قصيدة رثاء صاحب الفضيلة الأخ الكريم والفقيد الغالي الشيخ الدكتور عمر بن محمد السبيل رحمه الله وغفر له وألهم والديه وأهله وذويه الصبر والسلوان . إنه سميع مجيب. نكأت جرح الأسى الفتاك يا عمرُ والهمُّ نيرانه في القلب تستعرُ فُقْدانكم يا إمام البيت فاجعةٌ وغلغل الحزنَ في أرواحنا الخبرُ يبكي مصلاك في البيت الحرام على ما فاته والصفا والحِجْر والحَجَرُ وخيم الحزنُ في أنحاء جامعةٍ بمثلكم يا ربيب العلم تفتخر فضل وبذل ورفق كالشذا عَبَقاً والعلم نهرٌ زلالٌ ما به كدر وما رأيناك إلا كالضحى ألقاً كالشمس نوراً كوجه البدر يزدهر سمحاً قريباً حبيباً هيّناً دَمِثاً مُوطِّئاً هذبته الآي والسور ألفاظه كعبير الزهر مُفعمةٌ باللطف كالجدول الرقراق تنحدر أنيسك الوحي والعلم الزلال به تسلو وما طاش منك الفِكْر والفكَر قلبٌ إذا بات فالأنعام نعمتهُ والنور والطور والأحزاب والزمَرُ وتكتسي من أفانين الرضى حُللاً ويبعث الشوقَ صفواً وجهُك النّصِر في مشرق العمر والإقدام باسمةٌ أيامه والعطاء الجم ينتظر أودى بك الموت فانهارت مشاعرنا أسى فقد غاب من ليل المنى القمر هذا هو الوالد المكلوم لاهبة أحشاؤه باللظى والدمع ينهمر يبيت يأبى عليه النومَ مضجعُه كأنما غُرست في جسمه الإبر كم عاش يسكب فيك الطهر في دأبٍ ويبتني فيك آمالاً ويدّخِر يرى بك المجدَ في أثواب عزته من أجل عينيك يحلو الهم والسهر أيامه فيك آمالٌ مغردة وفي هزيع الليالي يَعْذُب السَّمَرُ كنتَ الرفيق الذي يسلو برفقته بَرٌّ حنون خفيض الصوت مُؤْتمرُ حتى إذا ما استوى غرس الرضى وعلى أغصانه طابت الأزهار والثمر يجتثه الموت رغماً عن أحبته وهكذا تفجع الأيام والغِيَرُ أدهى مصاب على وجدان والده والمرء بالخير والبأساء يُخْتَبرُ يا رب أفرغ عليه الصبر وابْنِ له قصراً من الحمد في فردوس من صبروا واربط على مهجة الأم الرؤوم فما أقسى زماناً عليها ما به «عُمَر» هو الأبَرُّ الذي في ظل رحمته ما مرّ في جوها غيمٌ ولا قتَرٌ وزوجة باتت الأيام تسعدها باللطف والعطف لا همٌّ ولا ضجر خلٌّ وفيٌّ حباها عطر مهجته فهو الهوى والمنى والسمع والبصر عَدَتْ بها حادثات الدهر فانتهبت حليلها واستبد الهمُّ والكدر يا رب رحماك بالقلب الجريح وبِال رُّوح التي لحنان منك تفتقر واحسرتا لصغار غاب مؤنسهم لهم تكاد قلوب الناس تنفطر جاءته «نورة» لم يظفر برؤيتها إذ كان في غرفة الإنعاش يحتضر اُمنن عليهم إلهي بالعزاء وكن أنيسهم فبك المكسور ينجبر ال السُبَيل والألفاظ واجمةٌ والشعر عن وصف ما في القلب يعتذر في دوحة الصبر والإيمان تسليةٌ عن الرزايا وأرباح ومُتَّجَرُ هذا الحبيب الذي تبكون غيبته يكاد يبكي عليه الزهر والشجر أتيتُ أروي مواساتي بقافية تكاد من حرقة الأحزان تنصهر يا شيخنا أحسن الباري عزاءَكمُ وفي الرضي بقضاء الخالق الظفر قد احتسبتَ إماماً يافعاً طربتْ له جنانُ الرضى واشتاقت السُّرُرُ أنت الذي بعبير العلم ترشدنا كم كنتَ تُسدي لنا الذكرى فَنَدَّكِرُ صبراً على ما أمضَّ الروح من كمدٍ يا شيخنا فهو أمر الله والقدر أنت العليم بما لله من عِدَةٍ للصابرين وما أهدى لنا الأثر هذا مصابٌ لأهل الدين قاطبة فإن غيبةَ أربابِ النُّهى خَطر مضى لجيرة أعلام جهابذة في تربة «العدل» قد ضَمَّتْهم الحُفَر هذي وفود الرضى جاءتك باكية وهؤلاء ملايين الورى حضروا بشائرٌ بختام طيِّبٍ حسنٍ وشاهدٌ من شهود الفوز مُعْتَبر لا تغبط اليوم إنساناً بعيشته فإنما الغبطة المثلى لمن غبروا عزاؤنا فيه ما أبقاه من عبق لسيرةٍ يتمنى مثلها البشر حلَّ التواضع في أعماق مهجته وفرّ منها الهوى والكبر والبطر ماذا تقول حروف الشعر عن علم أخلاقه كنسيم بثَّه السَّحَرُ عليه من ربه الرضوان ما انعقدت غمامةٌ أو هَمَى في أرضنا المطر وما ترنم بالقرآن قارئه وما مشى في رحاب البيت مُعْتَمِرُ * إمام وخطيب جامع الشيخ