تلك هي المعادن.سر ما حدث بين السماء والأرض يوم أن استوى الله عز وجل إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين. ذلك هو ذهب المعادن، معدن النقود، زين المعادن، بكل ما في لمعان الذهب من شهوة، تلك هي فضة المعادن، بيضة المعادن، بكل مافي بياض الفضة من شهوة، ذلك هو حديد المعادن، معدن النار، معدن القوة والبأس الشديد، بكل ما في القوة و البأس الشديد من شهوة، وإذا كانت لمعادن الأرض أسرارها، فإن لمعادن الرجال أسرارها أيضاً بكل ما احتوى معادن الرجال من معادن الأرض وأسرارها، إذن هذه نوبة من نوبات شهوة قراءة الأرقام تعودني مرة أخرى على غفلة مني، لتفجر داخلي شهواتي السبع في آن واحد للقراءة والتفكير في سر معادن الأرض وسر معادن الرجال. ولقراءة أرقام تعدين معادن أرضنا وقراءة تعدين معادن رجالنا، وقراءة واقع صناعة التعدين لدينا بكل أشكاله السياسية والادارية، والاقتصادية، والاجتماعية، وبكل انفاقه المفتوحة والمغلقة الضيقة والواسعة، المنهارة و السليمة، المسدودة والسالكة، بكل آفاقه التى تنفتح وتنغلق على بعضها البعض، شمرت عن ساعدي، ثم التقطت معولي ومسحاتي وبدأت الحفر والتنقيب في صناعة التعدين بعد أن توكلت على الله و بدأت بسم الله الرحمن الرحيم. أرقام وأخبار التعدين يقول خبر صحفي نشر في جريدة الجزيرة بتاريخ 10 رمضان 1422ه، العدد 10650: «جدير بالذكر أن المعادن في أكثر من 1282 موقعا في المملكة، ومن بين هذه المواقع الآمار والحجار وحمضة ومهد الذهب والصخيبرات والسوق والحجر والزرايب وبئر طويلة والسهام وحجلان ومرجا وأم الحديد وغيرها من المواقع إضافة إلى معادن الأساس وهي النحاس والزنك والرصاص التي تمعدنت في الصخور الرسوبية التابعة لعصر الميوسين على شاطئ البحر الأحمر، ومن أبرز مناجم هذه المعادن ضيلان ووادي أظلم وجبل مسير وهناك معادن أخرى مثل معادن القصدير والتنجستن التي ترتكز مواقعها في الأجزاء الشمالية الغربية والشرقية من الدرع العربي إضافة إلى معادن الألمونيوم والحديد والكروم والمليبديوم والمنجنيز والنيكل والتيتانيوم واليورانيوم، كما تحتضن اراضي المملكة المعادن الفلزية التى من أهمها الباريت والفلوريت والمنجنيز والملح والكبريت والجبس والانهدريك والبتونيت والفحم والجرافيت والحجر الجيري وأحجار البناء والفوسفات.. «ويقول خبر صحفي آخر نشر في جريدة الرياض بتاريخ 20 محرم 1422ه.العدد 11982، السنة 38: «اكتشفت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) 400 مليون طن من خام الفوسفات في شمال المملكة على مساحة 18 كيلو متراً مربعا. ويقول خبر آخر نشر في جريدة الرياض بتاريخ 27 من ذي الحجة، العدد 11959، السنة 37: «بدأت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) التشغيل التجريبي لمنجم الحجار بمحافظة بيشة بمنطقة عسيرجنوب المملكة العربية السعودية، وستنتهي أعمال التشغيل التجريبي خلال الأسابيع القليلة القادمة ليبدأ المنجم ضخ 700 ألف طن من الخام سنويا كأحد روافد الاقتصاد السعودي المتين، منجم الحجار يختزن 3 ملايين و150 ألف طن من الذهب وبتركيز 28 ،3 جرام من الذهب بالطن و 38 جراما من الفضة بالطن ويبلغ عمر المنجم المؤكد 5 سنوات. ويقول خبر صحفي آخر عنوانه (معادن تستثمر 11 مليارا في 5 سنوات): «شركة التعدين العربية السعودية (معادن) تخطط خلال الثلاث أو الخمس السنوات القادمة إلى استثمار أكثر من 11 مليارا في المصادر المعدنية بالمملكة، وذلك من خلال ثلاثة محاور رئيسية وهي الاستثمارات المباشرة والاستثمارات المشتركة والخصخصة»، هذا هو النفق الأول للحديث عن صناعة التعدين، وهو نفق يحتوي على بعض الأرقام و بعض الأخبار التى يجب النظر فيها وتأملها للوصول إلى حقائق واقع صناعة التعدين لدينا، والدخول من هذا النفق إلى أنفاق صناعة التعدين الأخرى لفهم ما يجب علينا لخلق صناعة تعدين ناجحة وموفقة لخدمة الإنسان السعودي أولا وأخيرا، ذلك الإنسان الذي هو معدن المعادن ورأس المال الحقيقي لنا، إذن لندخل نفق مفهوم كلمة «تعدين» ومفهوم صناعة التعدين. مفهوم كلمة «تعدين» وصناعة التعدين كلمة تعدين MINING «لها عدة مفاهيم منها أن كلمة تعدين تعني العلم والتقنية والعمل المطلوب لاكتشاف المعادن واستخراجها، مفهوم آخر هو الطريقة المثلى لاستخلاص المعادن النافعة من سطح القشرة الأرضية، مفهوم آخر هو الصناعة التى تزود المجتمع بمتطلباته من المعادن المختلفة، مفهوم آخر هو فن تشغيل المناجم بشكل مربح، هذه مفاهيم مختلفة لكلمة تعدين وردت في قاموس التعدين والمعادن والمصطلحات ذات العلاقة وهو أحد مطبوعات الحكومة الأمريكية؟ مكتب المناجم، وعلى أية حال فإن كلمة التعدين تشمل جميع المفاهيم المذكورة، وسيتم الحديث عنها كصناعة بكل ما لهذه الصناعة من متطلبات وضروريات، عملية التعدين تعنى ببساطة تصميم وإنشاء مناجم لاستخراج خام المعدن من الأرض، ومن ثم فصل هذا المعدن وتنقيته بصورته النهائية، هذه المناجم إما أن تكون مناجم سطحية، مثل حفرة مفتوحة على وجه الأرض، أو أن تكون هذه المناجم تحت سطح الأرض وتشمل أنفاقاً محفورة في باطن الأرض للوصول إلى خام المعدن المطلوب واستخراجه باستخدام أحد أساليب استخراج المعادن من تحت باطن الأرض على أعماق قد تصل أحيانا إلى آلاف الأمتار، وعمليات التعدين ليست مقصورة على المعادن الفلزية الأساسية فقط، بل هناك أيضاً المحاجر التى يستخرج منها مواد البناء مثل الحجر، ورمل السليكا، والأسمنت، بالإضافة إلى مواد الرخام، وهذه المحاجر رغم أهميتها إلا أنها لا تشكل عبئا كبيراً في صناعة التعدين، وإن كان هناك بعض العقبات التى تواجه هذه المحاجر من وقت إلى آخر، وإنشاء وإدارة وتشغيل هذه المناجم بجميع أنواعها تحتاج إلى هيكل وظيفي مثل اي عملية اخرى لإدارة وتوجيه عملياتها على الوجه الأكمل، وهي أيضاً مثل أي صناعة أخرى تمتاز ببعض الإدارات الخاصة بها وبعض المهام الخاصة بها لسير العمل على الوجه المطلوب، فما هو الهيكل الوظيفي لمنجم ما؟ الهيكل الوظيفي لعملية التعدين يحتوى على الإدارات الرئيسية التالية: مجلس إدارة، مدير عام، الإدارة الهندسية العامة، الإدارة العامة للبحوث والدراسات، الإدارة العامة لضبط الجودة، الإدارة العامة للسلامة، الإدارة العامة للعلاقات، الإدارة العامة للمحاسبة، الإدارة العامة للمشتريات، الإدارة العامة لشؤون الموظفين، الإدارة العامة للتخطيط، ثم يأتي تحت هذه الإدارات العامة مجموعة إدارات فنية وإدارية ثم مجموعة أقسام فنية وإدارية، ضمن تسلسل يكاد يكون متشابها مع ما هو موجود في عدة صناعات. والحديث عن الهياكل الوظيفية يحتاج إلى شرح وتطويل إلا أن أهم أنشطة عملية التعدين تتركز في إدارات وأقسام المنجم mine، وتتركز في إدارت وأقسام المصنع أو المعمل mill، أنشطة المنجم هي الأنشطة المتعلقة بجميع عمليات استخراج خام المعدن من الأرض (سواء في التعدين السطحي او تحت السطحي)، وأنشطة المصنع هي جميع الأنشطة المتعلقة بطحن وجرش خام المعدن المستخرج من الأرض، ثم استخلاص المعدن بتركيزات محددة عن طريق عمليات تكرير وتصفية واستخلاص مناسبة حسب طبيعة كل معدن، أي أن هذه الإدارات العامة وما يتفرع منها تعمل لخدمة قطاعين كبيرين مهمين في عملية التعدين، القطاع الأول هو منجم استخراج المعدن الخام بكل مكوناته وعملياته، والقطاع الآخر هو مصنع فصل المعدن عن الصخور والشوائب الأخرى. وبالتالى فإنه يمكن لعملية التعدين أن تكون في جزئها الأول في مكان، ثم ينقل خام المعدن إلى مكان آخر لإكمال الجزء الثاني من عملية التعدين وهو جزء فصل المعدن وتحضيره بصورته النهائية، هذا هو الهيكل الوظيفي بشكل عام لمنجم صغير، وما ذكرت يشبه النفق الذى يضيق ويتوسع حسب الحاجة، وهو نفق ينفتح للحديث عن الوظائف الرئيسية المطلوبة لصناعة التعدين. صناعة التعدين ووظائف التعدين الرئيسية لا يمكن التعرف على حقائق صناعة التعدين دون الحديث عن الوظائف الرئيسية في صناعة التعدين وتعريف هذه الوظائف ومهامها خصوصا وأن هناك جهلا كبيرا من قبل كثير من القراء والمهتمين والمسؤولين بهذه الصناعة، وإذا كانت صناعة التعدين تتركز في عمل قطاعين كبيرين رئيسيين و هما قطاع المنجم وقطاع المصنع، فإن هناك وظائف مهنية رئيسية للقيام بهذه الصناعة، من هذه الوظائف وظيفة مهندس التعدين، وظيفة مهندس المعادن، وظيفة الجيولوجي، وظيفة المهندس الجيولوجي، فما هو تعريف هذه الوظائف ومهامها حسب تصنيف وزارة الخدمة المدنية للوظائف العامة. جاء في تصنيف الوظائف حسب وزارة الخدمة المدنية عن هذه الوظائف ما يلي: وظيفة مهندس التعدين والتعريف الموجز لسسلة هذه الفئة: تشمل هذه السلسلة الوظائف التى تتعلق بالأعمال الإشرافية والتنفيذية في مجال هندسة التعدين واستخراج الخامات الأساسية من المناجم وطرق استغلالها واعداد التقارير وتقديم التوصيات كما تشمل الأعمال الإشرافية على عمليات تركيز الخامات المعدنية، والمشاركة في إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية التى تحدد فيها طرق الاستغلال المناسبة والمعدات والأجهزة المطلوبة لعمليات الاستخراج وعمليات تركيز ومعالجة الخامات والقيام بالأعمال الأخرى ذات العلاقة بهذا المجال. أما ما يخص المعارف والقدرات والمهارات المطلوبة لهذه السلسة فمن أمثلتها: - معرفة الأسس والنظريات والقواعد العلمية المتعلقة بمجال أعمال هندسة التعدين. - معرفة بتطبيق إجراءات وأسلوب تنفيذ العمل في مجال أعمال هندسة التعدين. - معرفة بأنواع الماكينات والآلات والأجهزة المستخدمة في هذا الحقل. - قدرة على تطبيق الأسس والنظريات والقواعد المتعلقة بمجال هندسة التعدين. - قدرة على تطبيق اجراءات واسلوب تنفيذ العمل المتعلق بأعمال هندسة التعدين. - قدرة على إعداد الدراسات والتقارير المتعلقة بهذا المجال. - قدرة على إقامة علاقات عمل فعالة مع الآخرين والمحافظة عليها. - القدرة على تطبيق المعارف أعلاه بمهارة، والحد الأدنى من المؤهل العلمي المطلوب للقيام بهذه المهام هو الدرجة الجامعية في هندسة التعدين (بكالوريوس تعدين). وظيفة مهندس معادن تشتمل هذه السلسلة الوظائف التى تتعلق بأعمال هندسة المعادن من معالجة وتجهيز الخامات الأساسية المستخرجة من المناجم وتصفيتها وتحسين نوعيتها والاشراف على المشاريع في هذا الجانب، وإعداد الدراسات وتقديم التوصيات والقيام بالأعمال الأخرى ذات العلاقة بهذا المجال، أما ما يخص المعارف والقدرات والمهارات المطلوبة لهذه السلسة فمن أمثلتها: - معرفة الأسس والمفاهيم والنظريات المتعلقة بمجال أعمال هندسة المعادن. - معرفة بالقواعد والنظريات العلمية في حقل هندسة المعادن. - معرفة بتطبيق إجراءات وأسلوب تنفيذ العمل في مجال أعمال هندسة التعدين. - معرفة بأنواع الماكينات والآلات والأجهزة المستخدمة في هذا الحقل. - قدرة على تطبيق اجراءات واسلوب تنفيذ العمل المتعلق بأعمال هندسة التعدين. - قدرة على إجراء الدراسات على المعادن و مكوناتها. - قدرة على إقامة علاقات عمل فعالة مع الآخرين والمحافظة عليها. - القدرة على تطبيق المعارف أعلاه بمهارة. والحد الأدنى من المؤهل العلمي المطلوب للقيام بهذه المهام هو الدرجة الجامعية في هندسة المعادن (بكالوريوس معادن)، إذن هناك فرق بين هندسة التعدين وهندسة المعادن، فهندسة التعدين تشمل تدريس المهندس جميع مراحل استكشاف واستخراج المعادن مع الإلمام بشيء من عملية تصنيع المعادن وفي هذه الهندسة يتم التركيز على علم الهندسة المدنية وقوانين ميكانيكا الصخور وتقنياتها مع التعرف على أساسيات علم الجيولوجيا، وبالتالي فإن مهندس التعدين هو مهندس مدني بتطبيقات موجه نحو إنشاء المناجم وتشغيلها، وهو ما يفسر سر تفوق مهندس التعدين في أعمال الهندسة المدنية الأخرى. أما هندسة المعادن فهي دراسة كيفية تصنيع المعادن واستخلاصها من الخام بعد استخراجه من الأرض. وفي هندسة المعادن يتم التركيز على علم الكيمياء بشكل رئيسي ومعرفة خواص المعادن الكيميائية والفيزيائية لتخليصها من الشوائب والمواد الأخرى غير المرغوبة دون تدريس الهندسة المدنية أو الجيولوجيا. وظيفة الجيولوجي تشتمل هذه السلسلة على الوظائف التى تتعلق بأعمال إعداد البحوث والدراسات والتقارير عن طبقات الأرض، واجراء التحاليل الأولية على العينات وتحديد طبيعة الصخور والتربة ومكوناتها والتنقيب في باطنها عن المعادن والبترول والمياه كما تشمل الوظائف التي تتعلق بأعمال المسح والتنقيب الجيولوجي عن الثروات الطبيعية وإعداد البحوث والدراسات والتقارير عن طبقات الأرض وجمع العينات لتحديد طبيعة الصخور والتربة والمعادن ومكوناتها وتحديد الخامات المعدنية وتقديم التوصيات وإبداء الرأي والقيام بالأعمال الأخرى ذات العلاقة بهذا المجال، أما ما يخص المعارف والقدرات والمهارات المطلوبة لهذه السلسة فمن أمثلتها: - معرفة بالمفاهيم والمعلومات المتعلقة بالأعمال الجيولوجية. - معرفة بأسس و نظريات الأعمال الجيولوجية. - معرفة بأساليب وأجهزة البحث والتحليل. - قدرة على إجراء الدراسات واستنباط النتائج. - قدرة على ممارسة الأعمال الجيولوجية. - قدرة على اعداد التقارير. - قدرة على إقامة علاقات عمل فعالة مع الآخرين والمحافظة عليها. - القدرة على تطبيق المعارف أعلاه بمهارة. والحد الأدنى من المؤهل العلمي المطلوب للقيام بهذه المهام هو الدرجة الجامعية في الجيولوجيا أو الجيولوجيا البحرية (بكالوريوس جيولوجيا)، ومما يلاحظ على مهام هذه الوظيفة وطبيعة مناهجها الدراسية أنها لا تشمل دراسة أية مادة هندسية، وهو ما يفصل الجيولوجي عن أن يكون مهندساً بقدرات هندسية تسخر لأغراض هندسية بحتة، وهو ما دعا إلى الحاجة إلى الوظيفة التالية وهي وظيفة المهندس الجيولوجي. مهندس جيولوجي تشتمل هذه السلسلة على الوظائف التى تتعلق بأجراء البحوث والدراسات والتطبيقات الهندسية الجيولوجية لمعرفة الخواص الفيزيائية والميكانيكية للصخور والتربة ورسم الخرائط الجيولوجية الهندسية بغرض الاستفادة من ذلك في المشاريع الهندسية المختلفة فوق وتحت سطح الأرض، وما يتبع ذلك من تصميم ومصادر وخصائص مواد البناء وتوقع وتفسير ما يدل على وقوع الكوارث الطبيعية بعد إنشاء المشاريع وإعداد التقارير وتقديم التوصيات، والقيام بالأعمال الأخرى ذات العلاقة بهذا المجال. أما ما يخص المعارف والقدرات والمهارات المطلوبة لهذه السلسة فمن أمثلتها: - معرفة بالأسس والمفاهيم والنظريات المتعلقة بالهندسة الجيولوجية وتطبيقاتها. - معرفة بالتضاريس الأرضية ومتغيراتها وتقسيماتها وبالخواص الفيزيائية والميكانيكية لجميع المواد الأرضية. - معرفة بأسس وأساليب رسم الخرائط الجيولوجية الهندسية. - معرفة بالأدوات والآلات المستخدمة في الأعمال الجيولوجية الهندسية. - معرفة بإجراءات العمل وتطبيقاته. - قدرة على التحليل والاستنتاج لتوقع ما يدل على المخاطر والكوارث. - قدرة على رسم الخرائط الجيولوجية بالمقاسات المختلفة وقراءتها وتحديد كيفية الاستفادة منها. - قدرة على إعداد الخطط والمواصفات وتقدير التكلفة للمعدات والآلات والمشاريع. - قدرة على إقامة علاقات عمل فعالة مع الآخرين والمحافظة عليها. - القدرة على تطبيق المعارف أعلاه بمهارة. والحد الأدنى من المؤهل العلمي المطلوب للقيام بهذه المهام هو الدرجة الجامعية في الهندسة الجيولوجية أو الجيولوجيا الهندسية (بكالوريوس هندسة جيولوجية). والواقع أنه رغم ما يبدو من تشابه في مهام جميع الوظائف المذكورة أعلاه، إلا أن طبيعة عملية التعدين بها من المهام ما يحتاج إلى معرفة بعلم الأرض وتكوين الطبقات فقط وذلك هو علم الجيولوجيا، وبها من المهام ما يحتاج إلى معرفة بالخصائص الفيزيائية والميكانيكية لحركة طبقات الأرض وتوظيف علم الهندسة لدراسة تلك الحركات وتأثيرها على المنشآت فوق أو تحت الأرض وذلك هو علم الهندسة الجيولوجية، وبها من المهام ما يحتاج إلى معرفة الخواص الكيميائية والفيزيائية للمعادن بعد استخراجها من الأرض، وتطويع ذلك العلم لاستخلاص المعادن من ذهب أو فضة أو غيره بشكلها النهائي، وذلك هو علم هندسة المعادن، ثم تأتي أخيراً هندسة التعدين وهي علم يحتاج صاحبه إلى أن يكون ملما بجميع ما ذكر أعلاه.وقدرته على ربط جميع تلك الأمور وتوظيفها لقيادة وإدارة عملية إنشاء وتشغيل المناجم. ومما يجدر ذكره أن جميع مناجم العالم وشركات التعدين العالمية يتسيدها ويرأسها متخصصون في هندسة التعدين، لأن الأمر في شموله يحتاج إلى عين وبصيرة هندسية شمولية مدربة ونافذة لدقائق الأمور، ولا يمكن لجيولوجي أن يقود شركة تعدين مهما بلغت درجته العملية لقصور مهاراته وحاجته للمهارة الهندسية التى تعتبر هي الأساس في قيادة عمليات تعدين ناجحة وهندسية دقيقة.تلك كانت الوظائف الرئيسية المطلوبة لصناعة التعدين، رغم أن هناك وظائف مساندة لا تزال الحاجة إليها قائمة مثل وظيفة المهندس الميكانيكي أو الكهربائي أو الإلكتروني إلى آخره، بالإضافة إلى الوظائف الإدارية الأخرى المطلوبة لأي صناعة، وهذا هو نفق يجهل الكثير من القراء محتوياته، وهو نفق يقود بطبيعة الحال للحديث عن واقع توظيف مهندسي التعدين لدى وزارة الخدمة المدنية، مهندس التعدين والسلم الوظيفي لدى وزارة الخدمة المدنية إذن إذا كانت هندسة التعدين هي حجر الأساس في صناعة التعدين، وإذا كان مهندسو التعدين هم أعمدة صناعة التعدين فما هو واقع وظائف التعدين في سلم الوظائف لدى وزارة الخدمة المدنية؟ ذكر في المؤهلات العلمية المحددة للدخول ومستوياتها في التصنيف الوظيفي لدى وزارة الخدمة المدنية مايلي: «الدرجة الجامعية في هندسة التعدين، المرتبة 7، درجة الماجستير في هندسة التعدين، المرتبة 8، درجة الدكتوراة في هندسة التعدين، المرتبة التاسعة». إذن من يحمل بكالوريوس هندسة يعين على المرتبة السابعة، الدرجة الثالثة، ولها راتب قدره خمسة آلاف وسبعمائة ريال (5700 ريال)، أما درجة الماجستير فيعين صاحبها على المرتبة الثامنة، وهي مرتبة راتبها يبدأ من الراتب 5285 ريال أما درجة الدكتوراه فيعين صاحبها على المرتبة التاسعة، وهي مرتبة يبدأ راتبها من 6240 ريال فقط.وبشكل عام فإن جميع الوظائف الهندسية بكل درجاتها العلمية يتم التعيين عليها حسبما ذكرت أعلاه، إذن أين تكمن مشكلة مهندس التعدين عند عمله في مجال التعدين؟ قد لا يخفى على كثيرين أن عمل مهندس التعدين يتم ضمن ظروف تختلف عن ظروف بقية الوظائف الهندسية، فعمله يتطلب المخاطرة بتواجده بين وقت وآخر داخل أنفاق المناجم، كما لا يخفى على كثيرين أن المناجم تكون في الغالب في مناطق نائية، ويزداد الأمر سوءا اذا كانت في مناطق صحراوية شديدة الحرارة صيفاً، شديدة البرودة شتاء، لذا فإن وظيفة مهندسي التعدين وجميع الوظائف المشابهة التى تعمل في مجال التعدين تكون في أغلب الدول التعدينية الرائدة أكثر دخلا لتشجيع المهندسين للعمل في حقل التعدين والتخصص فيه، ومن العجيب أننا دولة تريد أن يكون لها صناعة تعدين متطورة فيما نظرتها قاصرة عن فهم طبيعة العمل الهندسي وريادته في خلق مجتمعات صناعية رائدة ومتفوقة، وهذه القضية للأسف الشديد يمكن تعميمها على جميع الوظائف الهندسية، حيث لا يوجد كادر خاص بتلك الوظائف يرتقي بعمل المهندس السعودي أسوة بأقرانه في دول أخرى نامية أو متقدمة، وتلك قضية خطيرة لم تولها الدولة أي اهتمام يذكر مع الأسف الشديد، وهذا نفق مظلم، لا أمل برؤية بصيص من نور فيه، ولكنه يقود إلى الحديث عن نفق صناعة التعدين وواقع التعليم الجامعي والتقني لدينا. صناعة التعدين والتعليم الجامعي والتقني سؤال مهم يضع نفسه داخل هذا النفق الآن وهو: كم عدد الجامعات السعودية التى تقوم بتدريس مناهج التعدين لدينا؟ معرفة الجواب توضح مدى إدراكنا لما هو مطلوب لقيام صناعة تعدين ناجحة وقوية، حسب المعلومات التى لدي، فإن هناك جامعة واحدة تقوم حاليا بتدريس هندسة التعدين، وهي جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وهناك جامعة سعودية تقنية رائدة أخرى كانت تقوم بتدريس هندسة التعدين ثم توقفت عن تدريس هذا التخصص منذ زمن بعيد، فما هى هذه الجامعة وما هي أسباب توقفها عن تدريس هندسة التعدين في نفس الوقت الذى نتحدث فيه عن ضرورة إيجاد صناعة تعدين قوية تكون رافدا قويا لصناعة النفط ورافدا قويا لاقتصادنا الوطني. قبل نحو عشرين عاما أي في العام 1402ه، قامت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بإنشاء قسم هندسة التعدين بكلية هندسة البترول، وقد انضم للدراسة في ذلك القسم في ذلك العام ثمانية من طلبة الجامعة السعوديين، وتخرجوا بدرجة بكالويوس علوم في هندسة التعدين بين العامين 1405ه و1406ه، وهي درجة علمية مهمة في هذا التخصص تؤهل صاحبها ليكون مهندسا ناجحا خصوصا لما عرف عن خريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن من كفاءة عالية ويشهد بذلك أداؤهم في جميع قطاعاتنا المختلفة وفي جميع التخصصات، ماذا حدث بعد ذلك؟! حمل هؤلاء المهندسون شهاداتهم وطموحاتهم وآمالهم بين أيديهم واتجهوا إلى وزارة البترول والثروة المعدنية، وهي القطاع الرئيسي المعني بهذا التخصص، وكم كانت صدمة هؤلاء المهندسين الشباب كبيرة عندما تفاجأوا أن وزارة البترول والثروة المعدنية ليس لديها أي برامج توظيف لهؤلاء المهندسين بل ان المسؤولين في شئون الموظفين لا يعرفون أي مسمى وظيفي باسم مهندس تعدين، وبدا المسمى مثل طلاسم لهم، ثم ركضت الأيام وكل مهندس من هؤلاء المهندسين يركض في مختلف الاتجاهات سعيا لأي وظيفة بأي مسمى ولأي مهمة كانت، فبعضهم عمل في قطاع الإلكترونيات والبعض في قطاعات مالية والبعض انتقل إلى رحمة الله، ومن تم تعيينه في وظيفة حكومية ظل يعاني كثيرا من عدم أو تأخر ترقيته بسبب مسماه الوظيفي الذى يعامل بجهل كبير من قبل مسؤولي وزراة الخدمة المدنية لعدم فهمهم طبيعة دراسة وعمل مهندس التعدين، المهم، أنه انتهى أمر أول نواة هندسية تقنية لصناعة تعدين حقيقية في المملكة العربية السعودية، انتهى أمر أول نواة مؤهلة تأهيلا كبيرا لقيادة صناعة التعدين لدينا. وكانت جامعة الملك فهد تتابع ما يحدث لخريجيها أمام سلبية التخطيط الحكومي وقصر نظرنا في تخطيطنا لبرامجنا الاقتصادية والتنموية المهمة فقررت الجامعة إغلاق قسم هندسة التعدين في العام 1406ه بلا رجعة مهما كانت الأسباب رأفة بحال من يتخرج من ذلك القسم، والسؤال الآن هو كيف تخرج مهندسو التعدين دون أن يجدوا وظائف رغم وجود مهندسين غير سعوديين يعملون في منجم مهد الذهب وفي مناجم أخرى مهمة منذ العام 1402ه؟! وهل كان الأمر بسبب تخطيط مدروس لعدم تعيين خريجي تلك الجامعة أم أن الأمر كان مصادفة؟ الإجابة على ذلك السؤال متروكة لفهم القارئ، وإذا كان الحديث عن التعليم الجامعي يبرز هذه المشكلة فإن دور الكليات التقنية والمعاهد الفنية في صناعة التعدين لدينا يبقى دورا مهملا، وذلك لأن واقع الكليات التقنية والمعاهد الفنية بعيد تماما عما يدور في عالم صناعة التعدين لدينا، وهو ما يطرح قضية ضرورة وجود تخطيط استراتيجي للتعليم بكل أنواعه ومراحله ودوره في تحقيق ما يراد منه فيما يستجد من صناعات لدينا، وهذا نفق لم يبدأ حفره بعد، وهو يقود للبدء في حفر نفق مقاولي واستشاريي التعدين