في الإسلام لا دم طاهراً سوى دم الشهيد في سبيل الله، وما عدا ذلك فدم العربي وغير العربي، والمسلم وغير المسلم، لها حرمة دم الانسان دينياً، يتمايز البشر في العقائد ولكن لا تمايز بينهم في الدم والكرامة، فالقرآن الكريم يقول «ولقد كرَّمنا بني آدم»، والرسول صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي مرت به، وعندما قيل له: إنها جنازة يهودي، قال: أليست نفساً؟! أن يدعي اليهود انهم شعب الله المختار، وأن دمهم نقي طاهر ودم البشر الآخرين نجس، وان البشر عدا اليهود ليسوا سوى غوييم «خدم» لليهود، كل هذه اعتقادات يهودية مبنية على اساطير وليست حقائق علمية، لكن أن تأتي مجلة علمية متخصصة وتسحب اعدادها بعد صدورها وتطالب من وصله العدد وفيه مقال بإسقاطه واستبعاده، فهذا هو الشيء الغريب الذي لا يتوقع، ولو حدث هذا في العالم الثالث لقيل إنه عالم متخلف لا يعرف الروح العلمية الصرفة. أما أن يحدث في العالم المتقدم فهذا هو الشيء الأكثر غرابة. هذا ما حدث في مجلة «هيومان أميونولوجي HUMAN IMMUNOLOGY» ومعناها مناعة الانسان، حيث نشرت بحثاً علمياً أعده «أنطونيو أرنيز فيلينيا» ونشرته المجلة المذكورة وموضوعه التنوع الوراثي «الجيني» حيث خلصت الدراسة الى انه لا يوجد اختلاف في التوزيع او التكرار في الدم بين اليهود والفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية، ولا يوجد اي تميز جيني يميز اليهود عن الشعوب الأخرى في المنطقة، بل وصل البحث إلى أن اليهود والفلسطينيين يشتركون في جمعية جينية متماثلة، وانهم تربطهم «وراثياً» صلة قرابة، وان المنافسة الموجودة بين الطرفين ترتكز على الاختلافات الثقافية والدينية، وليس على الاختلافات الوراثية. وشن اليهود حملة على المجلة، وكتبوا لها رسائل، وكتبوا كذلك للجامعات والمكتبات مطالبين بالاستنكار لذلك وإزالة الصفحات الخاصة بالمقال وكأنها لم توجد في المجلة، وسحبت المجلة اعدادها ونفذت ما طلب منها ضاربة عرض الحائط بالروح العلمية والمصداقية البحثية. وعندما ذهل الباحث من ردة الفعل غير العلمية اعتذرت «نيكول سوشيو فوكا» رئيسة التحرير بأن ذبح الموضوعية العلمية يعود لعدم مصداقية نتائج البحث، حيث ان الكاتب اعتمد في اشارته الى النواحي الدينية والتاريخية على مراجع علمية موثوقة بما فيها دائرة المعارف البريطانية. العلماء قالوا إن الخاسر في ذلك ليس العرب، بل المصداقية العلمية التي اصبحت تخضع لأهواء اليهود، ولذلك كتبوا مساندين للباحث وأبدوا استعدادهم للاحتجاج على دعاوى سحب المجلة، ويبقى دور العلماء العرب والمؤسسات الثقافية العربية والاسلامية، هل كتبوا للمجلة أو نشروا عن خنوعها للضغوط السياسية مضحية بالمصداقية العلمية؟! لا يطلب من العلماء ان يدخلوا في جريمة ابادة الفلسطينيين المبنية على اساطير من يدّعون أنهم أبناء الله وشعبه المختار، ولكن المطلوب ان يحموا مصداقية بحوثهم، والا كانت كالبحوث السياسية التي تتوصل إلى نتائج مبنية على المصالح لا الحقائق الموضوعية. * للتواصل ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691