إن فقر الدم الناتج عن نقص الحديد كثير الانتشار في العالم وخاصة المجتمعات التي يقبل فيها الأطفال خاصة على تناول الوجبات السريعة والخفيفة وغير الصحية، وكذلك يكثر عند السيدات في مقتبل العمر وفي فترة الإنجاب. إن فقر الدم ينتج عن عدم مقدرة النخاع الأحمر على إنتاج عدد كاف من الكريات الحمراء بسبب نقص الحديد الضروري لتركيب الهيموجلوبين. أسباب هذا النوع من فقر الدم إما أن تكون نتيجة لنقص كمية الحديد الموجودة في الغذاء أي من سوء التغذية، أو لزيادة احتياج الجسم لهذا المعدن خاصة في فترات النمو بالنسبة للأطفال أو فترات الحمل والولادة والرياضة بالنسبة للسيدات. وقد يكون السبب هو فقدان الجسم للحديد الذي يتناوله المريض مثال على ذلك أمراض اضطراب الامتصاص من الأمعاء وهذه الأمراض كثيرة ومتنوعة الأسباب. أو قد يكون السبب هو فقدان الجسم للدم حتى ولو بكميات بسيطة ولكن مستقرة مثال على ذلك: قرحة المعدة، سرطان القولون، مرض البواسير، المرضى الذين يتناولون الأسبرين لفترات طويلة، دوالي المريء، تقرحات القولون، الديدان أو بلهارسيا الأمعاء أو المسالك البولية، أو بالنسبة للسيدات غزارة الدورة الشهرية. والأعراض التي يشكو منها المريض في الغالب هي أعراض المرض الأصلي بالإضافة إلى أعراض فقر الدم والتي هي صداع، إرهاق دوخة، تعب وخفقان من أقل مجهود، شحوب ونقص التركيز والتفكير. ولكن هناك أعراض وعلامات يلاحظها الطبيب خاصة في الحالات المتقدمة مثال على ذلك أن يكون لون اللسان شاحبا ويكون ملمسه ناعما براقاً وقد تظهر تشققات على جانبي الفم، أما الأظافر فتصبح مسطحة أو مقعرة كالملعقة وتكون عرضة للتشقق والانكسار بسرعة. وهناك نوع معين من أنواع أنيميا نقص الحديد تسمى «بلميرفنسون» تصيب عادة السيدات في منتصف العمر والمسنات ويصاحبها التهاب باللسان وصعوبة في البلع. التحاليل المخبرية التي تساعد على التشخيص هي اختبار الهيموجلوبين والهيماتوكريت وعدد كريات الدم الحمراء. وإذا استمر فقر الدم لنقص الحديد مدة طويلة كأن لم ينقطع النزيف عند المريض أولم تعالج المرأة الإصابة بغزارة الدورة الشهرية فإن مخزون الحديد من الجسم ينخفص بقياس مستوى الحديد في الدم نجده منخفضا وبالتالي فإن مستوى الهيموجلوبين يهبط عن المستوى الطبيعي والذي هو «11 14 غ/دل» عند السيدات و«14 16 غ/دل» عند الرجال، وقد يصل مستوى الانخفاض إلى «3 4 غ/دل»، ولكن كريات الدم الحمراء لا تهبط كثيرا في عددها لكنها تكون أقصر عمرا. فإن الكريات الحمراء الطبيعية تعيش في الدم 120 يوما ولكن في هذا المرض تموت قبل ذلك الوقت. وإذا فحصنا طبقة من الدم وضعت على شريحة زجاجية تحت الميكروسكوب فسنجد أن الكريات الحمراء أصغر حجما وأفتح لونا وقد يتغير شكلها وكذلك حجمها عن الطبيعي. أما بالنسبة لمستوى الحديد في الدم فسيكون أقل من 60 ميكروغرام/100 مل لأن المستوى الطبيعي له هو «75 175» ميكروغرام/دل. والعلاج يكون أولاً بمعرفة السبب الرئيسي ومداواته فمثلا علاج النزيف أو علاج سوء الامتصاص، ثم البدء بإعطاء أملاح الحديد وأفضلها كبريتات الحديد لسهولة امتصاصها، وغناها بمعدن الحديد ورخصها في الأسواق، وفي بعض الحالات يعطى الحديد على شكل إبر في العضلات لكنها تكون مؤلمة نوعاً ما. فترة العلاج تستمر لمدة ثلاثة أشهر على الأقل حتى يستعيد الجسم مخزونه من الحديد وفي هذه الأثناء يجب الاهتمام بتناول الطعام الجيد والذي يحتوي على الحديد مثل اللحوم والخضار كالبقدونس والسبانخ والحديد. إذا لم يتجاوب المريض من العلاج فقد يكون السبب هو عدم تناوله العلاج أو وجود خطأ في التشخيص أو إصابة المريض بمتلازمة سوء الامتصاص وفي الحالة الأخيرة يعطى المريض الحديد عن طريق الإبر في العضل. وفي حالات أخرى مثلا أن يكون المريض بحاجة لتدخل جراحي سريع أو المرأة الحامل أو الشخص الذي أثر فقر الدم على القلب فيكون العلاج عن طريق نقل الدم. وأخيراً الوقاية خير من العلاج فالاهتمام بالغذاء الصحي المنوع ومراجعة الطبيب لأي مشكلة صحية من بدايتها يقي الجميع بإذن الله من فقر الدم وغيره من الأمراض. د. هناء سالم بامفلح