رياح مثيرة للأتربة والغبار في 6 مناطق وسحب ممطرة بالجنوب    بحضور البسامي.. معالجة أممية للجرائم العابرة للحدود    المملكة تسجل 231.7 نقطة بمؤشر شبكة الملاحة    24 نوفمبر يومًا للتوائم الملتصقة بمبادرة سعودية    الداعية والشخصية الوهمية لابن حيان    عقلانيون أم نصوصيون    التأثير الغربي    إصابة 30 راكبا جراء مطبات هوائية خلال رحلة من إسبانيا إلى أوروجواي    الاحتلال يمارس التدّمير الممنّهج في غزة    «ميتا» تختبر روبوتات الذكاء على إنستجرام    القادسية يغري إيكاردي ب 25 مليون يورو    موجز    أمانة المدينة المنورة تكثف أعمال صحة البيئة    235 ألف طن قمح مستورد لتعزيز الأمن الغذائي    أمير الشرقية ونائبه يهنئان نادي القرية العليا الرياضي    فعاليات تراثية متنوعة    مغلف بالود    وجوه مستعارة    منظومة العمل    تشييد مركز ثقافي ملحق بمسجد القبلتين.. المساجد التاريخية.. مقصد الزوار بالمدينة    ارتفاع موجودات واستثمارات «المركزي السعودي»    يحتجز جثة القطة للحصول على أتعابه    نمل تايوان يركب السيارات لنشر مستعمراته    فيتامين دال للوقاية من الأمراض    عبدالعزيز بن سلمان: حقول غاز جديدة في الربع الخالي والشرقية    يورو 2024.. البرتغال تتجاوز سلوفينيا بالركلات الترجيحية وتتأهل لربع النهائي    جولة ثانية من المشاورات بين وزير الخارجية ونظيره البنغلاديشي    مصادر ل«عكاظ»: الهلال يدرس تمديد عقد «سالم»    نائب أمير الجوف يعزي الهيشان في فقيدهم    خدمات طبية سعودية لمرضى الغسيل الكلوي في المهرة اليمنية    تورطوا بجرائم الرشوة واستغلال النفوذ.. «إيقاف»: 155 متهماً بالفساد    من يجبر كسر طريق «العبلاء - جرد»؟    «الشورى» يطالب البلديات بتقييم تأجير المواقف على المناطق المركزية    «حسناء أوروبا» تخسر 420 ألف نسمة من رعاياها    الحليف المتمرد    جمعية «حياة» تعتمد الهيكل التنظيمي وتعلن منجزاتها    يوردانيسكو: رومانيا بحاجة إلى تقديم مباراة مثالية    لا تشابه ولا تكرار    تدوير أمناء المناطق    إنفاذًا لتوجيهات القيادة .. وصول التوأم السيامي البوركيني بنتي راسماتا سوادوغو إلى الرياض    أمير القصيم: مشروع نادي الطيران بالرس أحد الميز النسبية في برنامج التوزان التنموي    مدير الأمن العام يرأس وفد المملكة في قمة الأمم المتحدة لرؤساء الشرطة    أمير منطقة تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقاء الأسبوعي    القيادة تهنئ سامانثا موستين بمناسبة أدائها اليمين الدستورية حاكماً عاماً لكومنولث أستراليا    أمير جازان يتسلم التقرير الربع سنوي للجنة الرئيسية لمراقبة عقارات الدولة    بعد الوداع.. سجل كبير لسلمان الفرج مع الهلال    تركي آل الشيخ يعلن عن التعاون مع الدوري الإسباني    ضبط 1,500 رتبة وشعارات عسكرية مخالفة في الرياض    مشروع تطوير مرفق تدوير للمعادن الأول من نوعه في المملكة    المفتي العام: يشيد بمنجزات الشؤون الدينية للمسجد الحرام    نائب أمير القصيم يعزي الزويد    مذكرة تدعم مشروع تعليم اللغة العربية في تشاد بين "مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية" و"الإيسيسكو"..    الأمير محمد بن سلمان يُعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة الشيخة سهيرة الصباح    انطلاق جيل البحث والابتكار    جامعة تبوك تعلن عن مواعيد القبول وتخصصات جديدة    807 حجاج يغادرون ميناء جدة الإسلامي إلى ميناء سواكن في السودان    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل المصليات المتنقلة خلال الإجازة الصيفية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان يعارض شوقي

أمير الشعراء أحمد شوقي وإبراهيم طوقان شاعر فلسطيني والشاعران تجمعهما مناسبة عظيمة واحدة وهدف علمي وفكري وثقافي ومعرفي رائد، لقد نظم شوقي قصيدة مشهورة عن المعلم والتعليم وواجب المعلم وفد ألقيت هذه القصيدة العصماء والعظيمة الرائعة وهي من درر شاعر العرب الكبير شوقي في حفل أقامه نادي مدرسة المعلمين العليا، وجاء طوقان فعارض قصيدة شوقي بقصيدة أخرى من وزن قصيدة أمير الشعراء وقافيتها عن المعلم ومصائب الزمان التي يحملها فوق رأسه وشوقي في قصيدته المعارضة يبلغ غاية الاحسان وينال شرف اعجاز البيان في لغة سمحة ومعان ثرية وخيال خصب وصور شعرية رفافة أما طوقان فقد أجاد وأفاد ووصل درجات الاحسان والجودة فشاعريته أصيلة وقصيدته تلمح فيها الجزالة والسبك الرفيع والمعاني الصادقة والخيال الخصب المجنح وقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في المعلم فهي في «الشوقيات، الجزء الأول صفحة 180» وهي بعنوان «العلم والتعليم وواجب المعلم» وقد القيت في نادي مدرسة المعلمين العليا لتكريم وتعظيم المعلم بالقاهرة.
1 تكريم وتعظيم المعلم:
قم للمعلم وفِّه التبْجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أَعَلمتَ أشرف أو أجلَّ من الذي
بيني وينشئ أنفساً وعقولا
سبحانك اللهمَّ خير معلمٍ
علمتَ بالقلم القرونَ الأولى
أخرجت هذا العقلَ من ظلماتِهِ
وهديته النورَ المبينَ سبيلا
أرسلت بالتوراةِ موسى مرشداً
وابن البتول فعلَّم الإنجيلا
وفَجَرْتَ ينبوع البيان محمداً
فسقى الحديثَ وناول التنزيلا
وطبعته بيد المعلم تارة
صدئَ الحديدِ وتارةً مصقولا
2 انهيار صرح المعلم في الأمم العريقة:
علمتَ يوناناً ومصرَ فزالتا
عن كل شمس ماتريد أفولا
واليوم أصبحتا بحالِ طفولةٍ
في العلم تلتمسانهِ تطفيلا
من مشرق الأرض الشُّموسُ تظاهرتْ
ما بالُ مغربها عليه أديلا
يا أرضُ مذ فقد المعلم نفسه
بين الشموس وبين شرقك حيلا
ذهبَ الذين حَمَوا حقيقةَ عِلمهم
واستعذبوا فيها العذابَ وبيلا
في عالم صحب الحياة مقيّدا
بالفرد مخزوماً به مغلولا
صرعَتْه دنيا المستبدِّ كما هوتْ
من ضربة الشمس الرؤوسَ ذهولا
إن الشجاعة في القلوب كثيرةٌ
ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا
إن الذي خلق الحقيقة عَلْقماً
لم يُخْلِ من أهل الحقيقة جيلا
3 معلمو مصر:
أَمعلِّمي الوادي وساسة نشئه
والطابعينَ شبابَه المأمولا
والحاملين إذا دُعُوا ليعلّموا
عبء الأمانة فادحاً وثقيلاً
حتى رأينا مصرَ تخطو إصبعاً
في العلم إن مشت الممالكُ مِيلا
تلك الكُفورُ وحشوُها أميَّةٌ
من عهد «خوفو» لم تَرَ القنديلا
تجد الذين بنى «المسلّةَ» جَدُّهم
لا يحسنون لإبرة تشكيلا
ويدَّللون إذا أريد قيادهم
كالبُهْم تأنسُ إذ ترى التدليلاَ
يتلو الرجالُ عليهم شهواتِهم
فالناجحونَ ألدُّهم ترتيلا
الجهلُ لاتحيا عليه جماعةٌ
كيف الحياة على يَدَيْ عزريلا
والله لولا أَلسنٌ وقرائحٌ
دارت على فِطَن الشباب شمولا
4 واجب المعلم:
ربوا على الانصاف فتيانَ الحِمى
تجدوهمُ كهفَ الحقوق كُهولا
فهو الذي يبني الطباع قويمةً
وهو الذي يبني النفوسَ عُدولا
ويقيم منطقَ كلِّ أعوجِ منطقٍ
ويُريه رأياً في الأمور أصِيلا
وإذا المعلمُ لم يكن عدلاً مشى
روح العدالة في الشباب ضئيلاَ
وإذا المعلمُ ساءَ لحظ بصيرةٍ
جاءت على يده البصائِرُ حُولا
وإذا أَتى الإرشاد من سبب الهوى
ومن الغرور فسمِّه التضليلا
وإذا أُصيبَ القومُ في أخلاقِهمْ
فأقمْ عليهم ومأتماً وعويلا
إني لأعذُرُكم وأحسب عِبئَكُمْ
من بين أعباءٍ الرجالِ ثقيلا
وجد المساعدَ غيرُكمْ وحُرمتمُ
في مصرَ عونَ الأمهاتِ جَليلا
وإذا النساءُ نشأنَ في أمِّيَّةٍ
رضع الرجالُ جهالةً وخُمولا
ليس اليتيمُ من انتهى أبواه
من همِّ الحياة وخلفاهُ ذليلا
فأصاب بالدنيا الحكيمةَ مِنْهُما
وبحسنِ تربيةِ الزمانِ بديلا
إن اليتيمَ هو الذي تلقى لهُ
أمَّاً تخلت أو أباً مشغولا
نرجو إذا التعليمُ حرّكَ شجوَه
ألا يكون على البلاد بخيلاَ
قل للشباب اليوم: بورك غرسكم
دَنَتِ القُطوفُ وذُللِّتْ تذليلا
حيُّوا من الشهداء كل مغيَّبٍ
وضعوا على أحجاره إِكليلا
والقصيدة طويلة وقد اخترت منها هذه الابيات السابقة .
وإبراهيم عبدالفتاح طوقان ولد عام 1905 ميلادي وتوفي رحمه الله عام 1941 ميلادي.
شاعر كبير من شعراء فلسطين المسلمة المجاهدة وله ديوان شعر مطبوع عدة طبعات تلقى تعليمه في المدرسة الغربية في نابلس حيث نال منها الشهادة الابتدائية من عام 1914م الى 1918 ميلادي، ثم مدرسة المطران في القدس ونال منها شهادة البكالوريا «الثانوية» من عام 1918م الى 1922م وانتقل منها الى الجامعة الامريكية في بيروت من عام 1923 الى عام 1929م حيث صار شاعر الجامعة كما لقبته صحف بيروت، وعمل في وظيفة معلم اللغة العربية في مدرسة النجاح الوطنية بنابلس على كره شديد من اسم معلم ووظيفة التعليم وظل شاعرنا طوقان في وظيفته هذه عاماً كاملاً من عام 1929م الى 1930م ثم انتقل الى وظيفة مدرس في قسم الادب العربي في الجامعة الامريكية التي تخرج منها فدرَّس فيها عامين قدم بعدهما استقالته من وظيفته وعاد الى ليعمل معلماً في المدرسة الرشيدية في القدس حيث نظم قصيدة «الشاعر المعلم» التي عارض فيها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي يقول في مطلعها:
قم للمعلم وفه التجبيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
كما قدمنا، وانتاب المرض طوقان وقضى وقتاً طويلاً في المستشفيات للعلاج ثم قدم استقالته الى المدرسة الرشيدية ليعمل في دائرة بلدية نابلس ثم بعد ذلك في القسم العربي في اذاعة القدس عام 1936م وشاهد احداث فلسطين الدامية وكتب فيها كثيراً من قصائده الخالدة وفي الثاني من شهر مايو عام 1941م انتقل الى رحمة الله سبحانه وتعالى وكان طوقان شديد التأثر بأمير الشعراء أحمد شوقي محافظاً على عمودية القصيدة مجدداً في معانيه وصوره وأخيلته شهد له كبار النقاد والشعراء بالتفوق والابداع الشعري الرفيع وقصيدة طوقان «الشاعر المعلم» هي:
«شوقي» يقولُ ومادَرى بمصيبتي:
«قم للمعلم وفِّه التبجيلا»
اقعد فديتك هل يكون مبجلاً
من كان للنشء الصغيرِ خليلا
ويكادُ يفلقُني الأميرُ بقولِه:
«كاد المعلم أن يكون رسولا»
لو جرَّبَ التعليم شوقِي أشهراً
لقضى الحياة تشرداً وذُهُولاَ
حسبُ المعلمِ غُمَّة ًوكآبةً
مرأى «الدفاتر» بكرةً وأصيلاَ
مئةٌ على مئةٍ إذا هي صُلِّحتْ
وجد العمى نحوَ العُيونِ سَبيلا
ولو ان في التصليحِ نفعاً يُرتجَىَ
والله لم أكُ بالعيونِ بخيلا
لكن أصلح غلطةً نَحْويةً
مثلاً وأتخذُ الكتابَ دليلا
مستشهداً بالغُرِّ من آياته
أو بالحديث مفصَّلاً تفصيلا
وأغوصُ في الشِّعر القديم فأنتقي
ماليس مُلتبساً ولا مَرْذولا
وأكاد أبعثُ «سِيبَوَيْهِ» من البِلى
وذويه من أهل القرون الأولى
فأرى حماراً بعد ذلكَ كلّهِ
رَفَعَ المضافَ إليهِ والمفعولا
لا تعجبوا إن صحت يوماً صيحةً
ووقعت مابين «البنوك» قتيلا
يامَنْ يريدُ الانتحارَ وجدتَهُ
إن المعلِّم لايعيشُ طَوِيلا
شوقي من هو؟ فقد ولد عام 1868م وتوفي 1932م وهو أمير الشعر والشعراء في العصر الحديث ووارث تراث العبقرية الشعرية بعد البحتري وابن المعتز وابن الرومي والمتنبي والمعري والشريف الرَّضِيّ ومهيار الديلمي وسواهم بايعه شعراء العروبة عام 1927م بإمارة الشعر العربي وكان من بين الذين بايعوه خليل مطران وحافظ ابراهيم وسواهما من اعلام الشعر العربي المعاصر وطوقان يعارض بقصيدته قصيدة شوقي فقصيدة أمير الشعراء وقصيدة طوقان تتفقان في الوزن والقافية وقصيدة طوقان نقض لأفكار ومعاني قصيدة شوقي وعلى الجملة فالمعارضة هي أن يعمد الشاعر لقصيدة مشهورة فينظم قصيدة على وزنها وقافيتها فينقض في قصيدته أفكار ومعاني القصيدة الأولى التي يعارضها، شوقي ينوه بالمعلم وطوقان يزوري هذه المهنة لأنه يرى عدم تقدير وإجلال هذه الرسالة الخالدة والتي هي رسالة ووظيفة الأنبياء والرسل والمصلحين في كل أمة ومجتمع، وشوقي يبين عظمة المعلم وواجبه في تعليم الأجيال وطوقان أفكاره ومعانيه جيدة تدور حول كثرة أعباء المعلم التي تكاد تذهب بحياته جملة، لقد عارض طوقان شوقي ولكن لم يتسن له أن يصعد إلى منزلة وسدة شوقي الشعرية أو أن يصل إلى مستواه في البلاغة والشعر والبيان، حقاً أن عظمة شوقي لاتدانيها عظمة شاعر آخر، إنه شوقي رب البيان ومفخرة الشعر ومعجزة الالهام والمستحوذ على قصب السبق عند كل رهان أما طوقان فأقل منزلة من شوقي في عالم الشعر والشعراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.