قبل عدة أسابيع أجرت القناة الأولى بالتلفزيون السعودي مقابلة مع مدير عام الدفاع المدني بالمملكة.. وسررت للحوار الذي اجراه المذيع المتألق دائما/ جاسم العثمان وكان حديثه شاملاً ويتحدث بمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني.. ولاشك ان الدفاع المدني في بلادنا خطا خطوات عظيمة في تطوير عملية الأداء فيما يقوم به من عمل انساني وما يستخدم من وسائل حديثة متطورة يستخدمها رجال الدفاع المدني في عمليات متنوعة كالحرائق والكوارث الطبيعية وعمليات البحث والانقاذ. وانا كمواطن استمعت إلى حديث مدير عام الدفاع المدني فأرجو ان يتسع صدره كما فهمت من سماحة حديثة ولطف جوابه للمذيع بدون تكلف او فرضية الرأي فحديثه يتسم بكثير من الصراحة والواقعية ولكنني حينما التفت حولي في أقصى الشمال الغربي من المملكة ارى ان حديثه ينصب على تلك المدن الكبيرة المكتظة بالسكان وكأنه لا يوجد مدن اخرى في بقية المملكة تحمل الهموم التي يحملها مواطنو تلك المدن الكبيرة.. وأرجو ان أكون أخطأت في فهم ان سعادته مهتم كثير الاهتمام بفتح فروع أكثر في حواري ومخططات في الرياض مثلا أو جدة أو الدمام.. ولكنني لم أجد حيزا من ذلك الاهتمام لقرية كقرية أو مركز النبك أبو قصر التابع لمدينة طبرجل التابعة لمنطقة الجوف.. سكانها حوالي خمسة آلاف تبعد عن اقرب مركز لإدارة الدفاع المدني ستين كيلا. فكثير من الحرائق التي حدثت لم يأت الدفاع المدني الا بعد ان خمدت النيران وأصبح المكان رمادا بل ان الصقيع المحيط قد لف المكان ليحوله الى كتلة باردة.. لعلي أكون قد أخطأت في فهمي من حديث سعادته وأنا أرى مركزاً واحداً لإدارة الدفاع المدني بطبرجل التي يزيد عدد سكانها عن أربعين ألف نسمة. انا كمواطن ارى وألمس الواقع من حولي وأعيشه أقول ان هولاء الرجال الخمسة والثلاثين اعتبرهم ابطالا في موقع يتم فيه استقبال الحوادث على مدار الساعة وهم لا يملكون من اجهزة الانقاذ سوى سيارات قديمة متهالكة قد تقادم عليها الزمن.. لقد شاهدت حريقا حدث في طبرجل اوقع رجال الدفاع المدني الأبطال في مأزقين عطل الآلية وعملية الانقاذ وكان موقفا يستحقون عليه الثناء والشكر والأشادة وماتوفر لديهم ليس بمسؤوليتهم فجهدهم وتفانيهم لم يوفروه بل انهم يبلون بلاء حسنا فهم في ورطة في امرهم وسط مدينة تكتظ بالسكان وبين قرى مثل: «صديع- فياض طبرجل- حدرج- الميسري- النباج- شيبة- صبيحاء- أويسط» قرى أكبر من ان اقول كلمة قرية او هجرة يبلغ مجمل سكانها اضعاف اضعاف سكان طبرجل وبين مشاريع زراعية عملاقة عرضة في أي لحظة لأي حريق. وهذه المشاريع معروفة في بسيطاء التابعة لطبرجل ولا يكفيها مركز صغير بافراد محدودي العدد والامكانية ولعل أقرب مركز آخر يبعد مائة كيل من جهة الغرب ومن جهة الشرق مائة وثمانين كيلا. كان بودي لو ان حديث سعادة مدير الدفاع المدني الرائع والممتع حقا تطرق باقناعنا بما نراه ونلمسه ونحسه يوميا في هذه المنطقة البعيدة ولا نريد من سعادتكم الكريم والرائع في حديثه وتسلسله للاحداث ان لا يقول لنا: «البعيد عن العين بعيد عن القلب». ونحن قد لا نخرج عما تسطره قيم وتعاليم ديننا الحنيف وقيمنا الاجتماعية الواعية والتي تبصر باستراتيجية بعيدة بوجوب الحذر والحيطة واهالي هذه النواحي يتداولون مثلا زجليا يقول :«قالت فتاة بدوية: أنا ابنة من يشق ويرقع.. قالت الأخرى: أنا بنت من يعبأ لها قبل أن تقع». وفق الله تعالى كل يد معطاءة بالخير والنماء والعطاء والبناء بهذا الوطن الغالي. سليمان الأفنس الشراري عضو مؤسس نادي منطقة الجوف الأدبي- طبرجل