نشرت صحيفة الجزيرة في عددها رقم 10790 يوم الأحد الأول من شهر صفر 1423ه والموافق 14 أبريل من عام 2002 م، تحقيقاً عن البرامج المنسوخة في معارض الكمبيوتر بحي العليا في مدينة الرياض، مما أدى إلى لفت نظر الجهات المختصة لمتابعة السوق وقراصنة البرامج وسمعنا قبل أكثر من شهر تقريبا بقيام وزارة الإعلام بحملة تفتيشية واسعة النطاق على مختلف أسواق الكمبيوتر، وإلقاء القبض على العمالة السائبة وتغريم المحلات المخالفة للنظام. وقد أسعدت هذه الحملة الواسعة الكثير من شركات الكمبيوتر والمتخصصة في برمجة البرامج وأدت هذه الحملة الغرض المطلوب منها على أكمل وجه ولكن مع الأسف نلاحظ في هذه الأيام رجوع قراصنة البرامج من جديد وبدأ نسخ البرامج يزداد بشكل ملحوظ في أسواق الكمبيوتر . والسبب بالطبع معروف وهو عدم المتابعة وغياب عنصر المتابعة بعد أي حملة تفتيشية في مختلف القطاعات هو السبب الرئيس في عودة الظاهرة المراد القضاء عليها فمتى نصل إلى مرحلة الوعي الكامل بأن نرتب أمورنا كما يجب وألا نهتم بالقضاء على الظاهرة من ناحية إعلامية فقط؟ أيضا هناك سبب رئيس آخر في عودة ناسخي البرامج وهي الغلاء المبالغ لأسعارالبرامج الأصلية فمن غير المعقول أن يشتري المستهلك برنامجا بقيمة ألف ريال مثلا بينما يجده بعشرة ريالات مع الباعة المتجولين في أسواق الكمبيوتر الذين في الغالب يتبعون للمحلات المجاورة لهم في أماكن وجودهم . فالوكيل المعتمد لتوزيع البرامج الأصلية يقوم باستغلال المستهلكين بفرض أسعار خيالية على البرامج الأصلية والسبب معروف وهو الاحتكار فمسكين أنت أيها المستهلك أما أن تشتري من الوكيل أو اذهب واحضر نسخة من خارج البلاد ان استطعت. ولكن قراصنة البرامج وفروا على المستهلك عناء السفر.. صحيح أن البرامج المنسوخة قد لا تكون خالية من العيوب و الأعطال ولكنها أوفر من البرامج الأصلية وقد يتنازل المستهلك كثيرا عن بعض المميزات التي تتوافر في البرامج الأصلية ولكنه لن يتنازل عن الشراء بمقابل عشرة ريالات وهذا هو السبب الرئيس الثاني في عودة قراصنة البرامج إلى السوق مرة أخرى حتى لو كان هناك ألف حملة تفتيشية فإنهم سوف يعودون ما دام ينقص الحملة التفتيشية عنصر المتابعة وما دام الوكيل يحتكر السلعة ويفرض الأسعار بدون رقيب أو حسيب. ومن العجيب أن نسمع عن حماية المستهلك كمؤسسة قائمة بذاتها ولكن لا نعرف أين موقعها والسبب معروف أيضا... وهو متى سمعنا عن حماية المستهلك أنها قد أنصفت مستهلكا، ربما قد تنصف المستهلكين ولكن أين هي؟ بعيدة عن الإعلام والصحافة، فما دامت بعيدة عنهما فهذا يدل على الجمود أو أنها لا تقوم بالدور المطلوب منها كما يجب.