السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد.. فكما ان للكاتب الحق فيما يكتب - في حدود - فإن للقارىء الحق أيضا في ان يبدي رأيه وملاحظاته حول ما يقرأ في جريدته، فذلك دليل تواصل وتفاعل بين الجريدة وكتَّابها وقرائها. لذا فأملي ان تنشر ملاحظاتي هذه حول ما كتبته د. هند الخثيلة في زاويتها «وتاليتها» في العدد 10797 حول عمل المرأة من أجل استخلاص حقوقها بنفسها، واستغنائها عن الوكيل، وأنها تتساوى مع الرجل في العمل، مستشهدة بالآيات الكريمة التي بدأت بها هكذا: {فّاسًتّجّابّ لّهٍمً رّبٍَهٍمً أّنٌَي لا أٍضٌيعٍ عّمّلّ عّامٌلُ مٌَنكٍم مٌَن ذّكّرُ أّوً أٍنثّى" بّعًضٍكٍم مٌَنً بّعًضُ} . ثم تقول:«هذا كلام الحق سبحانه إذ يساوي بين الجنسين في العمل، وفي الأجر، وفي الاستجابة، وحين قال تعالى:{وّقٍلٌ \عًمّلٍوا فّسّيّرّى پلَّهٍ عّمّلّكٍمً وّرّسٍولٍهٍ وّالًمٍؤًمٌنٍونّ} تقول:«كان الخطاب للجنسين معاً وجاء التكليف لهما على درجة واحدة من الأسباب والنتائج في ظل تعهد إلهي بحفظ حقوق الطرفين في العمل..» وبعد الآية: {إنَّا لا نٍضٌيعٍ أّجًرّ مّنً أّحًسّنّ عّمّلاْ} ، تقول الكاتبة:«وحين تخف المرأة الى تلبية أوامر الله بالعمل، وتجتهد طاقتها لتسد حاجات أسرتها «أولاً» ومجتمعاتها «ثانياً».. الى أن تقول.. «فإنها تجد نفسها أحيانا في تضاد مع الرجل في ظل التنظيم الاجتماعي والنظام الاداري في الوقت الذي يفترض فيه ان تتكامل معه، لا ان تتضاد، وخاصة حين تدرك ان أسرار الحيوية التنظيمية في المجتمعات المتقدمة تستمر وتزدهر عندما يطالها التغيير.،، الى ان تقول.. «أما ان قيل ان دور الوكيل مهم في عملية استخلاص الحقوق والملاحقة القانونية، كون المرأة لا تستطيع ان تتابع ذلك في الدوائر الحكومية والمؤسسات الأخرى، وأنها لم تكن من قبل تحمل وثيقة شخصية تؤهلها لمثل هذه المتابعة ومثولها بها أمام الهيئات الرسمية، إن قيل ذلك فإن الجواب عليه يكمن في ان لدى المرأة اليوم من الامكانات الشخصية والعلمية ما يجعلها تحمل الوثيقة الشخصية، الذي لم يعد ذلك سبباً في حرمانها من تمثيل ذاتها وفرض وجود الوكيل عليها وعلى حقوقها». انتهى كلامها. وهذه بعض الملاحظات: أولا: تحدثت الكاتبة عن عمل المرأة، وعن مساواتها بالرجل في العمل، مستشهدة بالآيات الكريمة التي في حقيقتها تتحدث عن مساواة الرجل والمرأة في أعمال العبادة وفي التكاليف الشرعية وما يلاقيه المسلم والمسلمة في سبيل الله، وفي الأجر والثواب والحساب والعقاب وليس فيها ما يدل على ما ارادت الكاتبة وما ذهبت اليه من ان المراد بالمساواة بالعمل إنما هو العمل الدنيوي الذي تحدثت عنه!! وتكملة الآية الأولى:{فّالَّذٌينّ هّاجّرٍوا وّأٍخًرٌجٍوا مٌن دٌيّارٌهٌٌمً وّأٍوذٍوا فٌي سّبٌيلٌي وّقّاتّلٍوا وّقٍتٌلٍوا لأٍكّفٌَرّنَّ عّنًهٍمً سّيٌَئّاتٌهٌمً وّلأٍدًخٌلّنَّهٍمً جّنَّاتُ تّجًرٌي مٌن تّحًتٌهّا الأّنًهّارٍ ثّوّابْا مٌَنً عٌندٌ پلَّهٌ وّاللَّهٍ عٌندّهٍ حٍسًنٍ پثَّوّابٌ}. أما الآية الأخرى:{إنَّ پَّذٌينّ آمّنٍوا وّعّمٌلٍوا پصَّالٌحّاتٌ إنَّا لا نٍضٌيعٍ أّجًرّ مّنً أّحًسّنّ عّمّلاْ}. إذاً فمراد الآيات بالعمل واضح وجلي ولا أظنه يخفى على أحد. فهل خفي على الكاتبة؟! ثانياً: قول الكاتبة:«تجد نفسها أحيانا في تضاد مع الرجل في ظل التنظيم الاجتماعي، والنظام الاداري». نعلم ان نظامنا الاجتماعي لم يُبن على عادات وتقاليد بشرية أو على قوانين وضعية قاصرة، إنما بُني على نظام سماوي عظيم {لا يّأًتٌيهٌ پًبّاطٌلٍ مٌنً بّيًنٌ يّدّيًهٌ وّلا مٌنً خّلًفٌهٌ} هذا النظام جعل لكل من الرجل والمرأة عمله الخاص به، وحدد مسؤولياته التي تتناسب مع قدراته وامكاناته، وتتوافق مع ظروفه ومع فطرته التي فطره الله عليها. والمرأة والرجل كلاهما يدان تعملان في بناء المجتمع والأمة، ولو قلنا ان الرجل هو اليد العاملة لكانت المرأة هي القلب الذي يمد هذه اليد بالحياة والحيوية. ومن الجهل انكار عمل القلب لكونه مختفيا في الصدر، وكون المرأة في بيتها لا يعني أنها لا تعمل أو أنها طاقة معطلة بل هي في أشرف مهنة «والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها» وهي أيضا تعمل في كل مجال يبيحه الشرع ويحتاجه المجتمع والأمة، متى أُمنت الفتنة. وما لم يؤدِ ذلك الى اضاعة وظيفتها الأساسية في تربية أبنائها ورعاية شؤؤن بيتها. الملاحظة الثالثة: قول الكاتبة:«أسرار الحيوية التنظيمية في المجتمعات المتقدمة». أقول: المجتمعات المتقدمة- كما يحلو لبعضنا تسميتها - ليست قدوة لنا، ولا نأخذ منها إلا ما كان فيه نفع ولا يتعارض مع مبادئنا العظيمة، وكم في هذه المجتمعات من تعارض مع مبادئنا وهو وللأسف الذي نحرص على أخذه منهم ونعجب به كثيراً - ولئن تقدمت تلك المجتمعات في مجالات الصناعة والاختراع والعلم المادي فلقد تأخرت فيما هو أهم وأعظم، فتناسب تقدمها هذا مع القيم الانسانية: الأخلاق تناسب عكسي ولئن علموا في مجالات دنيوية فلقد جهلوا جهلا عظيما فيما هو خير وأبقى {يّعًلّمٍونّ ظّاهٌرْا مٌَنّ پًحّيّاةٌ پدٍَنًيّا وّهٍمً عّنٌ الآخٌرّةٌ هٍمً غّافٌلٍونّ}. أفتبهرنا مادياتهم ودنياهم لتصرفنا عما تميزنا به من عند الله سبحانه وتعالى فنتخلى عنه؟!! الملاحظة الرابعة: عن قول الكاتبة:«.. كون المرأة لم تكن من قبل تحمل وثيقة شخصية تؤهلها مثل هذه المتابعة ومثولها بها أمام الهيئات الرسمية». عفواً أيتها الكاتبة.. عفواً. هل الوثيقة الشخصية هي التي تعطي المرأة الحق في المتابعة في الدوائر الحكومية والمثول أمام الهيئات الرسمية والمؤسسات؟!!!. أم ان هذه الوثيقة هي التي ميزت الرجل في بعض الأعمال على المرأة؟! ألأن المرأة لا تحمل هذه الوثيقة حرم الشرع الحكيم عليها السفر من غير محرم؟! ومنعها من تأدية الركن الخامس من أركان دينها إن لم تجد المحرم؟!!! بل وأسقطه عنها في هذه الحالة؟! ألهذا السبب أُعفيت المرأة من تأدية الركن الثاني من أركان دينها العظيم خارج بيتها في المسجد. في الوقت الذي أوجبه - أي الركن الثاني - فيه على من يحمل الوثيقة؟! وهل تُبيح الوثيقة ما ليس مباحاً؟! عفواً أيتها الكاتبة هذه ملاحظاتي على ما كتبت وأرجو قبولها فالله من وراء القصد. وعذراً للإطالة.. والحمد لله رب العالمين الذي إليه تصير الأمور.