التردد صفة تلازم الكثيرين منا عند اتخاذ قرار مهم يترتب عليه اشياء كثيرة ولكن قد يتطور هذا التردد الى مرض اجتماعي ثم يتطور الى مرض عضوي او نفسي لا قدر الله كما يقول الطب النفسي.. لماذا يتردد الناس عادة عند الاقدام على اتخاذ قرار مهم؟! وما هي اسباب التردد؟ وما علاقتها بثقافة الشخص وتربيته الصحيحة؟ ما هي أكثر الامور التي تتردد فيها الشابة والشاب عموماً؟ كيف يمكننا الخلاص من هذه الصفة المذمومة؟! في البداية لماذا التردد؟! كثرة المعروض والبدائل!! * سلطان محمد باحث اجتماعي يرى ان للتردد أسباب كثيرة بعضها مرضي وبعضها نفسي والبعض الآخر يعود لشخصية المتردد وتربيته وبيئته الاجتماعية، ولعل الاسباب الاولي لها مجالها الطب النفسي ولكن دعونا نؤكد ان تركيب الانسان عموما يختلف من فرد لآخر من ناحية القدرات العقلية والبنية الجسدية والنشاط الذهني والثقافة في بيئته المحلية وكل هذه العوامل تعتبر اساسية في القدرة على اتخاذ القرار المناسب وبسرعة مطلوبة دون تردد ولعل هذه القدرات هي التي تميز الاشخاص القياديين دون غيرهم وهي التي تحدد القائد والمقود بالاضافة الى اعتبارات اخرى لا داعي لذكرها وامر آخر لا يقل اهمية عن ما سبق وهو التربية ودورها في تعزيز الثقة في نفس الطفل وتعويده اتخاذ القرار وكيفية التفكير السليم وهذا على المدى البعيد يقود الى شخصية متزنة لا يعتبر التردد عندها عاملاً مرضياً أو مزعجاً والمؤسسات التعليمية في المجتمع والاعلام كذلك له دوره في غرس هذه القيم والمفاهيم في نفوس النشء. ويضيف: والحقيقة ان التردد يكاد يكون من سمات هذا العصر الحديث والمتجدد، فالثقافة والخبرات التراكمية لم تعد وحدها الحل الشافي لعلاج التردد فكثرة المعروضات والبدائل تجعل الشخص العادي السوي في حيرة من أمره ماذا يختار؟! واذا بحثت مثلا عن كاميرا رقمية ستجد عشرات الانواع وبأسعار متقاربة ولشركات تتنافس في الخدمات فالتردد في هذه الحالة يكون مقبولاً بشرط ألا يتحول الى عقدة من الشراء وفي حدود الوقت المقبول. * يتفق معه تيسير السعيد موظف ان كثرة العرض وانواعه واشكاله تسبب ربكة عند الشراء أو عند اتخاذ القرارات المهمة. مضيفا ان الاجيال السابقة لها اهداف محددة واتخاذ القرارات أمر سهل لديهم لوضوح الهدف والمطلوب.. الآن حينما يتقدم الشاب للزواج فالخيارات امامه كثيرة لذلك يحتار ويتردد اما سابقا فلا يوجد مثلاً الا ابنة عمه.. ففيم يتردد؟! الزواج والوظيفة!! وعن أكثر الاشياء التي يتردد بها الشاب أو الشابة تقول (أشواق طالبة جامعية): الزواج طبعاً ، فالشابة تضرب أخماساً في أسداس لحظة اتخاذ القرار وعدم تطبيق الشرع فيما يتعلق برؤية الزوج او الزوجة في حدود ما سمح به الدين يساهم في ازدياد التردد لدى الشابة في اتخاذ هذا القرار المصيري الذي يترتب عليه مستقبل وحياة كاملة.. وتضيف والمشكلة ليست في الاختيار كما يقولون ولا بهذا طويل وهذا قصير ..لا المشكلة في مفارقة البنت الشابة لأهلها.. صدقوني هذا امر في غاية الصعوبة!!! * هدى موظفة: تخالف رأي سابقتها مؤكدة انها لا يمكن ان تتردد في اختيار الزوج لأن هذا القرار قسمة ونصيب على حد رأيها مؤكدة ان الفتاة لا تملك الاختيار في هذا الموضوع ونسبة التردد قليلة فالكتاب باين من عنوانه.. وتضيف: فالزوج مثل المكتوب لانجد صعوبة في رفضه أو قبوله لأنه باين من عنوانه!! وعن الاشياء التي تردد بها شخصيا تقول مضيفة: أكثر شيء أتوقف عنده واتردد كثيراً عند شراء الذهب والاكسسوارات واجزم ان كل فتاة ربما انتابتها المشاعر نفسها عند شراء كل جديد وملفت للنظر وينسحب الامر على الملابس أيضا.. ومصدر التردد عند المرأة هو اهتمامها الشديد برأي الناس عنها فلو قالت لها زميلتها: (فستانك يجنن) لا تسعها الفرحة طوال ذاك اليوم وهمس زميلاتها على فلانة غير الانيقة ايضا يجعلها دائما تفكر ألف مرة بأن لا تجعل نفسها موضعاً للحديث والهمس وهذا سر التردد عند معظم البنات اللاتي أعرفهن.. * الشاب محمد الشليمي موظف يؤكد ان الشباب لا يترددون في أمر أكثر من ترددهم في اتخاذ القرار حول اختيار مستقبلهم إلاقسام الجامعية او الكليات التي تناسبهم ويزيد التردد عند المتفوقين من وجهة نظري لان الفاشل لا يعنيه الامر وظيفة وخلاص!! وأنا شخصيا عشت سنة كاملة ايام ثالث ثانوي وانا كل يوم اختار لي كلية.. مرة أقرر الهندسة ومرة الصيدلة واخرى اقول الكليات العسكرية افضل.. وهكذا حتى قذفت بي الظروف في احضان وظيفة حكومية بعد ان تركت الجامعة!! * الطالب ماجد الشمري يقول: انا مفتون في السيارات لدرجة الهوس وتستهويني موديلاتها واشكالها الرياضية وبعد نجاحي من الثانوية العامة اهدى لي والدي سيارة وترك لي حرية الاختيار. ويضيف مستغرباً تخيل شهر كامل لم اقرر.. كل يوم أذهب للمعرض والشباب أصدقائي ساهموا في ترددي.. الكل يقترح سيارة أخرى واخيراً حسم لي الموضوع خالي قائلا: كم معك؟! قلت: (100) الف ريال. قال: خلاص انتهى الموضوع اشتري فورد والباقي سافر به خارج المملكة في اجازة الصيف!! ويختتم ماجد ساخراً: طبعاً هذه المرة لم أتردد!! الجوالات وأسماء المواليد * أم أحمد (متزوجة) ولها 9 أبناء فهي تؤكد ان اختيار اسم المولود بعد الثالث ربما لا يعني كثيراً الزوجين مثل اختيار الاسم الاول ولكن اختيار الاسم في هذه المرحلة كثيراً ما يصاحبه التردد دعوني أحكي لكم قصة اختيارنا للاسماء لأول مولود جانا كانت بنتاً ترك لي زوجي حرية اختيار الاسم والمولود الثاني كان ذكراً اسماه زوجي على اسم والده ثم جاء مولود ذكر فتطوع احد افراد العائلة لتسميته ثم كبر ابنائي وأصبح لكل واحد رأي في اختيار الاسم. ولم نحسم الامر الا عن طريق القرعة!! * بندر الشمري متزوج حديثا: يقول وصلت الى قمة التردد بعد ان قدمت مولودتي البكر وساهم في ترددي ايضا ان زوجتي تركت لي حرية اختيار اسم المولودة الجديدة ويضيف قائلاً: أتدرون ماذا عملت؟! اشتريت كتباً من نوع كيف تختار اسم ابنك أو بنتك أو ابنتك؟ وفعلا قررت الاختيار ولكن وقعت في حيرة بين اسمين اعجابي ترددت كثيراً اختيار أي منهما!! * الشاب احمد الراشد طالب يرى ان التردد عنده يصل ذروته في اختيار الجوال، حيث الانواع الكثيرة تدعو فعلا للحيرة ومميزات كل نوع تساهم في ترددي أيها اختار فهذا شكله مميز وهذا رسائله التي يخزنها أكثر وهذا ذاكرته أقوى.. كل ذلك جعلني متردداً الى الآن في اختيار الجوال المناسب. * المعلمة (سمر) تقول: الجوالات شغل المعلمات الشاغل فكل يوم شيء جديد وشكل جديد ومميزات جديدة الواحدة منا تقرر وقبل اقتناء أي هاتف جديد ناهيك عن الاكسسوارات الكثيرة والنغمات وأنا ترددت في نوع الجوال الذي سأشتريه (طبعاً غير القديم) وكل واحدة من زميلاتي تقترح نوعاً مختلفاً وتضيف: وأنا من طبيعتي التردد والى الآن لم أقرر!! * لن تصدقوني اذا قلت لكم انه من فرط ترددي عدت الى مدينتي التي تبعد عن العاصمة 800كم وبدأت القصة كما يرويها سعد العنزي: كنت في اجازة الصيف وارغب السفر الى الرياض فهاتفني بعض الاصدقاء الذين يرغبون بقيام رحلات برية ليلية.. ولكني أخبرتهم بضرورة سفري للرياض للقاء الاهل والاقارب والاصدقاء وفعلا سافرت وطوال الطريق كنت انوي العودة للحاق برحلتي المفضلة الى البر.. وحينما وصلت الرياض اي بعد ان قطعت 800كم ماذا تتوقعون؟! لقد عدت ثانية الى نقطة البداية!! هل شاهدتم متردداً أكثر مني؟!!