إشارة إلى الكاريكاتير الذي رسمه (صايل) يوم الاثنين 19/ جمادى الأولى 1423ه وهو عن وزارة الصحة وعن عدم تقديمها للخدمات لاطفال التوحد أو مرضى التوحد كما اسماهم. في البداية أشكر صايل لطرقه مثل هذا الموضوع ونحن نعرف أن الكاريكاتير له دور رئيسي في طرح بعض المواضيع بطرق مختلفة وجذابة للقارئ، واشكره على طرح مثل هذا الموضوع والذي من خلاله قد يستغرب الناظر والقارئ للكاريكاتير ويستخسر من هم اطفال التوحد أو مرضى التوحد وما علاقة وزارة الصحة بهم. في البداية أقول ومن خلال عملي مع هذه الفئة الغالية على قلوبنا فئة اطفال التوحد ومن خلال تعاملي معهم ومع اهلهم وما يعانونه من خلال معايشتي لهم وللمجتمع من حولهم الذي لا يعرفهم!! أقول إن التوحد هو اعاقة نمائية تبدأ عند الاطفال في سن ثلاث سنوات وتشخيص المرض أكثر المشاكل التي تواجه الوالدين والاطباء فتشخيصه صعب لأنه مشابه لإعاقات اخرى في التصرفات وصعوبة التواصل والتعلم ومشاكل نمو اللغة وضعف السمع ولذلك قد يشخص المرض في بدايته تشخيصاً خاطئاً وهذا ما تعانيه أكثر الاسر في صعوبة تشخيص طفلهم عند بداية اكتشاف الاعاقة. ونسبة التوحد عند الذكور أكثر منها عند الاناث ولم يعرف إلى يومنا هذا اسباب التوحد والنظريات الحالية للتوحد لم تستطع الوصول إلى اسباب الاصابة بالتوحد وكذلك تأثير مرض التوحد على كيمياء الجسم والجزء المتأثر من المخ ولم يكتشف الطب علاجا للتوحد أو الشفاء منه لذلك فان طفل التوحد يعيش باعاقته والطفل التوحدي لديه صعوبة في التواصل مع الاخرين من حوله لغوياً وان 50% من التوحيديين ليس لديهم لغة مفهومة أما الذين لديهم القدرة على الكلام فعادة تكون هذه الكلمات ترديداً لما يسمعه الطفل. والكلام عن التوحد قد يطول في هذا المقام ولكن أود أن اذكر أن اعاقة التوحد قد يكون مصاحباً لها تخلف عقلي و70% من الاطفال التوحدين لديهم تخلف عقلي تختلف درجته من طفل لآخر وهناك بعض الامراض الوراثية المصاحبة له وليس من الضروري أن كل معاق بالتوحد مصاب باعاقات اخرى كما أن هناك نسبة قليلة من الاطفال التوحديين لديهم قدرات عقلية سليمة ومستوى ذكائهم في المعدل الطبيعي أو احسن في بعض الحالات. وما أوجهه هنا هو نداء لوزارة الصحة ولوزارة العمل وقبل ذلك إلى الاعلام.. لما نراه من اهمال من قبلهم لاطفال التوحد ولاهاليهم ومعاناتهم التي لا توصف إلا لمن رآها وعايشها. أولاً ندائي لوزارة الصحة ان هناك أُسراًً يواجهون صعوبة بالغة في تشخيص اطفالهم في بداية اعاقتهم ويعانون معاناة لا يعلمها إلا الله وعندما يكتشف المرض وتنتهي معاناة التشخيص الطبي والنفسي تبدأ معاناة المواعيد وبعضهم ينتظرون قدوم الوصفة الطبية من خارج المملكة. ايضاً المعاناة الكبرى لذوي هؤلاء الاطفال انه عندما يصاب ابنهم بانفلونزا مثلاً ويذهبون به لأحد المستشفيات أو المستوصفات فيخبر الوالدان الطبيب أن ابنهم عنده توحد وانه ممنوع من بعض الادوية التي قد تسبب له بعض السلبيات هنا يقف الطبيب حائراً لا يعرف ماذا يقولون أو عن أي شيء يتكلمون في أغلبية الاطباء وخاصة اطباء الاطفال والجراحات الاخرى لا يعرفون معنى مرض أو اعاقة التوحد ولا يعرفون كيف يتعاملون معه ويعتقدون أنه طفل طبيعي وهنا تبدأ معاناة الأهل في اخبار الطبيب عن حالة ابنهم وعن بعض الادوية التي تؤثر عليه.. والمصيبة الأكبر عندما يتعب الطفل ويحتاج إلى عملية جراحية وهنا أوجه نداء لوزارة الصحة لتعريف الاطباء بمرض التوحد وكيفية التعامل معه ونحن نضع المسؤولية على وزارة الصحة التي لم تؤهل أطباءها لمعرفة هذا المرض وهذه الاعاقة ولو أن هناك بوادر ممتازة من بعض الاطباء وبعض الاختصاصيين النفسيين جزاهم الله خيراً في دراسة هذا المرض والتعرف عليه عن قرب وعلى كيفية التعامل معه ونأمل من الجميع وخاصة اطباء الاطفال معرفة هذا المرض وكيفية التعامل معه وخاصة تشخيصه. أما وزارة الصحة فندائي لهم من عدة نواحٍ ولو تكلمنا عنها لطال الحديث ولكن سأختصرها في عدة نقاط أولاً الطفل التوحدي علاجه الاساسي هو تأهيله تأهيلا ذاتيا لنساعده على التعايش مع اعاقته ومساعدته لذاته وتأهيل الطفل التوحدي يكلف مبالغ كبيرة ولو حسبناها من الناحية المادية فتأهيل الطفل التوحدي يكلف سنوياً حوالي المائة ألف ريال هذا اذا قدمت له جميع الخدمات التي يحتاجها.. وهنا نوضح ان معاناة الأهل تتضاعف من نواحٍ كثيرة وخاصة اين سيلحقون طفلهم ومن اين لهم بمبلغ تأهيله فنقول إن وزارة العمل لم تهتم بالطفل التوحدي الاهتمام الجدي كما تهتم بالاعاقات الاخرى وتوفر لهم كل ما يريدونه والدولة ولله الحمد سعت جاهدة لتوفير كل ما يلزم المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والطفل التوحدي لم يصنف أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة إلا منذ كذا سنة رغم أن اعاقة التوحد مكتشفة من قبل خمسين سنة ولكن لم يعرفها مجتمعنا إلا منذ خمس أو ست سنوات وإلى الآن الكثير لا يعرف ما هو التوحد ولا كيف يتعامل مع الاطفال التوحديين. وانا في هذا المقام اوجه نداء لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتهتم أكثر واكثر باعاقة التوحد وان توفر لهم كل ما يحتاجونه من تأهيل واعانة ومساعدة ذويهم وفتح مراكز تدريبية متخصصة تأهيلية لهذه الفئة والجدير بالذكر أن وزارة العمل مع وزارة المعارف وتعليم البنات افتتحت عدة فصول للتوحد في معهد التربية الفكرية للاولاد واستقبلت حالات لاطفال التوحد ولم تستوعب العدد المطلوب منهم. وايضاً ستفتح خمسة فصول هذا العام للبنات ايضاً في معهد التربية الفكرية والعدد الذي ستستقبله غير كبير خاصة أن الطفل التوحدي له تعليم خاص لكل طفل فكل فصل لا يستوعب أكثر من ثلاثة أو أربعة أطفال حتى لا يتشتت تفكيره فهل هذه الفصول في نظركم تستوعب الاعداد الهائلة التي على قائمة الانتظار!! واقول هنا لا بل نحن بحاجة إلى مركز خاص لهذه الفئة واقول هنا أين سيذهب الاطفال ومن سيستقبلهم ويهتم بهم والاهل هنا يقفون حيارى بين اطفالهم ومعاناتهم وتدهور حالة اطفالهم كل يوم للأسوأ. وهنا اقول ومن واقع عايشته مع أُسر هؤلاء الاطفال لابد أن توفر لهم مراكز حكومية مستقلة تأهيلية متخصصة لتستوعب هؤلاء الاطفال ولنؤهلهم ليتعايشوا مع اعاقتهم الدائمة والتي يكون علاجها الأكبر هو التأهيل واقول إن قوائم الانتظار لاطفال التوحد قد تجاوزت اعداداً هائلة لا تتوقعون عددها كاعاقة يعتبرها المجتمع جديدة عليه. ايضاً مستقبل هؤلاء الاطفال بعد أن يخرجوا من المراكز التي التحقوا فيها بعد سن 13 سنة لا يعرف الأهل أين سيذهبون بابنائهم وهنا الحديث يطول عن هذه المعاناة ايضاً وسأتحدث عنها في مقام آخر.. اخيراً كلمة اوجهها للاعلام الذي غفل عن ابراز هذه القضية والمعاناة لهؤلاء الاطفال ولاهاليهم ونحن نعرف أن الاعلام وسيلة عصرية سريعة لابراز هذه المعاناة وسريعة إن شاء الله في ايجاد حل خاصة عندما نتوجه لذوي الاختصاص والمسؤولين ونطرح عليهم هذه القضية التي اعتبرها قضية انسانية منسية ولو أن هناك ولله الحمد نماذج في هذا الوطن المعطاء يعطون لهذه الفئة الشيء الكثير وبلا حدود ويحتسبون عملهم عند الله تعالى.. ونحن نقول إن هذه النماذج لوحدها قد لا تصل إلى ما نريد ولكن نريد أن يصل صوتنا إلى الجميع والمجتمع بفئاته وان يحتسبوا كل ما يقدمونه لهؤلاء الاطفال عند الله تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مضاوي موسى الدغيلبي