لم يكن بمقدور شارون أن يفعل احسن مما فعل. وكان كيل اللوم للفلسطينيين والاستخدام المفرط لكلمة إرهاب التي اظهر إحصاء مبدئي أنها تكررت 50 مرة خلال عشر دقائق والتعليقات المقتضبة الوجلة عن الاحتلال. والاكتفاء بذكر المستوطنات اليهودية مرة واحدة فقط. والحديث عن الحاجة إلى الشفقة الإسرائيلية، كانت جميعها بمثابة برهان كافٍ على أن الرئيس بوش فشل تماما في فهم المأساة التي يفترض انه يحاول حلها. لقد اصبح التمساح فريسة والفريسة تمساحا. وأتساءل ما هي المسافة الحقيقية بين روز جاردن. وبيت لحم والتي جعلت وزير الخارجية كولين باول ينوي السفر إلى المنطقة هذا الاسبوع. إن سؤال البيت الأبيض الذي طرح على شارون مرارا على حد قول الصحافة الإسرائيلية حول المدة التي ينوي أن تستغرقها إعادة احتلال المدن الفلسطينية في الضفة الغربية كان بالطبع لمنح السيد شارون مزيدا من الوقت لإتمام الاجتياح و تدميرالبنية الأساسية وتفكيك السلطة الوطنية الفلسطينية. وكان الخطاب مفعما بكل الهواجس المتعلقة بالحرب على الإرهاب. و على العراق بصفتة راعيا للإرهاب لمنحه المال لأسر الشهداء الفلسطينيين. وعلى سوريا لأنها لم تحسم رأيها بعد إذا ما كانت مع أو ضد الإرهاب. وقد أوفد الاتحاد الأوروبي، الذي يخشى من رفع أسعار البترول بما يترتب عليه من آثار على اقتصاد منطقة أوروبا الموحدة. بعثة إلى إسرائيل في وقت سابق، وبنفس الازدراء التقليدي اخبر شارون أعضاء الوفد بأنهم لن يتمكنوا من زيارة ياسر عرفات في رام الله. وما لبث هذا الوفد أن حزم حقائبه وعاد إلى تل أبيب في غضون ساعات. بعد أن كان قد أعلن في وقت سابق أن الأمريكان فشلوا في مهمتهم كصناع سلام في الشرق الأوسط. ولكن هل سيفعل السيد باول شيئا افضل؟ لقد هبط الدولار أمام العملات الأخرى بسبب أزمة الشرق الأوسط وهو ما يعد سببا وجيها يتحرك الرئيس بوش من أجله، ومن اجل احتمالات لجوء منتجي بترول الشرق الأوسط إلى الحظر مما يلحق بأوروبا مزيدا من الضرر، وربما يكون كل هذا قد ساهم في تعزيز قرار الرئيس بارسال باول. ومع هذا مثلت العمليات الفدائية الفلسطينية محور خطاب الرئيس بوش. الذي تحدث عن الفدائية الفلسطينية التي تبلغ من العمر 18 عاما والتي فجرت نفسها حيث لقيت فتاة إسرائيلية ذات 17 عاما مصرعها في العملية. وعن حلم الدولة اليهودية في السلام مع جيرانها. وصرح بوش بأنه يجب أن يتوقف الإرهاب..لا توجد دولة يمكن أن تتفاوض مع قادة الإرهابيين أو مع الإرهاب.. أنت إما مع العالم المتحضر أو مع الإرهاب.. جميع الأطراف في الشرق الأوسط يجب أن تتحرك بالكلمات والأعمال ضد الإرهاب . أدعو السلطة الوطنية الفلسطينية أن تفعل ما بوسعها لوقف أنشطة الإرهاب لقد وافق عرفات على السيطرة على الإرهاب. وفشل. إن إعادة احتلال الضفة الغربية كان إجراء مؤقتا. قالها بناء على ثقته واثقا في كلمة المحتلين الإسرائيليين. واستطرد إن العمليات الانتحارية قد تؤدي إلى نسف الأمل الوحيد في قيام دولة فلسطينية. وورد في الخطاب حديث عن أحداث أيلول/سبتمبر وتمت مناظرة الحالة بالشرق الأوسط بها. لابد من إزالة أعداء إسرائيل حماس. و(كتائب) الأقصى. والجهاد الإسلامي. وحزب الله الذي ضرب مراقب الأممالمتحدة على الحدود اللبنانية في تطور هو الأخطر من نوعه منذ انسحاب إسرائيل عام 2000. لقد دار خطاب بوش كله حول رفاهية إسرائيل إلى جانب ثلاث دقائق خصصت بشق الأنفس للفلسطينيين و أعوامهم ال(35) تحت الاحتلال. وقرر الرئيس بوش أن إسرائيل يجب أن تظهر احتراما واهتماما بالشعب الفلسطيني، وحوى الخطاب تكرارا تقليديا للحديث عن قرارات مجلس الأمن 242 و338 التي تدعولانسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967 ولكن شارون قال انه لا يمكن أن يقبل بهذه القرارات. كما اشتمل على نداء لوقف بناء المستوطنات. إلا أن المستوطنات اليهودية مازالت تبنى على الأراضي الفلسطينية بمعدل أسرع مما كانت عليه أبدا. إن القلب الحجري فقط هو الذي لا يمكن أن يتجاوب لمعاناة هذه العائلات الإسرائيلية التي انتزع أحباؤها بطريقة بشعة على أيدي الفدائيين الفلسطينيين. قال بوش في خطابه ولكن أين كانت شفقة الرئيس بوش عندما قتل عدد أكبر بكثير من الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية خلال ال 19 شهرا الماضية وأين كان شجبه لفرق الموت الإسرائيلية وهدم المباني وتجريف الأراضي هذه الأمور ببساطة لم تأت في خطاب بوش. نعرف أن نقود عائلات الشهداء لم تذهب بالطبع إلى أقارب الفدائيين. بل إلى عائلات كل من قتلوا على أيدي الإسرائيليين والذين سحق معظمهم بأسلحة أمريكية الصنع.ومن المؤكد أن الولاياتالمتحدة لم تقدم أبدا تعويضات للأبرياء الذين لقوا مصرعهم بصواريخ جو أرض وقذائف باعتها هي لإسرائيل. جدير بالذكر أن الطريقة العادلة الموزونة التي اتبعها تيري لارسن مبعوث الاممالمتحدة للشرق الأوسط ونيجل روبرتس المدير المحلي للبنك الدولي والتي حاولت وصف المأساة كانت اكثر استنارة. فقد طلبا من الجانبين في مؤتمر صحفي قصير إنهاء العنف واحترام القوانين الدولية ودعوا إسرائيل والفلسطينيين على حد سواء لكسر دائرته. ووصف لارسن المنطقة المسماة المنطقة الإسرائيلية العسكرية المغلقة بأنها غير شرعية وتعد خرقا غير مباشر لاتفاقات أوسلو. الاندبندنت البريطانية