سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صناعة التعدين في المملكة العربية السعودية استراتيجية تعدين معادن الأرض واستراتيجية تعدين معادن الرجال
صناعة التعدين وصناعة مقاولي واستشاريي التعدين «القطاع الخاص»
الحلقة الثانية
عند الحديث عن الوظائف الأساسية المطلوبة في صناعة التعدين مثل وظيفة مهندس تعدين ومهندس معادن وجيولوجي.. وضرورة إيجاد كوادر وطنية مؤهلة لشغل هذه الوظائف فإنه يجب الحديث عن القطاعات الخاصة التى يجب أن تحتوي هذه الكوادر وتوظفها التوظيف الأمثل في صناعة التعدين السعودية، هذه القطاعات تشمل قطاع مقاولي أعمال التعدين، وقطاع استشاريي التعدين، فما المقصود بمقاولي أعمال التعدين و لماذا نحتاج إلى هذا النوع من المقاولين؟ المقصود بمقاولي أعمال التعدين هم مقاولون متخصصون في جزئية محددة من أعمال التعدين، فهناك مثلا مقاول متخصص في التفجيروالحفر، وآخر متخصص في نقل المواد داخل الانفاق وداخل المنجم، ومقاول متخصص في مجال استخلاص المعادن من الحجر الخام وهكذا. ومقاولو أعمال تعدين ليسوا شركات تعدين كبيرة متشعبة بل هم مقاولون يتم التعاقد معهم من الباطن لتنفيذ مهام وبنود محددة، تخصص المقاول يساعده في التركيز لكسب الخبرة، والتركيز في تنفيذ المهام على الوجه المطلوب، التركيز في فهم آليات المهمة المطلوبة وتطويرها، التركيز في تنظيم عمله الإداري، خصوصا وأن عمليات التعدين عمليات معقدة وصعبة في كثير من الأحيان، هذه الخطوة تجعل من أمر توظيف الطاقات الوظيفية والكوادر السعودية أمرا ميسرا لصناعة تعدين حقيقية. وما ذكرت بخصوص مقاولي أعمال التعدين ينطبق على ضرورة صنع ودعم استشاريين متخصصين في مثل الأعمال المطلوبة لصناعة التعدين، بحيث يكون هناك خبرة فنية متخصصة يمكنها تقديم الدعم الفني اللازم لشركات التعدين ومقاولي التعدين للتغلب على المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة والعملية من واقع خبرات تلك المكاتب الاستشارية، والواقع أن إنشاء ودعم قطاع خاص يحتوي على مقاولين لعمليات التعدين ومكاتب استشارية متخصصة في مشاكل التعدين يعتبر استراتيجية مهمة في صناعة التعدين، وهى استراتيجية تحتاج إلى تقييم الوضع لدينا وهل هناك حاجة أم أن عمليات التعدين يمكن أن تتم من قبل شركات التعدين الكبرى دون الحاجة لطلب تخصص مقاولين في هذه الأعمال، على أي حال هذا نفق غير معروف الأبعاد والتوجه، لكنه نفق مهم يقود إلى نفق استراتيجي كبير ومتشعب، وهو نفق استراتيجيات التعدين و ما يفهمه مسؤولو شركة معادن عن الاستراتيجيات، وما يجب أن تكون عليه الاستراتيجيات الحقيقية، استراتيجية التعدين واستراتيجية الدولة يقول الخبر المنشور في جريدة الرياض بتاريخ 11 محرم 1422ه، العدد 11973، السنة 38: «و بين رئيس معادن أن استراتيجية الدولة التى تم تحقيقها حتى الآن في قطاع التعدين تمثلت في التالي»: 1- تغيير نظام التعدين الحالي. 2- إنشاء الهيئة الجيولوجية السعودية. 3- إنشاء شركة معادن «حسنا» ما ذكر أعلاه هو ما يراه مسؤولو معادن عن استراتيجيات التعدين. وهو كلام له ما له وعليه ما عليه من مآخذ واستدراكات، فما هي هذه المآخذ على فهم الاستراتيجيات على هذا النحو؟ وما هي الاستدراكات المطلوبة؟ أولاً- هل ما ورد أعلاه من أن تغيير نظام التعدين الحالي هو استراتيجية حقيقة؟! إن تغيير نظام التعدين أو أي نظام آخر هو تكتيك مرحلي، ولا يعني أن ذلك سيكون أول أو آخر تغيير، الاستراتيجيات ثوابت يأتي تحتها أهداف محددة، والاستراتيجيا ت كما هو معروف تحتاج إلى سياسات و تكتيكات لتحقيق الأهداف الرئيسية للاستراتيجيات. ثانياً - هل انشاء الهيئة الجيولوجية السعودية هو استراتيجية مهمة في صناعة التعدين؟ ليس هناك شك أن انشاء الهيئة الجيولوجية السعودية يعتبر أمرا مهما خصوصا على ضوء المهام المذكورة سابقا للجيولوجيين، والهيئة الجيولوجية لها مهام أخرى لا يجب أن تكون مقصورة على التعدين فقط، يجب أن يكون لها مهام في مجال الطرق أيضاً خصوصا في المناطق الجبلية الوعرة، أو ذات الخصائص الجيولوجية المعقدة التى تحتاج إلى خبرة جيولوجي متمرس لمعرفة طبيعة حركة الطبقات الأرضية، للهيئة أيضاً دور في مجال الزراعة، و لها دور في مجال استخراج البترول كما هو معروف، واذا كان الحديث الآن عن صناعة التعدين واستراتيجيتها، فكان من الأجدى إنشاء هيئة وطنية للتعدين حسب مفهوم التعدين لدي مهندسي التعدين الحقيقيين، وحسب المهام المشروحة مسبقا لمهندسي التعدين، الجيولوجيا مهمة في مرحلة الاستكشاف وفي مرحلة استخراج الخام من الأرض لتزويد مهندسي التعدين بالمعلومات الجيولوجية الضرورية، إلا أن عمليات الاستخراج وتصميم نوع المنجم المطلوب وما يتعلق بذك من نواح هندسية وإدارية مهمة وضرورية هي من أساسيات عمل مهندس التعدين ومدى كفاءته وخبرته وقدرته الفنية والادارية لإنشاء وتشغيل مناجم ناجحة، وكان من الأجدى إنشاء هيئة سعودية لمهندسي التعدين تتناسب مع المهام والدور المطلوب من مهندسي التعدين في هذه المرحلة المهمة من صناعة التعدين. ثالثاً- هل إنشاء شركة معادن يعتبر استراتيجية تخدم صناعة التعدين لدينا؟ يقول خبر منشور: انشئت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) بهدف تطوير صناعة التعدين بالمملكة واستغلال الثروات المعدنية الكامنة في المملكة، وتسعى الشركة لاستقطاب وتدريب القوى العاملة السعودية واستخدام وتوطين التقنية الملائمة للمساهمة في التنمية الوطنية.. سؤال يطرح نفسه عند قراءة هذا الخبر وهو: كم عدد مهندسي التعدين العاملين بالشركة، وما هي نسبتهم إلى مهندسي التعدين غير السعوديين العاملين بالشركة، وما هو دور شركة معادن في استقطاب جميع مهندسي التعدين بالمملكة في قطاعاتنا الأخرى؟إذا كان عدد مهندسي التعدين غير السعوديين يفوق بمراحل عدد مهندسي التعدين السعوديين فإن تحقيق شركة معادن للربح المادي غير مجد من وجهة نظر المواطن السعودي. وإذا كان الدور الرئيسي لقيام هذه الشركة هو القيام بعمليات تعدين ناجحة من الناحية الاقتصادية فقط، وهو ما يركز عليه مسؤولو الشركة وما تدل عليه تصاريحهم الدائمة، فإن توظيف مهندسي تعدين غير سعوديين يقلل تكاليف التوظيف بلا شك، ولكن هل هذا ما نريد لصناعة وطنية كبيرة، قيام صناعة للتعدين لدينا لا يستفيد منها كل متخصص سعودي يعتبر إضاعة لثروة مهمة، الغريب أن شركة معادن عندما احتاجت إلى مهندسي تعدين بعد تأسيسها اتجهت للتعاقد مع مهندسي تعدين من دولة تركيا، ولم توفق الشركة في التعاقد معهم وذلك لأنهم لا يتحدثون سوى اللغة التركية فقط مما اضطر الشركة للاتجاه إلى دولة الفلبين والتعاقد مع بعض مهندسي التعدين لسد حاجة شركة معادن لهذا التخصص!!.. ورد في خبر صحفي نشر في جريدة الجزيرة بتاريخ 6 ربيع الآخر 1423 ه، العدد 80854: «تبنت الشركة السعودية للمعادن النفيسة منذ فترة طويلة برنامجا طموحا للسعودة مع التركيز على المتدربين الفنيين في إدارات التعدين والتشغيل والصيانة والاستكشاف، وتبلغ نسبة السعوديين حاليا 34 % من إجمالي العاملين»، هذه النسبة تجعلنى أتساءل: إذا كانت هذه الدولة قد قامت منذ أكثر من 100 سنة ورغم ما في هذه السنين من عمل وبرامج تعليمية وتخطيط فكيف ينتهي بنا الحال في صناعة التعدين التى بدأت منذ ما يقرب من 20 سنة إلى نسبة لا تتجاوز 34%. ورد في خبر صحفي ما يلي: «إن هذه الاستثمارات ستوفر أكثر من 5000 وظيفة للسعوديين خلال عقد من الزمان»، هذا الخبر يجعلنا نتساءل: هل هناك عدد كاف من المهندسين السعوديين لسد حاجة معادن التي ستحتاج الى عدد كبير من مهندسي التعدين من ضمن هذا 5000 وظيفة خلال خمس سنوات، وخصوصا وأن ايجاد مهندس تعدين يحتاج إلى خمس سنوات دراسة بالإضافة إلى ما لا يقل عن خمس عشرة سنة من الخبرة المتواصلة في مهام محددة، وكيف يمكن تحقيق ذلك؟! يقول الخبر المنشور: وحول دور شركة معادن في النظام الجديد قال رئيس معادن: إننا لا نمثل الدولة، فقط رئيس مجلس إدارة معادن هو وزير البترول والثروة المعدنية، إذن ما هو دور شركة معادن، وما هو دور وكالة الثروة المعدنية في وزارة البترول والثروة المعدنية؟! هل هناك تكامل في الأدوار أم أن هناك خلطاً في مهامهما يجعل مسؤولية رسم السياسة التعدينية أمرا مفقودا، هل لشركة معادن تأثير على اتخاذ القرار كأحد أدوار هذه الشركة؟ وإذا كانت شركة معادن لا تمثل الدولة، فهل يتحدث رئيس شركة معادن عن استراتيجية التعدين بصفته مسؤولا عن صنع استراتيجية التعدين أو بصفته مسؤولا عن ربحية شركة معادن؟!! هناك خلط في فهم المسؤولين لادوارهم الحقيقية. وإذا كانت شركة معادن لا تمثل الدولة فقط رئيس مجلس إدارة معادن هو وزير البترول والثروة المعدنية فما هو دور وزارة البترول والثروة المعدنية ودور وزيرها في صناعة التعدين لدينا، و هل يستطيع وزير البترول وضع استراتيجية للتعدين؟! أم أن الأمر منوط بجهات أخرى مجهولة، وعن دور شركة معادن في دعم القطاع الخاص. ذكر الأستاذ عبدالعزيز عمران العمران مدير عام شركة التعدين الوطنية المحدودة وهي أحد شركات القطاع الخاص في مقابلة معه أجرتها جريدة المدينة في العدد (13941) بتاريخ 3 ربيع الآخر 1422ه، في رده على سؤال جريدة المدينة الذى يقول: هل تعتقد أن إنشاء شركة معادن سيرفع من نشاط القطاع الخاص في مجال التعدين؟ كان جواب الأستاذ العمران ما يلي: لا بالعكس من وجهة نظرى أعتقد أن إنشاء شركة معادن على العكس تماما من توجه الدولة نحو خصخصة الكثير من المشروعات الاقتصادية ودعم القطاع الخاص وإفساح المجال له للدخول في المشاريع التعدينية وعندما سألت جريدة المدينة السؤال التالي: «شركة معادن حتى الآن لا زالت لديها مشروعات كانت قائمة قبل تأسيسها فهل تعتقد أن هذا الدور الذى تقوم به يكفي بوصفها شركة كبرى في مجال التعدين»، يقول أيضاً الأستاذ/ عبدالعزيز العمران في إجابته: «لا أعتقد أن هذا دور حيوي في مجال التعدين حتى الآن فشركة معادن لم تباشر حتى الآن في أي مشروع جديد ما عدا المشاريع التى كانت قائمة منذ ادارة المؤسسة العامة للبترول والمعادن (بترومين).. والتحدى الأكبر لمعادن هو أن تقوم بمشاريع كبرى واعدة في مجال التعدين ولها عوائد جيدة على الاقتصاد الوطني وعلى التنمية الشاملة في المملكة مثل مشروع فوسفات الجلاميد، ولكن لا يبدو أن معادن ستتمكن من تطوير هذا المشروع التعديني الواعد قريبا»، انتهى الكلام عن شركة معادن بحقيقة واحدة هي أن الدور الحقيقي لصناعة التعدين لدينا ما زال دورا يجهل من يجب أن يقوم به، وهو دور مضاع بين عدة جهات. استراتيجية التعدين واستراتيجية القروض الميسرة امتدادا لما يظنه مسؤولو معادن استراتيجية لصناعة التعدين لدينا، فقد كشف رئيس معادن بأن استراتيجية التعدين الجديدة ستقوم بإنشاء صندوق لمنح قروض ميسرة لمشاريع التعدين شبيه بصندوق الاستثمارات العامة. والسؤال الآن: هل تقديم قروض ميسرة أو غير ميسرة هو الخطوة الأساسية الأولى نحو صناعة للتعدين ناجحة، أم يجب أن يسبق ذلك وجود بنية اساسية بشرية كافية ومدربة ومؤهلة لاستثمار هذه القروض على الوجه الأكمل لنجاح صناعة التعدين لدينا، خصوصا وأن رئيس معادن يقول في الخبر المنشور: «أن المناخ الاستثماري لقطاع التعدين في المملكة يفتقر للتجهيزات الأساسية في مناطق عديدة على عكس تجربة سابك في الجبيل وينبع ومشاركة الشركات الأجنبية». ويقول مدير عام شركة التعدين الوطنية المحدودة الأستاذ عبدالعزيز العمران عندما سألته جريدة المدينة عن كيفية تمويل مشروع وادي الصواوين: قدرت الدراسات الاولية حجم الاستثمار الذى سيضخ في هذا المشروع بحوالى 300 مليون دولار أمريكي وسيتم تمويل 100 مليون دولار منها من خلال الشركاء في شركة التعدين الوطنية، فيما يتم تمويل نحو 100 مليون دولار من صندوق التنمية الصناعية، و100 مليون دولار من البنوك المحلية. والسؤال المتكرر هو: كيف سيقوم صندوق التنمية الصناعية والبنوك المحلية بتمويل مشاريع تعدين وهي تدرك قلة خبرة الشركات الوطنية في هذا المجال، مع هروب الشركات العالمية من الدخول كشريك في هذه المشاريع الكبيرة لأسباب تجعل البنوك المحلية تتخوف من تمويل تلك المشاريع أيضاً، حسنا، هذا هو نفق استراتيجية صناعة التعدين حسب مفهوم مسؤولي شركة معادن، وهو نفق يجبرنا على الحديث عن نفق مهم لقضايا مهمة تحتاج إلى استراتيجيات من قبل الدولة لمواجهة قضايا الصناعة بشكل عام، وصناعة التعدين بشكل خاص لدينا، وتجاوز معوقاتها، فما هي هذه القضايا؟ اقتصاد التعدين و مبادئ إستراتيجيات الدولة يقول رئيس معادن في خبر صحفي منشور:إن دراسات الجدوى لمشروع الآمار قامت على أساس 310 دولار للأونصة ولكن في الوقت الحاضر انخفضت الأسعار إلى 252 دولار للأونصة فأصبح المنجم غير مجد ورغم ذلك سنقوم خلال ثلاثة أشهر بدراسة نهائية حول مدى إمكانية الاستفادة منه ايجابيا. سؤال اقتصادي مهم يفيد القارئ العادي وهو: متى يكون مشروع التعدين مجديا اقتصاديا من عدمه؟ للإجابة على هذا السؤال وإيضاح الأمر للقارئ غير المتخصص فإن هناك ما يعرف اقتصاديا باسم القيمة الفاصلة بين الربح والخسارة« CUT OFF VALUE»، هذه القيمة الفاصلة بين الربح والخسارة هي معيار تحقيق الربح من المشروع أو عدم تحقيق الربح ، فمثلا إذا كانت تكاليف تعدين معدن الذهب تصل إلى 300 دولار للأونصة و سعر بيع الذهب يصل إلى 300 دولار للأونصة فإن الربح المادي المتحقق من عملية التعدين هو الفرق بين الرقمين أي ببساطة شديدة فإن الربح في هذه الحالة هو الرقم صفر. أي أنه ليس هناك ربح وليس هناك خسارة مالية، إما إذا كان سعر البيع أعلى من كلفة الإنتاج فإن هناك ربحا ماليا وهو الفرق بين الرقمين، هذه نظرة اقتصادية تقليدية معروفة، فكيف يجب أن تنظر اقتصاديات الدولة لمشاريعها.؟ قبل الحديث عن اقتصاديات الدولة يجب أن نسأل السؤال التالي: من يأتي أولا الربح المادي أم الربح البشري؟ المقصود من كلمة الربح البشري في هذا السؤال هو الربح البشري الاقتصادي والربح البشري السياسي، والربح البشري الاجتماعي، والربح البشري الثقافي إلى آخره، فإذا كان الأساس هو الربح البشري، الربح المتحقق للإنسان السعودي بشكل عام، فإن معيار القيمة الفاصلة بين الربح والخسارة من الناحية المادية يعتبر معيارا اقتصاديا ينظر بعين واحدة، بينما يجب أن تركز استراتيجيات الدولة العامة على استخدام أكثر من قيمة فاصلة لتحديد الجدوى من مشاريعها، فهناك بالإضافة إلى القيمة الفاصلة الاقتصادية، القيمة الفاصلة الاجتماعية، وهناك القيمة الفاصلة السياسية . وهناك القيمة الفاصلة الفنية، والقيمة الفاصلة الثقافية والحضارية، أي أنه من وجهة نظر استراتيجيات الدولة، فإنه لقيام مشروع ما يجب أن يتجاوز ذلك المشروع القيمة الفاصلة الاقتصادية لزيادة دخل الدولة، والقيمة الفاصلة السياسية لخدمة الإستراتيجية السياسية للدولة، والقيمة الفاصلة الاجتماعية لخدمة المواطن اجتماعيا، والقيمة الفاصلة الدينية لخدمة الدين. إلى آخره من قيم فاصلة مهمة. يقول الأستاذ العمران في نفس المقابلة المذكورة: «.. أعتقد أن نظام التعدين الجديد الذى سيصدر قريبا كما علمت عن بعض مواده يعتبر جيدا لا سيما وأن هناك اتجاها لخفض نسبة الربح التي ستحصل عليها الدولة من المستثمرين من 50 % في السابق إلى 30 % - كحد أعلى - وهذه خطوة ممتازة لتحفيز المستثمرين على الدخول في مجال التعدين واستغلال الثروات المعدنية ..»، هذا القول يجعلني أطرح السؤال التالي على ضوء ما ذكرت: لماذا يجب على الدولة أن تخفض نسبة الربح التي تتحصل عليها من عمليات استغلال الثروات المعدنية ؟ السؤال بطريقة أخرى، ماهو هدف اقتصاديات الدولة جمعاء؟ الجواب يجب أن يكون أن الهدف هو تحقيق الربح بجميع أشكاله ومعاييره التي ذكرت. إذن إذا قامت الدولة بالتنازل عن نسبة 20 % من أرباحها يجب أن يكون ذلك في مقابل دعم أكبر عدد ممكن من المواطنين، أي إذا كانت الشركة صاحبة الامتياز يعمل بها 100 % مواطنون سعوديون فإن ذلك يوجب دعم هذه الشركة، أما إذا كانت الشركة مملوكة لعدد محدود من المواطنين وليس لها دور في توظيف المواطنين وخلق وظائف التعدين السعودية، أو دور في دعم سياسة الدولة وتقديم حلول سياسية لمشاكل في السياسة، أو دور في دعم الأنشطة الخيرية مثلا، أو دور في دعم أنشطة الدعوة إلى الله، أو دور في دعم مشاريع ثقافية كبيرة، إلى آخره، فإن ذلك يجب أن لا يلزم الدولة بخفض نسبة ربحها، ولتبقى المعادن في أرضنا إلى أن يأتي ذلك اليوم الذى تكون فيه الأيدي سعودية 100%.. وعندها فقط يمكن النظر بمعيار القيمة الفاصلة الاقتصادية فقط في تقييمنا لمشاريعنا وصناعاتنا، إذن، إذا كان المواطن هو من يجب ان يكون الربح الإستراتيجي لصناعة التعدين، فما هي المعادن الاستراتيجية المحققة لنجاح اقتصادي لصناعة التعدين ، هذا يقودنا إلى نفق المعادن الإستراتيجية. يتبع