سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وادي الدواسر.. قفزات حضارية ومطالب خدمية وتنموية وادي الدواسر..درة في قلب الصحراء 6/6
أهل الخير فعلوا ما بوسعهم وعلى المواصلات وضع حد لمغامرة الناس بحياتهم
قلة الأطباء وقِدَم المستشفى لن يعوِّضهما إلا مشروع المستشفى الجديد والمستشفى الخاص بالنساء والولادة
نتواصل معكم كما تواصل ذلك العطاء.. الذي تحولت به تلك المدينة الحالمة في قلب الصحراء إلى مدينة تتباهى بتطورها وعمرانها ونهضتها.. وتتوشح بأفضل المشاريع الجبارة.. إن من يطل اليوم بمحياه البهي على وادي الدواسر فسيشاهد ذلك التطور وتلك النهضة من هذا الجزء الغالي من وطننا الحبيب وسيرى كيف أن يد النماء وصلت إلى عمق الصحراء فتحققت المعجزة وعم الخير كل شبر من هذا الوطن في ملحمة وطنية أطرافها أبناء هذا الشعب وحكومته الرشيدة بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني الذين يولون كل شبر من هذا الوطن كل اهتمام وعناية. في ذلك الضحى الذي تعانقت فيه الشمس مع الغمام لتدل خيوطها الذهبية على ذلك الحاضر الزاهر والتطور المذهل الذي تشهده محافظة وادي الدواسر، خرجت «الجزيرة» لتسجل ما يشهده هذا الجزء الغالي من بلادنا من قفزات حضارية متقدمة ولتنقل ما يحتاجه المواطن من خدمات، وقد بدأنا الجولة هذه المرة من الجهة الشرقيةلوادي الدواسر وكانت أولى مشاهداتنا ذلك الطريق المزدوج السريع الذي يربط محافظة وادي الدواسر بمحافظة السليل وقد اكتمل منه 50 كيلومتراً وتبقى منه 28 كيلومتراً يتمنى أبناء المحافظة اكتماله في القريب العاجل إن شاء الله وهو واحد من منظومة جميلة من الطرق في وادي الدواسر. وبعد أن تجاوزنا مفرق نجران على امتداد هذا الطريق باتجاه محافظة وادي الدواسر جاءنا مشروع جبار وهو مشروع محطة كهرباء وادي الدواسر الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير/ سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله عام 1410ه، وتقوم هذه المحطة بتوليد الكهرباء من 7 وحدات قدرة كل واحدة منها 25 ميغاوات وبمجموع قدرة 175 ميقاوات، وجاري تعزيزها إن شاء الله بوحدتين إضافيتين قدرة كل واحدة منهما أيضاً 25 ميغاوات لمسايرة الأحمال والنمو السريع بالمحافظة، وترتبط المحطة بعدد من محطات التحويل في كل من الشرافاء والخماسين ومركز والسليل وتمرة، ويتبع هذه المحطة عدد من الإنشاءات والمرافق الخاصة بالأعمال الإدارية وسكن العاملين، وعلى مقربة من هذه المحطة وبالتحديد في حي المصارير بالقرب من الطريق العام كان لنا وقفة على العين المائية الحارة التي يفد إليها كثير من الزائرين من شتى أنحاء البلاد.. وقد وجدناها شديدة الحرارة غنية ببعض العناصر المعدنية وبالأخص الكبريت. ولا غرابة فعمقها حوالي 600 متر، وجدنا بركتها وقد أمتلأت بكبار السن أملاً منهم في علاج أمراضهم وعللهم والشافي هو الله ويتضح لنا أنها لا تخضع لإشراف أو متابعة من أي جهة حكومية وكل ما في الأمر جهود ذاتية من صاحبها الذي تبرع بها لوجه الله. وعلى الطريق العام سرنا غرباً وعلى بعد عدة كيلومترات من مشروع شركة الكهرباء جاءت لوحة تشير إلى مطار وادي الدواسر فانطلقنا معه في منظر جميل لتلك المزارع الغناء التي تقع على جانبي الطريق وإذا بطائرة الخطوط السعودية تحلق فوق مطار وادي الدواسر استعداداً للهبوط وكانت قادمة من مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة الرياض ومع الأسف الشديد أنها الرحلة الوحيدة يومياً وفي موعد غير مناسب للكثير من أبناء المحافظة والذين كثيراً ما طالبوا بتغيير موعدها من قبيل الظهر إلى المساء لتكون أكثر خدمة للموظفين وراغبي مراجعة الدوائر الحكومية والمستشفيات بمدينة الرياض حيث موعد الرحلة الحالي يضر كثيراً من الموظفين للتغيب عن العمل يومين كاملين على الأقل من أجل ساعة في مدينة الرياض. ويعتبر مطار وادي الدواسر أكبر وآخر مطار إقليمي أنشئ في المملكة العربية السعودية والذي تم افتتاحه عام 1410ه ويقع في موقع مميز يخدم محافظتي وادي الدواسر والسليل ويتربع على مساحة 32 كيلومتراً مربعاً ويحتوي على الكثير من المنشآت التشغيلية والخدمية لاستقبال أكبر وأفخم الطائرات في العالم. وما زال أهالي الوادي يتطلعون إلى زيادة عدد الرحلات من وادي الدواسر إلى كل من الرياضوجدة نظراً للكثافة السكانية، خاصة وأن هذا المطار يخدم العديد من المحافظات والمدن المجاورة لوادي الدواسر كالسليل وتثليث. وفي منظر جميل للهجر والقرى على امتداد طريق المطار - وادي الدواسر وفيما يُعرف بالجوبة وجدنا الحاجة الماسة للكثير من الخدمات لعل أهمها مشروع للمياه حيث يعاني الأهالي معاناة شديدة في جلب المياه الصالحة للشرب والاستعمال الآدمي على سياراتهم الخاصة أو بالإيجار المكلِّف لهم مادياً كما أن بلاد الجوبة في شرق محافظة الوادي يبعد أدناها عن مقر المحافظة 30 كيلومتراً والمنطقة زراعية وذات كثافة سكانية عالية فهي بحاجة ماسة أيضاً لمركز للدفاع المدني. وعلى امتداد هذا الطريق وعلى مقربة من بلاد الشرافاء رأينا على يسارنا ملاعب نادي الصحاري بوادي الدواسر وهو أحد أندية الدرجة الثانية والذي تأسس عام 1404ه لينضم إلى نظيره نادي الوادي الأخضر في أعلى الوادي من الغرب والذي سبقه في التأسيس حيث تم تأسيسه عام 1400ه ليشكلا معاً تجمعين شبابيين يزاول فيهما أبناء المحافظة مختلف الألعاب الرياضية وبعض البرامج الثقافية والاجتماعية، وكانا وما زالا مصدرين للعديد من اللاعبين لبعض منتخباتنا الوطنية وخاصة منتخب ألعاب القوى. وما زال أبناء وشباب المحافظة يتطلعون إلى إنشاء بيت للشباب في محافظتهم ينضم إلى هذين الناديين العريقين الذين يتطلعان أيضاً إلى زيادة دعمهما لبناء مقرين وإنشاءات رياضية. الشوارع داخل المحافظة: كان منظراً مبهجاً حيث الزفلتة المنظمة والتشجير والإنارة ذات التوزيع الجيد بالمحافظة، إنها جهود جبارة تقوم بها البلدية النشيطة بوادي الدواسر، جهود ذاتية ومشاريع جبارة تحققت ولله الحمد في غضون السنوات العشر الأخيرة ولكن ما كدر سعادتنا تلك المناظر غير الحضارية للورش على جنبات الطريق وفي داخل الأحياء السكنية بما تحمله من مخاطر جمة وإزعاج كبير عطفاً على أنها تناقض التطور الذي تشهده المحافظة، فهي تحتاج إلى وقفة جادة من الجهات المسؤولة بنقلها إلى المدينتين الصناعيتين شبه الجاهزتين بالمحافظة منذ أكثر من 15 سنة. والشباب في محافظة وادي الدواسر يسوقهم الأمل ويحدوهم الطموح بالحصول على منح أراض سكنية بعد أن توقفت المنح السكنية بوادي الدواسر منذ أكثر من عشر سنوات رغم توفر الأراضي المنبسطة التي تمتلكها البلدية. وقد شهدت الحركة العمرانية في وادي الدواسر توسعاً سريعاً وتطوراً هائلاً حيث المباني على أحدث طراز وقد لقيت الحركة العمرانية دعماً سخياً من صندوق التنمية العقاري إلا أن قروض هذا الصندوق بوادي الدواسر وزعت على المواقع في المحافظة منذ عشرات السنين بقروض متفاوتة من مائتي ألف ريال وحتى ثلاثمائة ألف ريال، والأمر الآن يحتاج إلى مراجعة وتحديث، فقد أصبحت مدن وادي الدواسر الآن مرتبطة ومتلاصقة تماماً ولا تكاد تجد بين أحيائه سوى شوارع فقط فِلمَ هذه التفرقة الآن؟ إن أبناء المحافظة يتطلعون إلى أن يكون القرض ثلاثمائة ألف ريال دعماً لهم على التكلفة العالية جداً للبناء، ولا تعجب إذا وجدت على التوزيع المعمول به الآن أن هناك جيراناً لا يفصل بينهم سوى شارع صغير أحدهم حصل على قرض بمبلغ ثلاثمائة ألف ريال والآخر حصل على قرض بمبلغ مائتي ألف ريال، وليس للآخر من ذنب إلا أنه سكن في هذا الحي دون ذاك. الحدائق والمنتزهات: قامت البلدية بتجهيز وصيانة الحدائق العامة بالمحافظة منها على سبيل المثال حديقة الأندلس وهي خاصة بالعوائل وبها العديد من الخدمات ومغلقة من جميع الجهات، وحديقة الولامين وهي حديقة كبيرة ومفتوحة وتم زراعتها وتجهيزها بألعاب الأطفال، وحديقة الشرافاء المعروفة «بالحيوان سابقاً» وقد تمت صيانتها وإعادة زراعتها وتقع على طريق الجنوب لخدمة أهالي المحافظة والمسافرين وجار الآن إنهاء المرحلة الأخيرة منها. وتجدر الإشارة إلى أن المحافظة بلد زراعي وجميع مزارعه مفتوحة كحدائق للسكان والزوار والمسافرين، وكم يسعد مزارعو وادي الدواسر حينما يرون زوار المحافظة في مزارعهم يتفيئون ظلالها ويأكلون من ثمارها ويشربون من مياهها العذبة وهذه خصلة وميزة يجب الإشادة بها. المجسمات الجمالية: قامت البلدية بجهودها الذاتية بإنشاء عدد من المجسمات الجمالية والشلالات المائية التي أضفت على أجواء المحافظة جمالاً أخاذاً ومنظراً بديعاً يساهم مع الجمال الطبيعي للمحافظة في إظهار الوجه المشرِّف لوادي الدواسر. الخدمات الطبية: نظراً لبعد المسافة بين وادي الدواسر والعاصمة الرياض التي تزيد على 650 كيلومتراً فإن وادي الدواسر يحتاج إلى عناية خاصة لتطوير الخدمات الصحية المتدنية التي ما أن يبدأ الحديث عنها في أحد مجالس أو منتديات المحافظة إلا وترتفع الأصوات وتتداخل حتى لا تكاد تميزها. فمستشفى وادي الدواسر الحالي تم إنشاؤه منذ القدم لخدمة مواطني المحافظة وما زال يقدم خدماته بجهد المقل الذي يتضح من خلال النقص الكبير في العيادات المتخصصة كعيادة القلب وعيادة المخ والأعصاب وعيادة الغدد الصماء وضعف عيادة الأسنان. ونظراً لقلة العيادات التخصصية بمستشفى الوادي فإنه لا يكاد يمر أسبوع إلا وطائرة الإخلاء الطبي تنقل مريضاً أو أكثر للمستشفيات بالرياض ناهيك عن ما ينقل بسيارات الإسعاف. ويتبع للمستشفى 14 مركزاً صحياً تشكو من قلة الأطباء والدواء، فبعض هذه المراكز يعمل لفترة واحدة فقط لقلة الأطباء. إلا أن ما يبشر بالخير هو المشروع الجديد لمستشفى وادي الدواسر الذي بدأ العمل فيه قبل عدة أشهر بتكلفة 48 مليون ريال وسعة 150 سريراً وعلى مساحة 55700 متر مربع، أما المستشفى الخاص بالنساء والولادة فهو حلم لم يبدأ الحديث فيه بعد ونتمنى أن لا يطول الانتظار. الصرف الصحي: لقد أصبح الطفح الهائل الذي تسببه البيارات التي تعج بها شوارع وأحياء المحافظة خطراً جسيماً يهدد البيئة، وقد لاحت بوادر انفراج هذه الأزمة بمشروع الصرف الصحي ومنذ عدة أعوام لم ينفذ هذا المشروع وبدأت البلدية من جديد في تحديث دراسة هذا المشروع وقد أصبح الآن شفط البيارات (أكرمكم الله) أمراً لا ملاذ منه بواسطة الصهاريج التي تخلف روائح كريهة وتجوب الشوارع والميادين العامة ليل نهار رغبة منهم في التغلب على العرض المتزايد، لذا يناشد أهالي ومقيمو المحافظة من الجهات ذات العلاقة سرعة إيجاد الحلول المناسبة والسريعة. مياه الشرب: يعاني الأهالي كثيراً من مياه الشرب التي وصلت ملوحتها في بعض المواقع إلى 1500؟ مما يجعل البعض يتجه إلى مياه التحلية الأهلية والتي لا تفِ بالغرض، لهذا كثرت الأمراض الجلدية بسبب هذه المياه والفشل الكلوي بالإضافة إلى زيادة الخسائر المادية في الفلل والعمائر التي تتمثل في دورات المياه والمجاري التي يتم تغييرها كل ستة أشهر من الملوحة المترسبة وتشقق الجدران.وأهالي الوادي يتطلعون إلى ذلك المشروع العملاق الذي يسمعون عن إقامته بواديهم ولم يروه. الاتصالات: على الرغم من التقدم التكنولوجي والتقني الذي تشهده شركة الاتصالات السعودية في مختلف الجوانب إلا أن توسعتها مع المشتركين في الهاتف الثابت لا يزال يسير ببطء شديد خاصة في المحافظات والقرى والهجر، ولعل محافظة وادي الدواسر خير دليل على ذلك فلا يزال عدد من المواطنين طالبي الاشتراك في الهاتف الثابت على قوائم الانتظار الطويلة منذ عدة سنوات. كما أن خدمات الهاتف الجوال ما تزال دون المطلوب ولا تغطي إلا أجزاء قليلة من المحافظة وذلك لقلة الأبراج. طريق الحجاج: طريق وادي الدواسر - رنيه هو أحد الطرق ذات الأهمية البالغة لأهالي الوادي والسليل فله أهميته الدينية والاقتصادية حيث يختصر هذا الطريق ما يزيد على 700 كيلومتر في الوصول إلى مكةالمكرمةوجدة والمناطق الغربية من مملكتنا الحبيبة. ويبلغ طول هذه الوصلة قرابة 200 كيلومتر تتخللها الوديان الموحشة والكثبان الرملية المتحركة والخطرة مما جعل كثيراً من عابريه ومستخدميه يتوهون في صحرائه ويموتون عطشاً بعد أن تنقطع به السبل أو تتعطل سيارتهم فتتحول تلك المغامرة إلى كارثة حقيقية تكلف أصحابها حياتهم وحياة من معهم. وقد ارتفعت أصوات المواطنين عالياً إلى وزارة المواصلات بزفلتته بعد أن قام بعض أهل الخير بوضع علامات خرسانية وفسفورية وبعض المساجد الصغيرة المزودة بالماء على امتداد هذا الطريق. كما أن لهذا الطريق أهمية اقتصادية وتجارية أيضاً إلا أن الفجائع التي حدثت في هذا الطريق جعلته يُعرف «بطريق الموت» حيث أصبح مقبرة للعابرين. في ذلك المساء الذي عدنا فيه بعد رحلة ممتعة نحمل معنا رصيداً من الانطباعات السارة المقرونة ببعض المطالب التنموية مستشرفين لمستقبل واعد وخير عميم لهذه الدرة في قلب الصحراء وهذه الواحة في جنوب نجد ولأهلها والمقيمين بها. قال لي صغيري عند ذلك: ألا تلحظ يا أبي أنك قد انشغلت عنا كثيراً هذه الأيام؟ فقلت له: بلى يا ولدي ولكن انشغلت عنكم بما هو يشارككم ويفوق عليكم عندي في المنزلة، فقال: وما هو؟ فقلت: إنه الوطن.. الذي يضمُّني ويضمُّك بدفئه ويجود علي وعليك من خيره.. إنه الوطن الذي تغنى به الحادون وأنشد به الشعراء وسكن في قلوب محبيه فصار هو عمارها بعد تقوى الله، فهل أدركت الآن ما أشغلني عنكم؟!! فأومأ لي برأسه، فقلت: فسجل معي في ذاكرتك يا بُني تاريخك المجيد وحاضرك الزاهر لترويه للأجيال القادمة. وكان نهاية حديثي معه هو نهاية حلقاتنا عن وادي الدواسر هذا الجزء الغالي من حدود وطننا الحبيب.