سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في موسم الربيع تتحول إلى منتجع سياحي لأبناء الخليج عمرها أكثر من ألف عام
حفر الباطن عاصمة الربيع ومنبت الكمأ 1-6
«الباطن» الوادي الكبير الذي لا يأمنه سكان المدينة
حلقات يكتبها: سلامة فدعوس الظفيري نتواصل معكم في حدود الوطن الشامخ الكبير المترامي الاطراف وتحديداً وجهتنا هذا الاسبوع في أقصى الشمال الشرقي من مملكتنا الفتية لنحط الرحال عدة ايام في جزء غالٍ من الوطن العزيز لنتعرف على واجهة حضارية من وجهات مملكتنا الغالية.. عن مدينة تاريخية عمرها أكثر من 1000 عام وتعتبر منتجعا ربيعيا خلابا إذ تتحول ارضها الى مروج خضراء ويكثر بها نبات الفقع وتنشط اقتصادياً في موسم الربيع.. انها مدينتي الحالمة حفر الباطن.. حفر بني العنبر.. حفرأبي موسى الأشعري ويطلق عليها بين الفينة والاخرى عاصمة الربيع ويتميز أهلها بالكرم والضيافة. في هذه الحلقة نتحدث عن القيمة التاريخية لمدينة حفر الباطن والأحداث التي مرت بها.. الحفر عبر التاريخ سنورد في هذه الحلقة معلومات تاريخية قيمة عن مدينة حفر الباطن قد لا يعرف ابناء محافظة حفر الباطن شيئا عنها اذ ان مدينة حفر الباطن ليست حديثة الولادة في المدن السعودية من حيث التاريخ والجغرافيا. بل لها تاريخ عريق وماض مجيد وموقعها الجغرافي المتميز ثابت منذ قرون عديدة.. اذ ان المدينة تاريخية عريقة عمرها يزيد عن 1000 عام كما ورد في كتب التاريخ اذ كان يقطن حفر الباطن أقوام وأقوام.. وشاهدي على ذلك هذا الوصف الدقيق لوهب بن جرير بن أبي جازم الجهضمي المتوفى سنة 206ه أذ وصف طريق الحج من البصرة الى مكةالمكرمة في ارجوزة طويلة من خلال مشاهداته الواقعية لمنازل هذا الطريق (إن الحفر كانت جمة السكان كثيرة الأهل والشاه والعكر أي الابل). ومما يعزز القول ان مدينة حفر الباطن مدينة تاريخية قديمة ما نقله الشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه الله في المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية ما رواه صاحب كتاب المناسك للامام الحربي عن (الحفر) في القرن الثالث الهجري حيث جاء فيه (ان الحفر من عمل اليمامة وساكنوه بنو العنبر.. وفي الحفر آبار مياهها عذب ومسجد). ومن هذا النص والوصف الدقيق يتضح ان (حفر الباطن) كانت وحدة ادارية معروفة تابعة لليمامة وسكانها بنو العنبر من تميم وفيها آبار مشهورة يبلغ عددها 70 بئراً وفيها مسجد جامع تقام به الصلوات الخمس وهو ما يقطع بسكانها والاستقرار فيها على مدى القرون الهجرية الثلاثة الاولى لا سيما وهي تقع على طريق الحج البصرى المزدحم بحجاج العراق والدول الاسلامية. ولمزيد من الاثبات ان حفر الباطن مدينة تاريخية قديمة هذا الوصف النادر لمدينة حفر الباطن في المعجم الجغرافي في حديث عن (آبار الحفر) نحو سنة 1320ه (أي قبل أكثر من 100 عام نقلا عن كتاب (دليل الخليج) الصادر عن ديوان حاكم قطر حيث فيه (إنه تقلص عدد آبار الحفر (حفر الباطن) من 70 بئراً الى 40 بئراً) وعلى الرغم من الازدهار التاريخي القديم الذي شهدته (حفر الباطن) الا ان استيلاء القرامطة على البحرين في أواخر القرن الهجري الثالث وتعرض الحجاج للنهب والسلب والقتل كان سببا في تعطل الازدهار لحفر الباطن حيث تعطل مرور قوافل الحجاج على طريق حفر ابي موسى الاشعري (حفر الباطن) اذ وقعت الحفر بين مراكز القرامطة الرئيسة من الشرق في الخليج العربي ومن الشمال في العراق إذ قدم أحد زعمائهم ويدعى «زكرويه) واعترض قوافل حجاج البصرة في القرن الثالث الهجري. ورد في كتب التاريخ ان الصحابي الجليل / سمرة بن عمرو بن قرط هو أول محافظ (أمير) لمدينة حفر الباطن اذ اختاره لتولي الامارة الصحابي الجليل ابو موسى الاشعري عندما كان واليا على البصرة في عهد امير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ووقع الاختيار لعدة أسباب منها انتماؤه لبني (العنبر من تميم وكانت ارض حفر الباطن من ممتلكاتهم قبل حفر أبي موسى الأشعري لآباره المشهورة اذ كانت تمتد اراضيهم من أم عشر حتى الرقعي وهو ادرى الناس بطبيعة المنطقة وهو الذي أذن للناس بحفر الآبار فتزايدت حتى وصلت الى 70 بئراً. أشهر أسماء مرت مدينة حفر الباطن عبر تاريخها الطويل الذي يمتد لاكثر من 1000عام بعدة تسميات على أحداث معينة واعمال خالدة اذ سميت (حفر بني العنبر) ثم حفر ابي موسى الاشعري والحفر وأخيراً حفر الباطن.. الذي احتفظت به واستقرت عليه.. التسمية الاولى (حفر بن العنبر) حيث نسبت كتب التاريخ ان بني العنبر من تميم كانوا يسكنون وادي فليج قبل حفر الآبار في عهد ابي موسى الاشعري في القرن الهجري الأول وكان فليج بلاد فروع من ربيعة من بكر بن وائل وغيرهم فأزالتهم بنو تميم عند ظهور الاسلام وحلت فروع منهم كبني (العنبر) وغيرهم هذا الوادي واصبح من منازل (عدي بن جندب بن العنبر عمرو بن تميم). كما حدد الشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه الله نقلاً عن كتاب (بلاد العرب) منازل بني عدي بن جندب بأنها (بطن وادي فليج من طريق مكة وملكهم الطريق ما بين ذات العشر «أم عشر» الى الرقعي ولذلك سميت المدينة باسم (حفر بني العنبر) نسبة الى ساكنيها بنو العنبر من تميم ثم تغيرت التسمية واضمحلت ويرجع لها نادراً عند الحديث عن عراقة وتاريخ المدينة.. أما التسمية الثانية لمدينة حفر الباطن فقد سميت (حفر ابي موسى الاشعري) نسبة الى الصحابي الجليل الذي حفر الآبار بالمدينة اذ كانت حفر الباطن في القرن الهجري الأول مجرد طريق مجدبة في براري (بني العنبر) من تميم يصعب على قوافل الحجاج بين العراق والجزيرة العربية اجتيازها وتعددت الشكاوى من قلة المياه. وبلغ الأمر والي البصرة الصحابي أبي موسى الأشعري الذي تولى الامارة في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين عامي 17ه - 29ه وقرر معالجة هذه المشكلة وعندما اراد حفر ركايا الحفر قال دلوني على موضع بئر يقطع بها هذه الغلاة.. قالوا له: هوبجة تنبت الارطى بين فلج وفليج فحفر الحفر وهو حفر أبي موسى الأشعري بينه وبين البصرة مسيرة خمس ليال. وسميت (حفر الباطن) قديماً باسم حفر (ابو موسى الأشعري) الذي حفر الآبارونجح في استخراج المياه.. وجاءت هذه التسمية عرفانا ووفاء لجهوده الا ان الناس تركوا هذه التسمية ويرجع لها عند الحديث عن تاريخ المدينة.. أما التسمية الثالثة لحفر الباطن فهي (الحفر) هذا المختصر اطلقه المسؤولون على المدينة في مخاطباتهم الرسمية قديماً عند طلب توفير احدى الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية وهي تعني حفرالآبار التي حفرها الصحابي أبو موسى الأشعري وكذلك لوقوع المدينة في اعمق نقطة في الوادي وسميت الحفر ثم تلاشت هذه التسمية تدريجيا لعدم الارتياح لها.. أما التسمية الرابعة والاخيرة والدائمة للمدينة (حفر الباطن) إذ أطلقه الناس وسكان المدينة على الآبار ووقوعها بقب وادي الباطن إذ كلمة (حفر) تعني حفر الآبار الكثيرة والباطن هو الوادي الكبير الذي تقع بقلبه المدينة ويخترقها ويهدد حياة سكانها كل عام عند هطول الامطار الغزيرة ولاتزال احداث ومآسي هذا الوادي الكبير راسخة في الأذهان ولذلك بقيت هذه التسمية رسمياً (حفر الباطن). الموقع تقع مدينة حفر الباطن في الجهة الشمالية الشرقية من مملكتنا الغالية بين خطي عرض 28 - 30 درجة وخطي طول 15 - 45 درجة وهي ذات موقع متميز استراتيجي كونها قريبة من دولة الكويت بمسافة 100كم ودولة العراق 80كم تقريباً وتقع على مفترق طرق دولية تربطها بدول الخليج ودول الشام وتبعد عن الرياض 500كم وتقع بقلب وادي الباطن المتفرع من وادي الرمة أكبر الأودية بالمملكة ووادي فليج ويضع هذان الواديان مدينة حفر البطن بين فكي كماشة ويشكلان خطراً محدقاً على المدينة عند هطول الامطار بغزارة وسبق ان داهمت المدينة عبر هذين الواديين سيول خطرة خلال 40 سنة الماضية وهناك حوادث تاريخية راسخة في الاذهان كونها ازهقت الارواح واتلفت الممتلكات. سنة الفرقة او سنة (الديم) و(رباب) و(الهدم) هذه المسميات اطلقها الناس عند هطول الامطار الغزيرة على مدينة حفر الباطن بتاريخ 15/7/1376ه لمدة 42 يوماً متواصلا وغرق خلالها عدد من الاشخاص وانهارت المباني وجرى وادي الباطن لمدة اسبوعين جريانا متواصلا وسكن الناس بالخيام على جانبي الوادي وهرع الناس الى صلاة الاستغاثة وامهم فيها فضيلة الشيخ صالح بن مطلق «رحمه الله». سنة القطاء حدث تاريخي لسيول خطيرة عصفت بمدينة حفر الباطن وحولتها الى بحيرة مائية عام 1390ه وفقدت الارواح وانهارت المباني وتلفت الممتلكات وسميت سنة القطاء «كون حفر الباطن تحولت الى بحيرة مائية تجمع عليها طائر القطا باسراب كثيرة جداً». وأيضا تعرضت حفر الباطن الى سيول خطيرة كان آخرها عام 1403ه اذ اجتاحت السيولالمدينة وتعطلت الحركة وارتفع منسوب المياه لعدة امتار وطفحت الفاكهة والخضار بالوادي لمسافة 40كم وحاليا نفذت بلدية حفر الباطن مشروع لصرف السيول بمبلغ 77 مليون ريال يحل ما نسبته 85% من مشاكل السيول. تميز الطبيعة بالاضافة الى تميز حفر الباطن بموقع استرتيجي مهم فان هناك ايضا ميزة جديرة بالذكر والاهتمام وهي منطقة رعوية، عند هطول الامطار عليها بغزارة تشهد موسماً ربيعيا طبيعياً لا مثيل له، ولذلك ليس غريباً ان يطلق عليها عاصمة الربيع اذ ترتدي أجمل وأبهى حللها البهية في فصل الربيع وتتحول أرضها الى بساط أخضر جميل يأسر قلوب الناظرين. اذ عند هطول الامطار الغزيرة تغطي النباتات والأعشاب الصحراوية بأنواعها المختلفة الوادي والصحاري بمروج خضراء من الرمث - الصفار - الربل - الخزامي - النفل - الحواء - الأقحوان - الشيح - القيصوم وتتحول صحراء حفر الباطن الى المخيمات وبيوت الشعر التي تعطي للصحراء منظراً رائعاً وبعداً جمالياً. ومما يزيد من بهاء وجمال صحراء حفر الباطن توفر نبات الفقع (الكمأ) بأنواعه المختلفة ذلك الفطر المنتمي الى عائلة النباتات (اللازهرية) وفي موسم الربيع والفقع تصبح حفر الباطن أكبر ملتقى ومنتجع للسائحين في منطقة الخليج وتنتعش المحافظة إذ يشهد إقبال الناس على قضاء عطلة الربيع في ربوع حفر الباطن. ولأهمية محافظة حفر الباطن وموقعها المتميز وكونها منطقة رعوية تشهد نمواً وإزدهاراً في كافة المجالات وتعتبر من المناطق السياحية بالمملكة فقد صدرت توجيهات صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز على تشكيل لجنة التنشيط السياحي في محافظة حفر الباطن برئاسة سعادة وكيل المحافظة الاستاذ ناصر بن جاسر الماضي الذي قال ان الاماكن السياحية بمنطقة حفر الباطن كثيرة ومن ابرز المناطق السياحية الربيعية الفياض بالصمان والدبدبة والمسناه. وتعيش حفر الباطن في موسم الربيع اجواء ربيعية خلابة ويتوافد عشرات الآلاف من المتنزهين على منطقة حفر الباطن من جميع مناطق المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي للاستمتاع بما حبا الله هذه المنطقة من اجواء ربيعية نادرة ورحلات القنص خلال فترة الصيد المسموح بها. مضيفاً الماضي ان لجنة التنشيط السياحي بالمحافظة تعقد اجتماعاتها بشكل دوري من أجل تجهيز الأماكن والمنتجعات الربيعية وإمدادها بالخدمات وحث المتنزهين على توفير الخدمات وتوفير الخيام الخلوية ومسلتزماتها لتكون في متناول المتنزهين مع حث القطاع الخاص على توفير الفنادق والشقق المفروشة بأسعار مناسبة ليقضي المتنزهون أجمل الأوقات في ربوع منطقة حفر الباطن.