجون المعلمين وقد تناولوها بشيء من الشفافية، وحقاً ما أجمل أن يكون المعلم مكتسباً للعلم وطالبا في محراب المعرفة ينتهز كل فرصة من وقته في بناء قدراته وتغذية عقله وملء فكره بواسطة العديد من وسائط المعرفة سواء المقروءة منها أو المسموعة أو من خلال حرصه على التفاعل مع مثل تلك اللقاءات والمناشط التربوية. وعودة (لمشروع أنا معلم) فلقد نجح معدو الموضوعات المطروحة في اختيارها بدءاً بموضوع (التفكير الإبداعي) والذي يهدف من خلال محاوره إلى ايجاد معلمين مبدعين مبتكرين يخرجون لنا أجيالاً تبدع وتذكرنا برموز الأمة من المبدعين الذين أضاءوا للعالم جنباته، والمعلم المبدع والناجح هو الذي يضع طلابه في دائرة من الأسئلة والحوارات والنقاشات حتى يصل بهم الى الفكرة المبدعة والموضوع المطروح نتيجة لوضعهم بإمتاع في دائرة (العصف الذهني) التفكير مستلهما في ذلك قصة تفاحة إسحاق نيوتن الذي أثاره سقوط التفاحة فعاش بين عشرات الأسئلة ليرحل مع التفكير ويبشر الإنسانية بولادة قانون الجاذبية. وقد كان موضوع «كيف نجعل المدرسة مكاناً يتوق إليه الطالب» من أمتع ما طرح حيث أن محاور الموضوع تحاول أن تستجلي في عقول المعلمين فكرة جعل المدرسة مكاناً يعشقه الطالب ويتوق إليه من خلال تحسين بيئتها حتى يشعر الطالب بأنه يعيش في واحة تحقق له أقصى درجات الاطمئنان النفسي وتلبي حاجاته الاجتماعية ومحاطا برعاية معلميه قوامها الحب والاحترام ويمارس بداخلها الأنشطة المتنوعة التي تسهم في رسم معالم شخصيته وتُبقي أثراً للتعليم والتربية على سلوكه. وقد تناول المعلمون ثالث أيام مشروعهم التربوي موضوع «من متطلبات التربية» وقد لامسوا من خلاله أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المربي الذي يؤمن برسالته ويدرك معنى الجودة والاتقان في مهنته التي تستهدف العقول فتصقلها وتهذب النفوس فتؤدبها والمعلمون الناجحون يقوّمون ذاتهم ويدركون جمال العمل الجمعي الذي يعكس حسن التواصل بين أعضاء المجتمع المدرسي المترابط الذي تسوده روح الجماعة ويعرفون أهمية استثمار أوقات اليوم المدرسي فيما يعود بالنفع عليهم وعلى طلابهم منطلقين في قناعتهم بأهميته من قول الحكيم فيرجل: اعط وقتاً للعمل فهو سر نجاحك واعط وقتاً للفكر فهو ينبوع قوتك واعط وقتاً للمطالعة فإنها مصدر معرفتك. أمّا الموضوع الرابع فقد كان يدور حول «الأنشطة الصفية» والذي استوضح المعلمون من خلال محاوره ضرورة التخطيط العلمي والعملي لكل درس من خلال الإعداد الذهني والكتابي له وأن يُعنى المعلم بالفعاليات الصفية التي تشكل الأنشطة الصفية واللاصفية مع ضرورة امتلاك مهارة الاتصال الفعال الذي يضمن نجاح المرسل «المعلم» في تحويل رسالته «محتوى الدرس» إلى المستقبل «الطالب» حتى يتم التفاعل المطلوب مع إدراك المعلم لأهمية اجراء تقويم شامل يومي لمسيرة حصته ليعرف مدى تحقق أهدافه ومناسبة وسائله وطرائق تدريسه ومستوى تلاميذه ونشاطه العام داخل الحصة. أمّا موضوع «تقنيات التعليم» فقد وضع المعلمين أمام حقائق تربوية ثابتة تهدف إلى وجود قناعات راسخة في أذهانهم بجدوى الوسيلة التعليمية وأن ميدان التربية يحفل بالكثير من تقنيات التعليم التي تحسّن عملية التعلم وتثير دافعية التلاميذ وتشوقهم نحو الدراسة والمدرسة. أمّا الموضوع السادس «رعاية السلوك».. فكان يهدف عبر محاوره الى تذكير المعلمين بأدوراهم التوجيهية والإرشادية الى جانب الدور التعليمي، كما تطرق الموضوع الى أهمية ايجاد علاقة تكاملية بين المشرف التربوي والمعلم ومدير المدرسة ووكيلها وولي الأمر وتوحيد جهودهم المسخرة لخدمة التلميذ تربوياً وتعليمياً ولم يغفل الموضوع التطرق لموضوع التلاميذ المستجدين وما الجهود التي يمكن بذلها لإعانة التلميذ على التكيف والانسجام مع مجتمعه المدرسي الجديد أو مرحلته الدراسية الجديدة، وتعرض أحد محاور الموضوع الى دور المدرسة في تزويد طلابها بالعادات والتقاليد والقيم والأنظمة لكي تعدّهم في أن يصبحوا أعضاء نافعين عاملين صالحين في مجتمعهم لذا من الأهمية بمكان توثيق صلة المدرسة بالمجتمع وإحياء دور مجالس الآباء والحي وتفعيلها حتى تحافظ المدرسة على رسالتها. عموماً كل شكري وتقديري لجهود الخيرين في إدارة التعليم في عسير والتي أثمرت في إبراز قيمة العمل والعطاء والمعرفة والوقت.