استضاف نادي الرياض الأدبي ضمن نشاطه لصيف هذا العام عددا من المهتمين وتعريفا بمنجزهم الادبي فقد أقيمت الدورة الأولى التي تخص الجانب الشعري ما بين 3 - 6/5/1423ه الموافق 13 - 16/7/2002م باشراف الدكتور عبد العزيز السبيل الذي تحدث خلال هذه الدورة عن مقدمة تاريخية موجزة للأدب العربي وعن بدايات الشعر الجاهلي وعن الصراع التقليدي ما بين الشعر والنثر كما قام الدكتور السبيل بشرح العروض الخليلية من خلال أبحرها الشهيرة لبحر الطويل والوافر.. ثم عرج في شرحه خلال أيام الدورة الى ظهور الشعر الحر، في الأدبيات المعاصرة ورأى ان الشعر الحر كانت بداياته في الأربعينات من القرن الماضي على يد نازك الملائكة ويخطىء من يظن ان الشعر الحر هو منفلت من الوزن والايقاع وانما هو يتقيد بالتفعيلات والبحر الواحد ولكن على شكل أسطر مستقلة.. كما ان الشعر الحر كان ظهوره منسجما أيضا مع التطورات التي رافقت المجتمع العربي من تغييرات ملموسة في حياته الثقافية والاجتماعية والادارة حتى أولئك الشعراء الكلاسيكيون الذين كانوا يرفضون سابقا غناء شعرهم على هذه التفعيلة الجديدة «الشعر الحر» نجد انهم قد تنازلوا وهاهي دواوينهم الجديدة نجد انها مسبوكة على نظم الشعر الحر.. وفي آخر أيام الدورة سلط الدكتور عبد العزيز السبيل الضوء على النصوص الشعرية التي شارك بها الحاضرون في هذا المنتدى وبين النقاط الايجابية والنقاط السلبية في تلك النصوص وقد قامت ثقافة الجزيرة باستطلاع موسع مع هؤلاء المشاركين لاخذ انطباعهم وآرائهم حول هذه الدورة. تحدث أولا معنا الناشىء عبد الرزاق خليل الرشيدات الذي اوضح لنا انه منذ اربع سنوات وهو يكتب القصيدة وقد جاء الى هذه الدورة «دورة الشعر» للاستفادة وقال: لقد فهمت كثيراً من الاشياء التي كانت غائبة عني.. اخذنا خلال هذه الدورة الزبدة والخلاصة في نظم الشعر واقترح على ادارة النادي اقامة مثل هذه الدورات المهمة التي بلاشك يحتاج اليها كل هاو ومبتدىء. اما المشارك في الدورة حازم ناصر المسلم فقال: ان بداياتي في كتابة الشعر كانت منذ ثلاث سنوات ولم احرص على النشر وقد سمعت ان النادي سوف يقيم دورة في النشر وحرصت على الحضور وفي نفس الوقت حاولت ان اعرض قصائدي على المشرف للاستفادة من آرائه وتوجيهاته العلمية في تقييم تلك النصوص. وقد شارك مرعي سعيد القرني في هذا المنتدى وقال: ان الحضور المتزايد من ثاني يوم لهذه الدورة يدل على الوعي الموجود لدى هؤلاء الشباب الحريصين كل الحرص على الفائدة رغم انها غير معلنة بشكل ايجابي اما من الجانب الشخصي فلي اهتمامات شعرية ومشكلتي تنحصر في قضية الوزن وقد اوضحت لنا الدورة رغم زمنها القصير اوضحت اشياء كثيرة. وقد تحدث لنا ايمن احمد قطامش السوري الجنسية وقال ان اهتماماته الشعرية بدأت مبكرة منذ ان كان عمره 16 سنة «الا انني احتفظ بقصائدي القديمة واهتم بسماع الشعر عبر الكاسيت المسموع لأمثال: الامير خالد الفيصل والامير بدر بن عبد المحسن. واميل الى الاستماع للشاعر المظفر النواب والجواهري وكريم العراقي وقد استفدت من هذه الدورة التي تشمل السعوديين وغير السعوديين وكان اللقاء جيدا وقرأ علينا نموذجا من اشعاره: قصيدة «الوداع»: قالت: هذا ما شاء قدري وقدرك. ولا مفر لنا من الاقدار.. وانتهى كل ما بيني وبينك.. وآخر ما عندي قولة لك.. آن وقت الوداع.. قلت: كيف لك ان تبدئي الرواية ولا تنهيها.. والنيران التي بأحشائي من يطفئها.. وكلمتك جاءت بصدري.. كالرماح وجروح من بعدك من يداويها.. قالت: مصيري الأيام ان تنسيك أو انسان من بعدي تداويك وأمحو كل ذكرى جمعت بيننا وهذه الوُصى فيك قلت: ما دامت هانت عليك العشرة. من بعد ذاك الحب والحنين وهان عليك الفراق.. فلا ارى انه سيهمك حالي.. بما ستحرق بي السنين قالت: لأنني احببتك بكيتك ولأنني احببتك ودعتك وآخر ما عندي المعذرة.. آن وقت الوداع ذهبت وتركت قلبي للكلاب والجياع.. وقد التقينا مع هيثم فاروق السيد الذي اشاد المشرف العام على الدورة بموهبته وقال: ان بداياتي للنشر كانت منذ 1418ه - 1988م وقد سبق ان نشرت في الصحافة السعودية، وشاركت في اذاعة الرياض وقال عن هذا الدورة. اعتقد انها كانت بداية الطريق الذي عدت لأتوقف عنده قبل ان انطلق مجددا بشكل أكثر ادراكا ووعيا، فقد وضعتنا في اطار الابداع الصحيح ليكون في اعتبارنا دائما كلما حاولنا رسم ملامحه وتخيل جمالياته. كنت انتظر منها الكثير، لكنها أفادتني بأكثر مما انتظرت وتوقعت واجابت عن كثير من اسئلتي حتى قبل ان اطرحها. أما الأهم بالنسبة لي فهو انني وجدت في هذه الدورة الفرصة الأنسب لعرض نتاجي الشعري من ثم ودراسته ونقده في ظل وجود الخبرة الأدبية والرأي المنصف، وهذا ما أتمنى ان يزيدني فائدة وقدرة على تلمس الابداع في نصوصي القادمة. كان اسمها «دورة الشعر» وقد اختزلت على قلة مدتها كثيرا من مضامين موضوع متفرع وواسع لا حد فيه للدراسة والنقاش. وقد امضينا فيها وقتا مفيدا بين شكل القصائد ومضمونها بين بحورها وعروضها وتفعيلاتها، كانت دورة جميلة لكن أجمل ما فيها هو احتضانها لبدايات عطاء واعدة وتشجيعها لتعابير يراودها الابداع. وختم هيثم قوله بالشكر الجزيل لأسرة النادي الأدبي بالرياض وللدكتور عبد العزيز السبيل على هذا الجهد الرائع كما بعث بتحيته الخالصة للأستاذ الفاضل ماجد الحجيلان «الاعلامي المعروف» وقال عنه انه اول من عَرّفني على الموهبة الأدبية.. وقرأ هيثم علينا نماذج من أشعاره. قصيدة «هونها»: هونها.. فأنا أعلم قدر العشق بداخلك.. وأدرك انك لا تملك ان تكتم بوح عواطفك. ولكن هونها.. هونها.. يا صدر فحبك اكبر.. وأعظم من ان تطويه صفحات الذكرى. هونها، فالأحرى.. ان تملأ بشعاعه ليل وداعه.. وتسطر من حزن غيابه أبيات البشرى. هونها.. فالبعد القادم لن يطفىء وهج الأشواق.. ولقاء خواطرنا المملوءة ودا. أبدا لن يعبأ بفراق.. هونها.. ما دام بأنفاسك أمل بلقاء.. ما دمت تبادل تذكار الأمس وفاء بوفاء.. فاكتب أبيات حنينك كيف تشاء.. ودع الأشعار تحول هم بعادك.. فيض عطاء.. وقد التقت ثقافة الجزيرة بالمشرف العام على ندوة الشعر الدكتور عبد العزيز السبيل الذي قال: كان النادي حريصاً على اقامة مثل هذه الدورات من منطلق حرص النادي على الاهتمام بأولئك الذين بدأوا خطواتهم على الطريق لكن يحتاجون الى نوع من التوجيه في أي فن من الفنون الأدبية التي يتجهون اليها. كانت الفكرة الاولى هي البدء بما يجدر ان يبدأ به وهو الشعر باعتبار ان فن الشعر هو الفن العربي الأول وحرص النادي على ان يبدأ في الصيف ربما لوجود المتسع لدى كثير من الاشخاص ولكي نرى الى اي مدى يمكن ان نقوم بتقييم التجربة على اعتبار انه سيتم تكرارها في المستقبل.. الدورة «دورة الشعر» تقوم على اعطاء المشتركين فيها الخطوط العريضة لكتابة الشعر نحن ندرك ان كتابة الشعر تقوم على الموهبة اولا ولكن الموهبة تحتاج الى مزيد من الصقل ويحتاج الشخص ان يكون عالما بالايقاع، بالقواعد النحوية الاساسية، كيف يُكوِّن الصور الشعرية، كيف يكون الجملة، كيف يتذوق القصيدة.. فهذه جزيئات اساسية نشعر بأنه من المهم للدارس ان يعرفها لكي ينطلق في تجربته الشعرية ويتم أيضا اضافة الى ذلك وهذا جزء من الدورة، قراءة مجموعة من النصوص التي كتبها اولئك الذين شاركوا في الدورة والحديث على جوانبها سلبا وايجابا وتحويل بعض النصوص في الواقع من نصوص شعرية الى نصوص أدبية ذات طابع أدبي لكنها لا تدخل ضمن اطار الشعر وانما تدخل ربما ضمن اطار كتابة المقالة او الخاطرة او غير ذلك.. و«دورة الشعر» تجربة اولى نرجو ان تكون قد آتت أكلها. أما عن دورة القصة التي ستبدأ في مطلع الشهر القادم فقد قال الدكتور عبد العزيز السبيل عنها: ستسير الدورة على نفس المنوال مع الفارق اننا هنا أمام فن آخر سنتحدث عن اعطاء لمحة تاريخية لهذا الفن والوقوف على التقنيات القصصية والكتابية والوقوف عند نماذج لبعض الكتاب والوقوف أيضا على النصوص القصصية التي يكتبها هؤلاء المشاركون.