فإن الوصية الشرعية في اختيار الزوج والزوجة ما أرشد اليه أنفع الخلق للخلق، الذي بعثه الله بالحنيفية السمحة، ووصفه بأنه بالناس رؤوف رحيم، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم حيث أوصى الأولياء ومن تحتهم من الموليات بقوله:« إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» وفي بعض الألفاظ المروية للحديث «اذا جاءكم من ترضون دينه وامانته» الحديث رواه بعض اهل السنة وصححه الحاكم وابن حبان وغيرهم، فأناط صلى الله عليه وسلم معايير قبول الزوج بالرضى عنه في دينه وفي خلقه وامانته، اذ على ذلك تكون موازنة قبول الزوج ورفضه، لا على المال او الجاه او شرف النسب او الشجاعة او فخر الجاهلية. كذلك أوضح صلى الله عليه وسلم مناحي اختيار الزوجة بقوله «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» أخرجاه في الصحيحين. فأول المعايير والخصائص هو قوة الدين وكماله، مع عدم اغفال للحاجات الملحة في المرأة للرجل من ناحية قبوله بها منظراً، وذلك في حثه على رؤية المخطوبة، المراد نكاحها، حيث ذلك سبب في دوام العشرة بينهما، كما حث الشباب على الابكار في قوله لجابر «هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك» فهذا اهم واول الاسباب في اختيار الزوج واختيار الزوجة. * وفي موضوع بقاء الزوج وزوجته مع اهله بعد الزواج: فإنه امر سائغ وعادة جارية عند كرائم الأسر من القديم، ولا ضير او معيب في ذلك، لكن مع ملاحظة الحذر من المخالفات الشرعية: فلا يجوز خلوة غير المحارم بالزوجة، كأخ الزوج او قريبه، لأن دخول الاجنبي على الزوجة وخلوته بها محرمة، بل ومشدد في التحريم فيها حيث نهى صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء، فقيل يا رسول الله: أرأيت الحمو، وهو اخو الزوج، أو قريبه قال الحمو الموت. لما يترتب على هذه الخلوة من اسباب الفتنة والوقوع في المنكر، وهو في اقارب الزوج أعظم أثراً وأقبح منكراً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «ما خلا رجل بامرأة الا كان الشيطان ثالثهما». كما لا يجوز للمرأة الخضوع بالقول او كشف الستر عند غير محارمها لئلا يطمع الذي في قلبه مرض، مرض الشهوة والشبهة. كما يجب على المرأة إكرام أم زوجها وأبيه وذوي الشيبة من أهله بالقول الحسن، ولين الجانب، ودمح السيئة، والصبر على النوائب، ووفور العقل عند المصائب. فبهذا يعلو قدر المرأة عند زوجها، وعند أهله، ولنا في الأمثلة الواقعية من نساء عاقلات كاملات بصيرات، نلن مكانة حفية بهذا. كما يجب على الزوجة العاقلة حفظ اسرار زوجها، وحفظ اسرار اهله فلا تفشيها على الناس، او تكون نمامة تنقل الحديث فتفسد البيوت به «ولايدخل الجنة نمام» ورضا الزوج على زوجته يوجب لها عند الله الجنة، من عظم حقه عليها. هذا وان كمال العقل وحسن التصرف في النساء أهم ما يجملهن به دنيا واخرى والله المستعان. * ان من مظاهر البذخ والإسراف في الزواج، ومن أعظم اسباب فشل الزواج وجلب الشقاوة على العروسين بالطلاق والفراق، وقالة السوء والفرقة في الاهل والاقارب، وتقطيع الارحام، يدور ذلك كله على سبب واضح هو المبالغة في ولائم العرس في القصور والفنادق، وحتى تحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم «شر الطعام طعام الوليمة يُدعى اليها الاغنياء، ويدفع عنها الفقراء،» خرجه مسلم وغيره هذا مع ما يكون في هذه الحفلات مما يغضب الله ورسوله، وينكره اهل الغيرة، ويجلب الشؤم والشر على العروسين واهلهما ومن ذلك: الحسد والحقد والغل بأنواع اللباس والطعام مما يظهره المدعون على اهل العرس فلسان حالهم يقول: لا بارك الله لكم في عرسكم.. ولا كثر خيرهم، وفعل الله بهم وترك..! جلب المغنيات والفنانين من الداخل والخارج، وإنفاق المال الطائل عليهم، محاداة لله، وكفران بنعمه التي انعم بها على اهل العروسين. معصية الله في لباس النساء، وتصويرهن ودخول الرجال عليهن. - معصية الله ومعصية رسوله بإهانة النعم من مآكل ومشارب برميها والتكبر بها في حال حاجة كثير من المعوزين والفقراء الى بعضها، وعشر معشارها. - استجلاب الدعاء على هؤلاء المبذرين والمسرفين من المسلمين اذا سمعوا أو علموا بأحوالهم مما يجلب عليهم محق البركة، وفساد العشرة، وقلة التوفيق. ولذا كان الزواج في مظهره العائلي المحفوف بخلص الأقارب والأصدقاء فضيلة وأي فضيلة، يحمدهم عليها العقلاء والفضلاء، والأقربون والأبعدون، وتتحقق لهم بها الأنس والفرح من محبيهم بزف العروس الى زوجها في جو متواضع ومحفل بهيج غير متكلف ممن يحبونهم ويدعون لهم، يزداد بهم الفرح، وتحصل بهم الألفة والسرور، ولا بأس بمصاحبة ذلك للنساء فقط، ضرب دف بكلام حسن جميل غير فاحش بذيء يفرح فيه الصغير فلا يمنع من العرس، والكبير فلا يتكلف كره نفس وعبء حضوره. فالله الله يا عقلاء المجتمع وعاقلاته بالصبر والبصيرة تجاه هذا المظهر الخطير، ووفروا على انفسكم وعلى غيركم من المال والجهد والهم والعبء النفسي بالزواج المختصر، ووفروا كلفتكم على الزوج وعروسه بما ينفعهم في حياتهم او على فقراء المسلمين بما ينفعهم دنيا وأخرى. (*) المدرس بكلية أصول الدين بالرياض