أوصى معالي رئيس مجلس الشورى وإمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس المسلمين بتقوى الله عز وجل قائلا: عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل فاتقوا الله رحمكم الله، واحذروا الغفلة فالموت على جميع الخلائق قد كتب والحساب عليهم قد وجب تشيعون الاموات وتودعونهم قبورهم وتأكلون تراثهم وكأنكم مخلدون بعدهم خذوا بالمواعظ وتيقظوا للحوادث ان بعد العز ذلا وبعد الحياة موتا وبعد الدنيا أخرى وان لكل شيء حسابا ولكل أجل كتابا ولكل حسنة ثوابا ولكل سيئة عقابا فاستعدوا لملمات الممات واستدركوا فوات الفوات. وأضاف ان شريعة الإسلام خاتمة الشرائع أنزلها الله للناس كافة في مشارق أرض الله ومغاربها للذكر والأنثى والقوى والضعيف والغني والفقير والعالم والجاهل والصحيح والمريض ومن أجل هذا جاء بفضل الله ولطفه وحكمته ميسورا فهمها سهلا العمل بها تسع الناس أجمعين ويطيقها كل المكلفين مبينا ان دين الإسلام رخصة بعد عزيمة ولين من غير شدة ويسر من غير عسر ورفع للحرج عن الامة والتيسير مقصد من مقاصد هذا الدين وصفة عامة للشريعة بأحكامها وعقائدها وأخلاقها ومعاملاتها وأصولها وفروعها. وقال ان ربنا بمنه وكرمه لم يكلف عباده بالمشاق ولم يرد اعنات الناس وأنزل دينه على قصد الرفق والتيسير شريعة الله حنيفية في التوحيد سمحة في العمل فلله الحمد والمنة {يٍرٌيدٍ اللَّهٍ بٌكٍمٍ اليٍسًرّ ولا يٍرٌيدٍ بٌكٍمٍ العٍسًرّ}، {يٍرٌيدٍ اللَّهٍ أّن يٍخّفٌَفّ عّنكٍمً وخٍلٌقّ الإنسّانٍ ضّعٌيفْا}، {هٍوّ اجًتّبّاكٍمً ومّا جّعّلّ عّلّيًكٍمً فٌي الدٌَينٌ مٌنً حّرّجُ مٌَلَّةّ أّبٌيكٍمً إبًرّاهٌيمّ هٍوّ سّمَّاكٍمٍ المٍسًلٌمٌينّ}. وأضاف فضيلته قائلا: ان أحكام الشرع تطبع في نفس المسلم السماحة والبعد عن التكلف والمشقة والتعلق الوثيق برحمة الله وعفوه وصفحه وغفرانه {لا يٍكّلٌَفٍ اللَّهٍ نّفًسْا إلاَّ مّا آتّاهّا سّيّجًعّلٍ اللَّهٍ بّعًدّ عٍسًرُ يٍسًرْا }. وبين فضيلته ان اليسر هو كل عمل لايجهد النفس ولا يثقل الجسم والعسر كل ما اجهد النفس وأضر بالجسم في الحديث الصحيح «ان هذا الدين يسر فأوغلوا فيه برفق» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن خير دينكم أيسره.. إن خير دينكم أيسره.. إن خير دينكم أيسره». قالها ثلاثا وفي لفظ «إنكم أمة أريد بكم اليسر» رواه الامام أحمد بسند صحيح. وتحدث سماحته عن شيء من بيان معالم اليسر ومظاهر التيسير تتجلى في كتاب ربنا وفي شخص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفي أصول الدين وفروعه قائلا: أما الكتاب العزيز فقد أنزله الله ميسر التلاوة ميسر الفهم وميسر التدبر والذكر»، {ولّقّدً يّسَّرًنّا القٍرًآنّ لٌلذٌَكًرٌ فّهّلً مٌن مٍَدَّكٌرُ}، {فّإنَّمّا يّسَّرًنّاهٍ بٌلٌسّانٌكّ لٌتٍبّشٌَرّ بٌهٌ المٍتَّقٌينّ وتٍنذٌرّ بٌهٌ قّوًمْا لٍَدَْا} كتاب الله ميسر الحفظ تدركه العقول وترق له القلوب يلذ استماعه ولا يمل سماعه وان كان فيه من الاسرار ودقائق العلوم ما يختص به الراسخون من أهل الذكر. أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد بعثه الله رحمة للعالمين أجمعين وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم حريص عليهم عزيز عليه ما يعنتهم ويشق عليهم، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلماً ميسراً» حديث متفق على صحته وهو الذي يقول عن نفسه عليه الصلاة والسلام: «أما إنى أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وآكل اللحم وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني»، وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ماخف على الناس. أما أصول الدين وعقائده فقد جاءت ميسرة واضحة في أدلتها من الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وكماله والايمان بالملائكة والكتب والنبيين والايمان باليوم الآخر وبالقدر خيره وشره والدلائل على ذلك ظاهرة من النظر في السموات وفي الأرض وسائر المخلوقات والسير في الأرض والاعتبار بآثار الأمم ويكفي ذلك مسلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعدهم من السلف المقتدى بهم لم يكونوا أهل تكلف ولا كثرة سؤال أو اختلاف يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إياكم والتنطع إياكم والتعمق وعليكم بالعتيق أي الأمر الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو اليسر والبعد عن التنطع والتكلف والتشدد والتعمق. أما أحكام الشرع فقد راعت أحوال المكلفين وظروفهم من الصحة والمرض والحضر والسفر وأحوال الاضطرار فأعظم العبادات وأجلها بعد توحيد الله هذه الصلاة المفروضة ربطت أوقاتها بطلوع الفجر وزوال الشمس وظلها وغروبها وما بين المشرق والمغرب قبلة وفي الطهارة إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث وإذا شق استعمال الماء انتقل الى التيمم ويصلي المسلم قائما فان لم يستطع فقاعدا فان لم يستطع فعلى جنبه {لا يٍكّلٌَفٍ اللَّهٍ نّفًسْا إلاَّ وسًعّهّا}، ويجمع بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند الحاجة والمسافر يقصر الرباعية ركعتين وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة تكثر من النوافل فقال عليه الصلاة والسلام: مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ومن أم الناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة، والصيام مطلوب من الصحيح رخص فيه الفطر للمسافر والمريض {فّمّن شّهٌدّ مٌنكٍمٍ الشَّهًرّ فّلًيّصٍمًهٍ ومّن كّانّ مّرٌيضْا أّّوً عّلّى" سّفّرُ فّعٌدَّةِ مٌَنً أّّيَّامُ أٍخّرّ يٍرٌيدٍ اللَّهٍ بٌكٍمٍ اليٍسًرّ ولا يٍرٌيدٍ بٌكٍمٍ العٍسًرّ}.