سعى الرئيس الباكستاني برفيز مشرف في زيارته لبنجلاديش لاغلاق الملف الحزين بصفحاته الدامية في العلاقات بين بلاده وبنجلاديش اللتين كانتا دولة واحدة حتى عام 1971 عندما انفصل الجناح الشرقي لباكستان ليتحول إلى دولة بنجلاديش المستقلة بعد حرب ساندت فيها الهند دعاة الاستقلال البنجاليين. ويرافق الرئيس الباكستاني في زيارته لداكا وفد يضم 30 عضوا لاجراء مباحثات تتركز على سبل تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والثقافي بين باكستان وبنجلاديش كما استعرض مع خالدة ضياء رئيسة وزراء بنجلاديش الاوضاع الاقليمية في ضوء استمرار التوترات بين باكستانوالهند والحشود التي تقدر بمليون جندي على امتداد الحدود بين الدولتين النوويتين في منطقة جنوب آسيا فضلا عن خط السيطرة الفاصل بين شطري كشمير المقسمة والمتنازع عليها. وكانت إسلام آباد قد اعلنت رسميا ان الطائرة المقلة للرئيس الباكستاني برفيز مشرف والوفد المرافق في الجولة التي تستمر خمسة أيام ويزور فيها بنجلاديش وسريلانكا لن تمر بالاجواء الهندية رغم ان نيودلهي قد قررت موخرا رفع الحظر الذي كانت فرضته منذ مطلع العام الحالي على استخدام الطائرات المدنية الباكستانية لاجواء الهند. وقال الدكتور مونس عمار وهو خبير باكستاني في العلاقات الدولية ان زيارة مشرف لداكا تأتي في وقت تشعر فيه إسلام آباد بحاجتها لاصدقاء في منطقة جنوب آسيا في ظل الازمة المستمرة مع الهند وتزايد عداء نيودلهيلباكستان منذ احداث الحادي عشر من شهر سبتمبر الماضي في الولاياتالمتحدة وتداعياتها. وفي مداخلة حول العلاقات بين الدولتين اللتين كانتا تشكلان جناحين لدولة واحدة حتى يوم السادس عشر من شهر ديسمبر عام 1971م .. استبعد الدكتور مونس عمار ان تسفر زيارة الرئيس الباكستاني برفيز مشرف لبنجلاديش عن حل كافة القضايا المعلقة بين الجانبين غير انه اكد على اهمية الزيارة كخطوة على طريق طويل. وفي الوقت الذي يزور فيه الجنرال برفيز مشرف لبنجلاديش فإن الباكستانيين لايمكن ان يشعروا بالارتياح حيال الحملة التي شنتها بعض الدوائر في داكا مطالبة باكستان بالاعتذار عما تصفه بالمذابح التي ارتكبت في باكستانالشرقية التي تحولت إلى دولة بنجلاديش بعد حرب دامية عام 1971. وترى إسلام آباد ان «الجراح القديمة ونبش القبور لن يؤدي إلا لالحاق اضرار بالعلاقات المستقبلية بين باكستان وبنجلاديش». وكان بعض الساسة في داكا قد طالبوا باكستان بدفع تعويضات لعائلات ضحايا حرب 1971 فيما يخشى من ان تؤدي هذه الحملة إلى التأثير سلبا على الهدف الحقيقي لزيارة مشرف لبنجلاديش وهو «فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدولتين اللتين كانتا في الماضي تشكلان جناحين لدولة واحدة هي باكستان وتجاوز الموروث الحزين لحرب بقت ذكراها تورق الباكستانيين والبنجاليين معا». ووفقا لتقديرات شامشير شودري وكيل وزارة الخارجية في بنجلاديش «التي نشرتها صحف باكستانية» فإن بلاده تتطلع للحصول على تعويضات من باكستان قيمتها 4 ،5 مليارات دولار أمريكي مقابل ما وصفه بأصول وممتلكات تركها رعايا بنجلاديش في باكستان بعد حرب 1971. ونقلت اذاعة إسلام آباد عن مرشد خان وزير خارجية بنجلاديش قوله انه من المتعين تعزيز التواصل بين بنجلاديش وباكستان على أصعدة مختلفة لدعم التعاون المشترك والطويل الامد بما يخدم مصالح الشعبين اللذين يكنان الود لبعضهما البعض. ولايزيد حجم التبادلات التجارية سنويا بين باكستان وبنجلاديش عن 160 مليون دولار أمريكي فيما يرى الدكتور مونس عمار ان «الموروث الحزين لاحداث عام 1971 هو العامل الرئيسي الذي يحول دون تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدولتين المسلمتين باكستان وبنجلاديش». ولم يكن الجنرال برفيز مشرف سوى أحد الضباط الصغار الذين يبدأون مسيرتهم في الجيش الباكستاني اثناء حرب 1971 وهي الحرب الثالثة بين باكستانوالهند التي اسفرت في نهاية المطاف عن «تشطير الدولة الباكستانية الموحدة وتحول الجناح الشرقي للبلاد إلى دولة بنجلاديش في لحظات بكت فيها قلوب الباكستانيين». وفي اشارة للماضي بذكرياته الطيبة والحزينة معا «التقى الجنرال برفيز مشرف في افطار بأحد فنادق داكا مع لفيف من الضباط الذين زاملوه في ايام الشباب كرفاق للسلاح في جيش واحد هو الجيش الباكستاني قبل انفصال الجناح الشرقي وظهور دولة بنجلاديش». ويشارك في الحملة التي انطلقت موخرا في داكا لمطالبة باكستان بدفع تعويضات بعض قدامى المحاربين في بنجلاديش فيما توكد إسلام آباد انها قدمت بالفعل تعويضات ومساعدات للمتضررين من حرب 1971 مشددة على انها لايمكن ان تدفع المزيد من التعويضات. وفي اواخر شهر نوفمبر من عام 2000 «اثارت تصريحات ادلى بها عرفان الرجاء نائب رئيس البعثة الدبلوماسية الباكستانية في داكا موجة من الاحتجاجات العاصفة بعد ان اكد ان المقاتلين البنجاليين الذين كانوا يسعون للانفصال تحت مظلة حزب عوامي بزعامة السياسي البنجالي الراحل مجيب الرحمن هم المسؤولون عن المذابح التي وقعت في عام 1971 وليس الجيش الباكستاني». وتذهب بعض التقديرات البنجالية إلى ان عدد ضحايا الاحداث الدامية في عام 1971 في بنجلاديش يقدر بثلاثة ملايين قتيل غير ان تقريرا اعدته لجنة رسمية باكستانية ونشر منذ نحو عامين في إسلام آباد قدر عدد الضحايا بما لايزيد عن 26 ألف قتيل.