أكد تقرير فلسطيني رسمي صدر مؤخراً تحت عنوان «الانتفاضة الفلسطينية البعد الاقتصادي» أن الحل غير العادل لهذا الصراع الفلسطيني الاسرائيلي سينتج عنه تحويل كل افراد الشعب الفلسطيني او بعضه الى قنابل موقوتة، حيث اشار التقرير الى ان اغلاق الضفة وقطاع غزة من قبل السلطات الاسرائيلية نتج عنه تحويل 3 ،22% من الفلسطينيين الى عاطلين، ومن المتوقع زيادة هذا المعدل الى اجمالي يبلغ 50% وذكر التقرير ان تردي الاحوال للاقتصاد الفلسطيني سيمتد لصالح الجانب الاسرائيلي، حيث يستفيد الاخير من صادراته من المواد الخام والمواد الاولية بنسبة تصل الى 96% من جملة الانتاج، على الجانب الآخر يستورد الفلسطينيون 77% من حاجاتهم من اسرائيل نظراً للحصار المفروض عليهم، كما تبلغ مساحة الأرض التي يعيش عليها الشعب الفلسطيني 22% من المساحة العامة، بينما يبلغ عدد السكان ثلاثة ملايين نسمة في حين يعيش في الشتات قرابة 6 ،3 ملايين نسمة، وأكد التقرير ان الجانب الاقتصادي قد اخذ محورا مهما في الحرب الشاملة التي تشنها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، فهي لم تقتصر على احتلال الارض وتدمير المساكن، بل بدأت عمليات غزو اقتصادي ستقود الاقتصاد الفلسطيني الى حافة الهاوية. وأوضحت مصادر اقتصادية رفيعة المستوى ان استمرار المواجهة بهذه الصورة السيئة ستفقد الشعب الفلسطيني كل شيء بما يحولهم الى قنابل موقوتة ستفجر الجانب الآخر مما يدفع المنطقة الى حرب طويلة في الشوارع وداخل المدن وفي كل مكان بما لاتستطيع معه اسرائيل تحقيق اهم الاركان التي تقوم عليها وهو تحويل الدولة الصغيرة الى قاعدة اقتصادية قوية من خلال الصناعات الضخمة المتعددة. مزاج غريب أضافت المصادر ان الواقع الحالي يشير بقوة نحو نتيجة سيئة على الجانب الاسرائيلي الذي يسيطر عليه الآن مزاج غريب يهدف للغطرسة والتباهي بالقوة، ذلك المزاج الذي جاء بآريل شارون رئيساً للحكومة والذي لايؤمن إلا بالمنطق العسكري وفرض القوة. على جانب آخر أكدت دوائر اقتصادية بالسلطة الفلسطينية ان البضائع القادمة من المستوطنات الاسرائيلية تهدف لزعزعة الصناعة الفلسطينية فضلاً عما يلحق بالأيدي العاملة والأسعار والمواد الخام والاستهلاك من اضرار، وتنقسم تلك البضائع لقسمين الأول منها تتم صناعته في المصانع الموجودة داخل اسرائيل والقسم الأخير يتم في المستوطنات، وهناك اجماع من الجانب الفلسطيني على مقاطعة بضائع المستوطنات بصورة تامة، سواء كان لها بديل ام لا، وذلك لعدم شرعية هذه المستوطنات، اما بضائع القسم الأول فالتعامل معه يتوقف على وجود بديل فلسطيني له، فإذا تواجد البديل يتم مقاطعة البضاعة الاسرائيلية مقاطعة تامة.. مع السماح باستيراد كميات لاتزيد عن حاجة السوق في حالة عدم توافر البديل.. وتصل الواردات بما يصل الى ثلاثة مليارات من الدولارات سنوياً فيصبح بذلك السوق الفلسطيني ثاني اكبر سوق للمنتجات الاسرائيلية بعد السوق الامريكي. وضربت تلك المصادر مثالا لذلك في كميات الادوية التي تستوردها فلسطين من اسرائيل التي تبلغ ما قيمته 18 مليون دولار سنويا، كما ان السوق الفلسطيني يستهلك من الحليب ومشتقاته مايبلغ قيمته 90 مليون دولار سنويا من المنتجات الاسرائيلية رغم تعدد مصانع الحليب ومنتجاته في فلسطين، وقد اتخذ الجانب الاسرائيلي اجراءات عديدة تهدف لتقوية صناعاته وترويج منتجاتها في الوقت الذي ألزمت فيه الجانب الفلسطيني بسلسلة طويلة من القيود، فنجد ان غالبية المستوطنات تتمتع بامتيازات اقتصادية سخية من الحكومة الاسرائيلية باعتبارها اماكن ذات افضلية فيتم اعفاء سكانها بما قيمته 7% من ضريبة الدخل العام بالاضافة الى القروض المدعومة والتعليم المجاني وإعفاءات اخرى يقارب اجماليها سنويا نحو 250 مليون شيكل، وتسعى الدولة الفلسطينية لاتخاذ عدة تدابير من شأنها ضمان عدم دخول منتجات المستوطنات الاسرائيلية لأسواقها، بالاضافة لحث المجتمع الدولي على مقاطعة هذه المنتجات وعدم منحها أية تسهيلات لأن وجودها غير قانوني حسب اتفاقية جنيف الرابعة. ربط خاطئ وحول أسباب تردي الاقتصاد الفلسطيني يقول د. حمدي عبدالعظيم استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات: أن الاتفاقيات التي وقعها الجانب الفلسطيني مع نظيره الاسرائيلي في اوسلو ربطت الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الاسرائيلي، فالعملة للجانبين هو «الشيكل» الاسرائيلي ولاتوجد عملة فلسطينية، وهذا ماجعل أي اهتزاز في اقتصاد اسرائيل يأتي بنتائج سلبية على الفلسطينيين.