حمدين الشحات صديقي الذي لم التق به فهو صديق الحرف والكلمة والهم الكتابي على ظهر الصفحة العزيزة «عزيزتي الجزيرة» منذ سنوات خلت وأنا أعتز بكتاباته وأطروحاته في الجزيرة والوطن وفي تجارة الرياض وفي غيرها من الصحف وجميل ان نتفق وجميل -أيضاً- أن نختلف فأنا أؤمن بأهمية ان تبقى الصحافة صاحبة إثارة متزنة من خلال نقاشاتها يصل متذوقوها الى النور والصواب كصحافة زمان. ولكن لم يرق لي حمدين في كتابته التي حملت عنوان «متى يحترم الكتّاب الكتبة والقراء؟». فمضمون المقال لم يكن يحمل صورة النقد بقدر ما حمّله حمدين «الانتقاد» فقد أخذ على الكاتب والقاص الاستاذ تركي العسيري بأنه اعاد الكتابة في موضوع «خيط النسل».. عبر صحيفة الوطن وهو نفس الموضوع الذي سبق له طرحه في الجزيرة قبل عامين أو أنه استقى منه مع شيء من الاختصار. وتعليقاً على صديقي حمدين أقول: شيء عظيم ان يكون لديك ارشيف صحافي سمح لك بالعودة لمقالات سابقة كتبتها او علقت عليها او قصاصات لمقالات راقت لك فجمعتها وانا أحييك على هذا الأسلوب ولكن اسمح لي يا أبا محمد ان اقول لك وماذا يعيب الكاتب او الكتبة القراء مثلي اذا عاد او عادوا الى فتح موضوعات سابقة فكتبوا منها او لخصوها أو أعادوا نشرها في صحيفة ربما ان الصحيفة الأولى لم تخدم نشر الموضوع بشكل جيد وانت خير من يعلم بالأغلاط المطبعية التي تحتويها كل صحيفة وتعلم بمزاجية المحرر او المشرف على الصفحة والذي قد يعمل على شطب كلمات او جمل او سطور شطبها لأنه يرى ذلك بينما شطْبها قد يعكس رأياً آخر خلافاً لما طرحته أضف الى ذلك يا حمدين بأن سقوط حرف او كلمة او جملة قد يشل المعنى وقد يقلب القاعدة النحوية رأساً على عقب والملام لن يلحق سوى الكاتب، فالموضوع يا سيدي ليس موضوع «نضوب فكر كاتب» فمن كان همه الكتابة والقراءة ويعيش بين حفيف اوراق الكتب وصرير الأقلام فلن ينضب عقله ولن تجف أفكاره لذا فمسألة الاعتزال قد نسمع بها في كل ميدان ومجال إلا في ميدان الثقافة يظل المثقف حيّاً بأفكاره وأطروحاته ومعطياته حتى يغمض الردى جفنه او يوهن المرض جسمه، وانا لا أدافع عن تركي العسيري فهو قامة سامقة من الشباب المثقف وهو قادر على ان يدافع عن نفسه لو أراد ذلك ولكن أردت ان اقول يا حمدين انظر الى بعض الكتّاب وأنا أقولها ومؤمن بما أقول من منطلق ان لا أحد فوق النقد.. كثير من الكتّاب تحزن لطرحهم وتأسف على الزوايا التي مُنحت لهم فسخروها لطرح أفكار تتعارض مع الفطرة وتتنافى مع الدين وجعلوها لسرد قصص حياتهم وهمومهم الشخصية ولجأوا الى موضوعات محسوم فيها الخلاف ولكن الحظ ساق اليهم فرصة الكتابة فسوروها للمدح والثناء وملؤوها بأي كلام وعمد البعض الى الكتابة الرمزية التي لا تفهم منها شيئاً ولا تعلم ماذا كان يريد الكاتب من ورائها وكثيرون استهلكوا أنفسهم فباتوا يرددون ما تم طرحه من قبل او يسردون لنا غرامياتهم او السخرية من الآخرين، فهوّن عليك يا صاح وليكن هدفك النقد البنّاء لا الانتقاد الهدام.