مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    زيلينسكي يقول إن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب    ترامب ينشئ مجلسا وطنيا للطاقة ويعين دوغ بورغوم رئيسا له    إسبانيا تفوز على الدنمارك وتتأهل لدور الثمانية بدوري أمم أوروبا    "أخضر الشاطئية" يتغلب على ألمانيا في نيوم    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    منع استخدام رموز وشعارات الدول تجارياً في السعودية    "سدايا" تنشر ورقتين علميتين في المؤتمر العالمي (emnlp)    نيوم: بدء تخطيط وتصميم أحياء «ذا لاين» في أوائل 2025    لجنة وزارية سعودية - فرنسية تناقش منجزات العلا    نجاح قياس الأوزان لجميع الملاكمين واكتمال الاستعدادات النهائية لانطلاق نزال "Latino Night" ..    اختتام مزاد نادي الصقور السعودي 2024 بمبيعات قاربت 6 ملايين ريال    "الشؤون الإسلامية" تختتم مسابقة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في غانا    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    منتخب مصر يعلن إصابة لاعبه محمد شحاتة    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    ابن جفين: فخورون بما يقدمه اتحاد الفروسية    رتال تختتم مشاركتها كراعٍ ماسي في سيتي سكيب بإطلاق حزمة مشاريع نوعية بقيمة 14 مليار ريال وتوقيع 11 اتفاقية    جدة تشهد أفراح آل قسقس وآل جلمود    بعثة الاخضر تصل الى جاكرتا استعداداً لمواجهة اندونيسيا    القوات الجوية السعودية تختتم مشاركتها في معرض البحرين الدولي للطيران    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    القمر البدر العملاق الأخير    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    باندورا وعلبة الأمل    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    استعادة التنوع الأحيائي    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدير مستشفى الجبيل العام د. مدالله الجوفي: لا توجد دراسة خاصة والتلوث يزيد من أزمات الربو بالجبيل
غازات وسموم مصانع الشركات الكيميائية تهدد موظفي وسكان الجبيل بالموت الصامت
نشر في الجزيرة يوم 04 - 06 - 2002

تلوث الهواء مشكلة أبدية منذ ان بدأت الأرض، فلم يكن الهواء المحيط بنا في يوم من الأيام نظيفا. فلقد كان الهواء ملوثا بالمواد الطبيعية كالأتربة والغبار التي تحملها الرياح، وذرات الملح من البحار والمحيطات، والغازات التي تنبعث من الحيوانات والنباتات والبراكين في الغلاف الجوي.. ولكن الأرض استطاعت خلال ملايين السنين في المحافظة على التوازن البيئي والابقاء على جو الأرض نظيفا من ملوثاتها الطبيعية والمحافظة على بيئة نظيفة وسليمة من الملوثات الضارة.
ومع قيام الثورة الصناعية منذ القرنين الماضيين تقريبا وازدياد عدد السكان فقد اختل التوازن البيئي وخاصة بزيادة مقدرتنا على تلويث الهواء، وقد ظهر هذا الاختلال البيئي بوضوح في المناطق التي تتركز بها الصناعات الكيميائية، حيث تبث هذه المصانع الغازات الكبريتية وغيرها من الملوثات الضارة في الهواء.
«الجزيرة» تطرح هذه المشكلة البيئية لا من باب التهويل والتخويف ولكن من باب اظهار الحقائق ونشر الوعي الكافي لتفهم هذه المشكلة بالاضافة الى وضع حلول لبدائل أكثر أمانا للأجيال القادمة أبنائنا جميعا. إذ ان زيادة الملوثات الصناعية من المصانع تزداد وخاصة عندما تكون الأحوال الجوية مهيأة للابقاء على المخلفات الصناعية قريبة من سطح الأرض ولعدة أيام، فقد كثر الحديث عن التلوث البيئي في الجبيل واستمرار توجيه التهم لأجواء الجبيل وكثر الحديث عن حالات مرضية أبرزها مرض «الربو» ناهيك عن رفض بعض الموظفين الاقامة في الجبيل..!!
رأي علمي
في البداية تناول الأستاذ «محمود الصفار» - باحث علمي - تخصص فيزياء وجيولوجيا عن الواقع المؤلم لاجواء المدن الصناعية عامة مع التحليل لتلك العناصر والغازات السامة عن هذه القضية إذ يقول: لا أريد ان اتكلم عن مدينة الجبيل الصناعية بعينها وبشكل خاص، بل أريد ان أتكلم بشكل عام عن هذه المشكلة البيئية والتي يجب ان يكون هناك الوعي الكافي لتفهم هذه المشكلة ووضع حلول لبدائل أكثر أمانا للأجيال القادمة أبنائنا جميعا.
فقط يجب ان نعلم ان زيادة الملوثات الصناعية من المصانع، وخاصة عندما تكون الأحوال الجوية مهيأة للابقاء على المخلفات الصناعية قريبة من سطح الأرض ولمدة أيام، فهناك حقائق من دراسات علمية تؤكد بأن الغازات الضارة قد تتسبب في صعوبة التنفس وزيادة في السعال أو الرشح والتهاب العيون بكثرة بين الناس وخاصة عند كبار السن والأطفال كما تزداد نسبة الوفيات بسبب التهاب الرئتين وأمراض القلب والموت السريع عند استنشاق كميات كبيرة وبتركيز عالٍ لبعض الغازات الضارة والدليل ليس ببعيد عن مشكلة مصفاة الأحمدي والشعيبة بدولة الكويت الشقيقة وما تعرض له بعض الموظفين رحمهم الله .
فمن منتصف القرن التاسع عشر أخذت مآسي التلوث تتكرر في المناطق الصناعية في أوروبا وأمريكا مخلفة وراءها الأمراض والوفيات. فمتى تكون لنا قوانين صارمة تطبق للحد من الانتهاكات الصارخة للتلوث الناجم في بلداننا العربية.
للعلم فقط أود ان أذكر بعض الغازات وما يمكن ان تسببه لصحة الانسان فقط لتنورنا وتجعلنا نفكر بجدية لحماية بيئتنا من هذه السموم.
أول أكسيد الكربون: غاز سام لا لون له ولا رائحة. وينتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود، وتعتبر السيارات من أكبر المصادر لهذا الغاز السام وتزيد درجة تركيزه في الهواء عند ساعات الزحام. وهذا الغاز يحل محل الأكسجين في كريات الدم الحمراء وبذلك يقلل الأكسجين في الدم ومع استمرار النقص فانه يؤثر في المخ والقلب ومن ثم الوفاة.
ثاني أكسيد الكبريت: وينتج عند احتراق الوقود الحفري مثل البترول، الفحم الحجري، الغاز الطبيعي، ويعتبر هذا الغاز الخانق من الملوثات في المناطق الصناعية وخاصة في محطات القوى الكهربائية. ويصيب هذا الغاز السام الجهاز التنفسي ويسبب له التهاب القصبات الهوائية، السعال، الرشح، الربو، ويهيج الجلد والعيون، ويزداد خطر هذا الغاز مع زيادة نسبة الرطوبة وذلك بسبب اتحاده مع قطرات الماء وتشكيله للمطر الحمضي الذي من جهته ايضا يلحق التلف بالمعادن والأحجار مثل الرخام والنايلون.
الهيدروكربونات: وهو مركب سام ينشىء عن عمليات الاحتراق غير الكامل للوقود من السيارات أو من مصافي البترول وعملية انتاج غاز الأمونيا. ويقال ان بعض مركباته غير سام وبعضه سام حيث يسبب الأمراض السرطانية. ويزداد خطر هذه الملوثات عندما يتحد مع الأوزون أول أكاسيد النتروجين بوجود ضوء الشمس.
أكاسيد النيتروجين: تتولد هذه الغازات عندما يحترق الوقود في درجة عالية حوالي 650 درجة مئوية فيتسبب ذلك في احتراق النيتروجين الجوي. ومصادر هذه الغازات هي محطات تقطير المياه، السيارات على أشكالها، والمخلفات الغازية في مصافي النفط. وهي غازات سامة تسبب الوفاة إذا كان بتركيز عالٍ، كما تسبب تهيج العيون وتؤذي الرئتين.
الأوزون: وهذا الغاز سام ويتركب من ثلاث ذرات من الأكسجين، واعتقد الكل سمع عن طبقة الأوزون ولكن لا يجب الخلط بين الأوزون الضار الذي يكون قريبا من سطح الأرض فيسبب هيجانا في الأغشية المخاطية لجهاز التنفسي، والتهاب القصبات الهوائية والربو، وبين الأوزون الذي من حسن الحظ يكون على ارتفاعات تقع بين 18 الى 45كم في الغلاف الجوي ليحمينا من الأشعة فوق البنفسجية الضارة القادمة من الشمس.
في الختام يجب ان ندرك ان أخطار ظاهرة التلوث البيئي من هواء، وماء، وتربة. هذه الظاهرة التي قلما نأخذها بجدية تامة واعتقد ان الوقت قد حان للجميع على المحافظة على البيئة التي نعيش في وسطها، والطلب من الجهات المعنية ليس فقط بمراقبة تركيز الملوثات ووضعها في كتيبات تحفظ في الأدراج، بل تطبيق القوانين الرادعة لكل من يلوث البيئة ونشر الحقائق التي تسببها هذه الغازات، ونشر الوعي البيئي بين المواطنين.
الاسبستوس سبب لعدد من السرطانات
وفي مجال خطر مادة الاسبستوس الذي يوجد كثيرا في مثل هذه المصانع الكيميائية يقول الأستاذ أحمد الموسى من الهيئة العامة للبيئة: ان التعرض المستمر لمادة الاسبستوس قد يزيد من احتمال الاصابة بمجموعة من الأمراض الخطيرة خصوصا الاسبستوس وهو مرض مزمن يصيب الرئة ويؤدي الى ضيق التنفس والتليف الدائم لأنسجة الرئة ويجعل المصاب أكثر عرضة للاصابة بالالتهابات الرئوية كما انه قد يكون أحد مسببات سرطان الرئة، وقد يسبب أيضا سرطان الحنجرة والمعدة والقولون والمستقيم والمريء.
ومن الأغراض التي توضح خطورة التعرض للأسبستوس حدوث ضيق في التنفس والسعال المزمن أو التغير في نوعية السعال وظهور دم في البلغم عند السعال ووجود آلام في الصدر أو البطن والاحساس بصعوبة عند البلع أو بحة في الصوت ونقص ملحوظ في الوزن.
مع عمال المصانع
لكل قطاع أو شريحة انتاجية في الوطن معاناتها البيئية الخاصة، والمواطن القريب من بعض مصانع الشركات الكيماوية يعاني من التلوث الناجم عن انتشار الروائح الكريهة في منطقته، حيث تتراكم في رئتي عمال المصانع فيموتون بالسرطان، والجراثيم تنتقل من المريض الى الممرض. انه الموت الصامت.
وهناك الكثير من العمال يموتون من ضحايا الأمراض المهنية والتلوث الصناعي. ويتعرض العمال في هذه المصانع لروائح عديدة من الأحماض والمواد الكيميائية مثل حمض الفوسفوري وحمض الكبريتي وانبعاثهما التي تؤثر على الجهاز التنفسي. كما يتعرضون لمستوى عالٍ من الضجيج يفوق بكثير من المستويات المسموح بها. وتتزايد في صفوفهم بأمراض السرطان والربو والحساسية وضيق التنفس. وتتكرر هذه الاصابات وتتكاثر من دون احصاءات ودراسات لوضع حد لما يجري. بل انها تتكتم على الأمر بوجود ادارات خاصة بحماية البيئة وتقوم بواجبها!!.
فكثيراً ما يشعر العمال والموظفون من داخل المصانع بالأخطار المحدقة بهم لكنهم في نفس الوقت يتكتمون على الافصاح والتحدث باسمائهم الصريحة حرصا على لقمة العيش والبعد عن التحقيقات التي ستجرى لهم من قبل المسؤولين بالعمل، وغالبا ما ينكر أرباب العمل أي مسؤولية عن مرض ناجم عن بيئة العمل غير الصحية، وكم من أسرة فقدت معيلها وواليها بهذا الموت الصامت ولم تحصل على تعويض.
التحرج في التحدث بصراحة
يقول المواطن جاسم بوعلي: لكل مواطن الحق في تنبيه أي مخالف للقوانين التي تصون المصلحة العامة وله الحق في التبليغ عنه لدى المراجع المختصة لاتخاذ الاجراءات المناسبة لكل أغلب الموظفين هناك يتحرجون في الحديث عن هذه القضية.
ويقول: لقد آن الأوان للانتقال من طرح الشعارات البيئية في المناسبات الى تعيين أهداف محددة لمعالجة مسائل مثل مصادر تلوث الهواء والماء والفوضى في استعمال الأراضي وتنظيم الصناعة.
رجل وزوجته يمرضان
بالجبيل فقط
فيما يقول المواطن أبوعبدالله الذي يعمل في احدى شركات سابك بالجبيل الصناعية: التلوث في محافظة الجبيل ومحيطها قضية ساخنة وذات نتائج خطيرة وسريعة، فالموت يعيش في المصنع ذاته بل في البيت والسيارة والطريق. وأضاف يقول: لا تزال مآسي العديد من العمال والفنيين والمهندسين والقاطنين في جوار المصنع توفوا نتيجة معاناة لسنين طويلة عملوا خلالها في الأجواء الموبوءة. وهذا يعطي ان المنطقة ستكون منكوبة بيئيا وصحيا وتحتاج الى استنفار الأجهزة الرسمية والأهلية لمعالجة هذه المسألة التي تأخذ بعدا وطنيا.
وأضاف يقول متحدثا عن وضعه الصحي: أنا عشت وتربيت في قرية الصمان بالنعيرية ودرست هناك حتى تخرجت من الثانوية، وعندما التحقت بالعمل في احدى الشركات بالجبيل بعد مدة سنتين تقريبا وجدت نفسي أشعر بضيق تنفس وأصبح الأمر يزداد لكنني لاحظت انني حينما أسافر لقريتي لزيارة الأقارب أجد راحة تامة ولا أشعر بأي ضيق تماما. وبعد ان أعود لمدينة الجبيل بفترة أجد المعاناة تعود وعندما راجعت المستشفى في كل مرة قالوا لي انك مصاب بربو. فسألتهم ما السبب فرفضوا توضيح ذلك!! فقررت أن أذهب لمستشفى خاص بالخبر الذين قاموا بارسال عينة وتحليلها في الخارج على حسابي الخاص، وأثبتوا أنني أعاني من ربو من الدرجة الخامسة «يعني من النوع الشديد في علم الطب» ونصحوني بأن أعيش في مدينة أخرى غير مدينة الجبيل. فأصبحت أعيش في معاناة مرضية وأتحمل وأضغط على نفسي من أجل الجري وراء لقمة العيش.
وأردف يقول: حينما تزوجت واحضرت زوجتي معي بالجبيل وبعد مرور عدة شهور إذ أجد زوجتي تعاني من ضيق تنفس «مرض الربو» وحينما اذهب بها الى بيت والديها بمدينة الخفجي ترتاح صحيا بشكل كبير. فعلمت ان الأجواء الموبوءة هي السبب في ذلك.
واختتم حديثه بالقول إنني أبحث عن عمل في مكان آخر غير مدينة الجبيل وحينما أجده لن أتوانى في الالتحاق بها من أجل العيش براحة وصحة وعافية.
الكل يتكتم من أجل
لقمة العيش
ويقول آخر: قبل سنوات أصيب صديق لي في أحد المصانع بسرطان رئوي بعد أكثر من 15 سنة عمل، وحاول أهله معالجته دون جدوى وتكتم الجميع عن الأمر «أرباب العمل انكارا للمسؤولية وتكتم العامل المصاب وأهله خوفا من سد باب رزقه والدخول في متاهات القوانين والمحاكم.. ولم تمض فترة شهور معينة حتى أتاه الأجل المحتوم بسبب التعرض لتلوث ما في بيئة العمل، وكثيراً ما تبقى الأسباب خفية أو مخفية ولا تكشف إلا بعد فوات الاوان.
التلوث يزداد ليلاً
ويقول أبوسالم: ان هناك نقطة مهمة جدا وهي في نظري سبب تزايد التلوث أحيانا الذي يظهر جليا في زيادة نسبة الغبار الصادر من المصانع الحديثة هي ان بعض المصانع حينما ترفع من انتاجيتها الاجمالية فانها بذلك تزيد في نسبة التلوث خاصة بعد منتصف الليل بدون رقيب أو حسيب!!
المنطقة الشرقية أقل إصابة بمرض الربو المنتشر
ثم توجهنا بسؤال لمدير مستشفى الجبيل العام د. مدالله بن صالح الجوفي عن أهم الجوانب التي تقدم لمرضى الربو والأنشطة التي تقدم لهم فأجاب مشكوراً بالقول:
بلا شك المستشفى يهتم كثيراً بمرضى الربو حيث شاركنا مؤخرا بمهرجان «طفل الربو» مشاركة من المستشفى في الاحتفال العالمي بيوم الربو، واشتمل البرنامج على محاضرات توعية تثقيفية خاصة بالربو القتها طبيبات المستشفى والوحدة الصحية بالجبيل، وكذلك مناقشة مفتوحة بين الطبيبات والأمهات وفقرة التلوين للأطفال وفقرة قطار التوعية لطفل الربو وكذلك مسرح العرائس الذي تحدث فيه العرائس المتحركة عن مرض الربو ومشاكله للأطفال، بالاضافة الى العديد من الفقرات المتنوعة وتوزيع الوجبات الخفيفة، والكتيبات الخاصة لمرضى الربو وتوزيع الهدايا على جميع الأطفال.
وأردف مدير المستشفى يقول: تركزت مشاركة المستشفى في هذا اليوم العالمي على جانب مهم وهو التوعية الصحية وبيان الوقاية والعلاج حتى يتم التقليل من تأثيرها على الصحة العامة وكذلك التقليل من مضاعفاتها وفهم الأبعاد الصحية والاقتصادية لمشاكل الربو.
ونفى مدير مستشفى الجبيل العام ان تكون مدينة الجبيل سجلت أعلى نسبة في مرض الربو أو أية أمراض أخرى من جراء التلوث الصناعي، حيث قال: ان عدد الحالات المسجلة والمصابة بمرض الربو هي 227 حالة مما يعني نفي هذا الاتهام، إذ انه بمراجعة الاحصاءات في كتيب «علاج الربو» من قبل وزارة الصحة يتبين ان نسبة المرضى بالمنطقة الشرقية أقل من غيرها بالمملكة.
وأبان د.مدالله الجوفي انه لا توجد دراسة خاصة في مدينة الجبيل على وجه الخصوص ولا تعد كل الحالات كانت بسبب التلوث البيئي لكن التلوث البيئي بالتأكيد يعد من أهم الأسباب المؤدية الى اشتداد أزمات الربو.
وعن وجود حالات مرضى مصابين من جراء التلوث البيئي ونصحهم الأطباء المختصون بتغيير المنطقة والمكان، فأكد د. مدالله بأن هناك بعض الحالات تتحسن بتغير المنطقة ولكن عدد الحالات غير معروف، وان هذا هو الربو المسبب بالعوامل الخارجية وتعرف بالتجربة والملاحظة من المريض.
تحفظ عن الإجابة
أما مستشفى الصدر بالدمام فقد كانت اجابتهم بعيدة جدا عن أسئلة «الجزيرة» الخاصة بموضوع التلوث البيئي، واقتصرت اجاباتهم على الاشادة بالدور الذي يقوم به المستشفى في العلاج والوقاية من الأمراض الصدرية وتحفظ المستشفى كذلك عن بعض الأرقام والاحصائيات المطلوبة في موضوعنا.
الحلول
من الحلول المطروحة لهذه القضية يعود الأستاذ محمود الصفار مجددا إذ يقول: ان أسهل حل لخفض انبعاثات الملوثات في الهواء هو ترشيد استهلاك الطاقة في المصانع القريبة من الوحدات السكنية عن طريق التخطيط السليم للمنشآت الصناعية المساهمة في تخفيض حدة تلوث الهواء برفع كفاءة استخدام الطاقة الكهربائية وانتاج المواد الكيميائية باسترجاع هذه الملوثات وتحويلها الى مواد نافعة كما هو معمول به في الدول المتحضرة.
كذلك زيادة مساحات الحدائق العامة والمتنزهات وزرع الاشجار على حافات الطرق لأن الاشجار تضفي جمالاً طبيعياً ومزيجاً وتنقي الهواء من نسبة كبيرة من الغبار والجسيمات المعلقة وتمتص مقدرة من الغازات الضارة وتنتج الاكسجين الضروري للتنفس لعامة الكائنات الحية.
دور الهيئة الملكية بالجبيل
كذلك طرحنا القضية بين أيدي الهيئة الملكية بالجبيل الصناعية وهي الجهة المعنية للرد والمشاركة حيث أجابت ادارة العلاقات العامة مشكورة ممثلة في مدير العلاقات العامة الأستاذ عبدالله بن عبدالمحسن العجمي الذي تحدث باسهاب اذ قال: تقوم الهيئة «ادارة حماية البيئة بالهيئة الملكية» بتطبيق برنامج الهيئة الملكية للمحافظة على البيئة للمدينتين الصناعيتين الجبيل وينبع للعمل على توافق بين البيئة والصناعة، يتكون طاقم العمل في مدينة الجبيل الصناعية في مجال البيئة من خمسين موظفا من المتخصصين والفنيين والاداريين وينقسم برنامج حماية البيئة بالجبيل الصناعية الى اربعة عناصر رئيسية هي:
أولاً: المراقبة البيئية وتشمل: مراقبة جودة الهواء والارصاد الجوية حيث تقوم الهيئة بتشغيل عدد سبع محطات ثابتة موزعة في المدينة بعناية لمراقبة جودة الهواء والارصاد الجوية لتحديد مصادر التلوث في المدينة وقياس تركيز ملوثات الهواء لمقارنتها بالمعايير البيئية المعمول بها في الهيئة الملكية.
بدء مشروع مراقبة جودة الهواء في المدينة منذ عشرين سنة، وتم تحديثها أكثر من مرة لمواكبة تطور المدينة ومتطلباتها.
في عام 1998 قامت الهيئة الملكية بالجبيل بتأمين محطة متنقلة لدعم عمل المحطات السبع المنتشرة في المدينة، وتعمل هذه المحطة بتقنية الأشعة تحت الحمراء لاستخدامها في مراقبة بعض مصادر التلوث في حالة الاشتباه بتلوث منطقة معينة أو تلقي شكاوٍ وكذلك القيام ببعض الدراسات البيئية ويمكن لهذه المحطة المتنقلة قياس أكثر من 30 مركبا من مشتقات المركبات العضوية كالبنزين والتولين والستايرين.
1/ مراقبة جودة المياه: تراقب الهيئة الملكية بانتظام نوعية المياه في مدينة الجبيل الصناعية سواء مياه الشرب أو مياه الشواطئ القريبة من المدينة، ومياه البحر الداخلة والخارجة لتبريد المصانع والمياه الجوفية وكذلك مراقبة مياه الصرف الصحي والصناعي والمياه المعالجة التي يتم استخدامها لاغراض الري. تتم المراقبة عن طريق اخذ عينات بانتظام وتحليلها في مختبر الهيئة الملكية المجهز بطاقم كيميائي متخصص ومزود باحدث اجهزة التحاليل لتقويم جودة المياه وتركيز المعادن الثقيلة والمركبات العضوية فمن مياه الخليج يتم اخذ عينات على طول الساحل وداخل البحر من عدة مواقع.
2 / مراقبة الضجيج حيث اعدت الهيئة الملكية برنامجا لمراقبة الضجيج البيئي في المنطقة السكنية والصناعية بالجبيل الصناعية، ويتم مراقبة الضجيج بواسطة اجهزة قياس الضجيج اليدوية لمطابقتها مع المعايير البيئية المعتمدة للمدينة.
وتقتصر المعايير البيئية للضجيج في المصانع على ألا يتجاوز 75 دي بي عند سور المصنع ، اما معدل الضجيج في الداخل فهو من مسؤولية المصنع حيث ان ذلك يندرج تحت مظلة السلامة المهنية.
ثانياًَ: التفتيش على المرافق الصناعية:
يرتكز مبدأ التعامل مع المصانع في مجال المحافظة على بيئة الجبيل على التعاون والمبادرة في تذليل العقبات وتنفيذ توجيهات الهيئة الملكية والأنظمة البيئية المعتمدة وتجسد لائحة الهيئة الملكية لحماية البيئة دليلاً ملموسا على نوع هذه العلاقة.
ويتم التفتيش الدوري لعمل المصنع أو متابعة ادارة النفايات الصناعية وفق جدول زمني حسب نوع وطبيعة عمل المصنع، والاجراء الأساسي هو ان تتم زيارة سنوية لكل مرفق صناعي.
أما النوعان الآخران من التفتيش فيعتمدان حسب البلاغ وقد تتم الزيارة في نفس اليوم ولا يوجد برنامج زمني لها. وفي بعض الاحيان يقوم المصنع بدعوة المتخصصين بالهيئة الملكية لاطلاعهم على تقنية جديدة أو حضور اجتماع تتخلله زيارة ميدانية.
ثالثا: لائحة المعايير البيئية:
ان طابع مدينة الجبيل الصناعية في كونها مجمعا صناعيا كبيرا لشركات عالمية تعمل في مجال الصناعات البتروكيميائية والأسمدة والحديد. وهذا يعطي للمدينة طابعا خاصا بالنسبة للوضع البيئي، ومن هذا المنطلق ومنذ المراحل الأولى لانشاء المدينة تم وضع تصور كامل حول كيفية المحافظة على بيئة المنطقة بداية بتقويم الآثار البيئية المحتملة ومروراً بتصميم المدينة وبرامج التشجير وأخيرا اصدار الارشادات البيئية للهيئة الملكية الصادرة في عام 1986 وتم تحديثها في عام 1988، وانتهاء بصدور لائحة المعايير البيئية للهيئة الملكية في عام 1999.
رابعا: التقويم البيئي للمرافق الصناعية:
من جهود الهيئة الملكية في الحفاظ على البيئة، تقوم المشروعات الصناعية من الناحية البيئية ودراسة مدى التزامها بتطبيق المعايير البيئية المعتمدة لدى الهيئة الملكية. ولكي يتمكن ذلك فهناك نظام محدد لكل مستثمر يجب اتباعه قبل الشروع في بناء المصنع. فيجب على كل مستثمر الحصول على الموافقة وتزويد الهيئة الملكية بتقرير معلومات بيئية قبل ستة أشهر من البدء في الانشاءات بالنسبة للمصانع الأساسية والثانوية وبعض الصناعات الخفيفة يوضح مدى تأثيرها المحتمل على البيئة.
بعد تقديم هذا التقرير المشفوع بالمخططات التفصيلية للهيئة الملكية تقوم مجموعة من المتخصصين في البيئة بمراجعة التقرير، وبعد ذلك تصدر الهيئة الملكية تصريح تشغيل بيئي صالحا لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مع اتباع نفس الاجراءات، واختتم مدير العلاقات العامة الاستاذ عبدالله العجمي بالقول: ان جهود الهيئة الملكية في مراقبة وحماية البيئة ساعدت كثيرا في المحافظة على جودة الهواء وحماية المدينة من التلوث الناتج عن الصناعة، وقد أثبتت نتائج الدراسات التي أجريت لمعرفة معدلات الاصابة بمرض الربو على نطاق المملكة أو من قبل الهيئة الملكية بأن المنطقة الشرقية ومدينة الجبيل الصناعية أقل من معدل اصابة بمرض الربو مقارنة بباقي مدن المملكة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.