كتب الأستاذ عبدالله بن بخيت في عدد الجزيرة رقم 10793 وتاريخ 4/2/1423ه موضوعاً بعنوان «قدم معروض» في زاويته يارا. وأحببت أن أعلق على ما كتبه من باب تبادل الآراء ووجهات النظر في مثل هذه المواضيع المهمة والحساسة في مجتمعنا الحبيب.. راجياً أن يتسع صدر أخي عبدالله لما سيقرأه من أسطر قادمة وليعرف أن الاختلاف هنا لا يفسد للود قضية أبداً وأتمنى ذلك.. وأقول مستعيناً بالله: لا أعتقد أن الأستاذ عبدالله حامداً للسوق فقط في مقاله «قدم معروض» ولكنه بالتأكيد مسيطر على السوق ومن فيه.. ولا أعرف كيف كتب هذا الموضوع ولا كيف قدم وجهة نظره تلك؟.. الأستاذ عبدالله كاتب اجتماعي ساخر وكان المفروض أن تكون كل كتابات الأستاذ عبدالله تبدأ من قاع المجتمع، وليتكتب عن الفقراء والبؤساء والمحرومين.. يكتب عن الناس الذين لا يجدون من يكتب عنهم أو يهتم بمشاكلهم، يكتب لمن لا يملكون مؤهلات اجتماعية أو معنوية تؤهلهم للظفر بحقوقهم المشروعة فقط لا غير فهم لا يريدون اكثر من ذلك أما الناس الآخرون، أخي عبدالله فهم لا يحتاجون لك ولا لي ولا للآخر للكتابة عنهم لأنهم بالتأكيد يعرفون كيف يصلون إلى حقوقهم بطريقة أو بأخرى... يقول أخي الأستاذ عبدالله «كثير منا لم يميز بعد بين حقه القانوني كحق وبين الصدقة التي تلقى عليه.. عندما تستلم حقك الذي تعبت فيه واقره لك النظام تجد أنك ممتن أو شاكر لذلك المسؤول أو هذا الموظف ... الخ» نعم يا أخي لم نفعل ذلك الا عندما اختلط الحابل بالنابل ولم يعد يعرف الشيء النظامي من اللانظامي.. في الكثير من للإدارات الحكومية ان لم يكن بها جميعها.. بالتأكيد الأستاذ عبدالله وغيره يعرف بأننا ولله الحمد نملك نظاماً واسعا جداً وولاة أمر يحرصون كل الحرص على تسهيل كل ما يعترض المواطن في سبيل أخذ حقه كاملاً . ولكن للأسف يبقي هذا النظام حبيس الورق في أحيان كثيرة وتبقى البيروقراطية والروتين الممل وأحياناً كثيرة المزاج هي حجر العثرة الدائم أمام التنفيذ الأمثل والأسرع والأسهل. وكثير من الأحيان يطبق هذا النظام بحذافيره وكل توابعه على الأشخاص الذين لا يملكون إلا شهاداتهم ودرجاتهم العلمية وخبرتهم وجدهم واجتهادهم وطموحهم اللامحدود أما غيرهم فلا.. صدقني أخي عبدالله يبدو أنك طيلة حياتك لم تقف بجوار مكتب أقل الموظفين شأناً لترى كيف يرمقك بعينيه وينظر إليك نظرة قد يتساقط منها لحم وجهك.. وكأنك أتيت إليه لتدخل يدك في جيبه وتأخذ حقك المشروع، أعتقد انك لم تراجع يوماً موظفاً مشغولاً عنك بقراءة الجرايد أو الحديث في التلفون.. ولم تقف تنظر إلى موظف وهو يتلاعب بلوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر الذي على مكتبه ليصف أوراق اللعب كل مع الأخرى في لعبة، بصراحة لا أعرف اسمها، لم تراجع موظفاً يستطيع أن يقفل درج طاولته على معاملتك لأسابيع إذا ما طالبت بحقك كما قلت بقوة الحق وبالنظام الذي يحميك لأن هذا الموظف ياسيدي يتعامل معك وبكل بساطة من مبدأ «من أمن العقوبة .....!» عفواً أخي عبدالله وعذراً لقرائنا الأفاضل.. أتدري كيف تستطيع أن تفوز بحقك حتى وان طال عليه الزمن؟ إذن لابد وأن تحفظ عن ظهر قلب هذه الكلمات لتقولها للموظف حتى تنفخه أكثر وحتى تشعره بمكانته وبأنه المتفضل عليك وحتى تستطيع أن تسد جوانب النقص لديه وحتى تشعره بحاجتك الماسة إليه! وهذه الكلمات هي: «تكفى يافلان أو يابو فلان، يرحم والديك وعساهم في الجنة، طال عمرك لا عدمتك، واحياناً قد تحتاج إلى حب الخشم أو رمي الشماغ.. نعم هكذا» وبالتالي ينال هذا الموظف ما يريد من المدح والأطراء وتعطيه كل ما يريد من نقص معنوي وقد ينهي لك ما تريد في أسرع وقت ممكن ولي استدراك بسيط هنا وهو ليس جميع الموظفين كذلك ولكن ما نسبته قد تزيد عن 90 أو 95% هم كذلك للأسف الشديد.. أخي الأستاذ عبدالله انت رجل معروف ولك مكانة من خلال ما تكتب وربما لا تحتاج سوى لوقفة بسيطة لتخليص كل أمورك وربما حتى تستطيع أن تخلص أمورك عن طريق سائقك الخاص ولكن فكر في غيرك من الأشخاص العاديين الذين ولابد أن تتقرح أقدامهم للوصول إلى ما يريدون ولابد أن تصل درجة حرارة سيارتهم للألف من كثرة ما يراجعون وقد يصلون أخي الفاضل وقد لا يصلون.. أخي الفاضل جرب ان تراجع معاملتك بنفسك وجرب أن تتركها لوحدها لدى الموظف تأخذ مسارها النظامي الطبيعي وانظر إلى الفرق في الزمن لانتهائها عندها ستعرف بأننا أناس لا يمكن أن نعمل إلا وهناك شخص يقف على رؤوسنا وبأننا لا نعمل إلا بالقوة والمتابعة..! أنت أستاذي الكريم في موضوعك متفائل جداً وهذا من حقك ولكن بالتأكيد أنت لم تقف على معاناة الآخرين كما يجب.. أرجوك انزل إلى الناس البسطاء تتبع أمورهم أسألهم، استمع إليهم، شاركهم قضاياهم اكتب عنهم وعن معاناتهم وصدقني هذه المرة لن تحتاج إلى أن تكتب معروضاً ابداً.. هم محتاجون لكل من لديه قلم ورأي وفكر مثلك.. عندها ستعرف بأن هناك الكثير من هؤلاء اراد أن يقابل رئيس قسم أو مسؤول فلم يصل إليه لأيام طوال وستعرف بأن هناك أبواباً خلفية غير مخصصة للمراجع وستسمع بأن هناك موظفاً متمتعاً بإجازة لمدة قد تزيد عن الشهر وليس هناك من يقوم بعمله حتى يعود ولايهم المعاملات المتكدسة في مكتبه.. وستعرف أخيراً أن هناك من الناس من لم يترق منذ خمس عشرة سنة بالرغم من أن هذا حق مشروع وقانوني وليست صدقة كما تقول... ما رأيك؟؟ أخيراً يقول الأستاذ عبدالله (طالما أنك تطالب بحقك فلماذا تجر الأمور إلى النواحي الإنسانية.. وكان من المفروض أن يقول أي انسان يطالب بحقه «هات حقي») ثم يقول« لا أعلم هل هذا يعود إلى عدم توفر من ينصفك لاستعادة حقك؟ أو ان الناس لا تعترف كيف تسترد حقها.. فأصبح الإستجداء جزءاً من الثقافة العامة..» الخ ومن خلال الأسطر المختارة السابقة أريد أن أسأل أخي الأستاذ عبدالله سؤالاً وأتمنى أن يجيب عليه بكل أمانة وموضوعية وبكل مبادئ وشرف الصحفى المتمرس.. هل صحيح أنك لا تعلم كل ذلك؟؟ وهل أنت أستاذي تكتب عن المفروض أم تكتب عن الواقع فهناك فرق كبير أخي العزيز... فاصلة أخيرة الإنسان الصحيح قد يكتب عن المرض ولكن صدقني هو لا يعرف ولا يعرف معاناته وكذلك الغني قد يتحدث كثيراً ربما عن الفقر ولكنه لم يبت يوماً خالي البطن...