تشير الوقائع على الارض ان مهمة المبعوث الامريكي الجنرال انتوني زيني تحقق تقدما تمثل في بدء اسرائيل سحب قواتها من مناطق فلسطينية في خطوة تمسك بها الفلسطينيون بشدة قبل الدخول في محادثات وقف اطلاق النار والترتيبات الامنية الاخرى التي يرعاها زيني الذي تمسك بتفاؤله حسبما قال اول امس الرئيس الامريكي جورج بوش. فقد بدأت اسرائيل سحب قواتها الليلة قبل الماضية من مناطق فلسطينية اعادت احتلالها في الآونة الاخيرة في خطوة قد تكون إيذانا بمسعى جديد تتوسط فيه الولاياتالمتحدة من اجل اقرار هدنة تنهي 18 شهرا من المواجهات العنيفة. وقد اجتمع نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون امس الثلاثاء في جولة ثانية من المحادثات بشأن جهود السلام، وقد القى تشيني بثقله خلف مهمة السعي الى الهدنة التي يحاول المبعوث الامريكي انتوني زيني الوصول اليها. وبعد ان اشرف المبعوث الامريكي زيني علي مباحثات بين قادة امنيين من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني مهدت الطريق الى الانسحاب قال الرئيس الامريكي جورج بوش ان زيني متفائل بشأن تحقيق «بعض التقدم» في جهود التوصل لوقف لإطلاق النار. وقال بوش انه تحدث الى تشيني قبيل الاجتماع مع شارون لكنه رفض ان يقول هل ينبغي ان يلتقي نائبه بالرئيس عرفات الذي تحثه الولاياتالمتحدة منذ وقت طويل على شن حملة لمكافحة العنف في حق الاسرائيليين. وقال بوش «الرد على من يجب ان يلقاه نائب الرئيس او لا يلقاه يتوقف على توصيات زيني» واضاف ان زيارة تشيني للمنطقة كانت «جيدة جداً» بوجه عام. وقال بوش «انه يتولى مهمة السعي لإيجاد بيئة يمكننا من خلالها البدء بتنفيذ خطة تينيت ثم الدخول في خطة السلام في نهاية الامر» واضاف «وقد ارست حكومتنا طريقا الى الحل السلمي لمجموعة بالغة الصعوبة من المشكلات وزيني هناك سعيا الى ادخالنا في تلك العملية». وعلى حين ان بوش كان متفائلا بشأن زيارة تشيني للمنطقة فانها غلبت عليها القضية الاسرائيلية الفلسطينية وليس الحرب على الارهاب واحتمال شن هجوم على العراق، وقال شهود عيان ومصادر امنية فلسطينية ان القوات الاسرائيلية انسحبت من بيت جالا يوم الاثنين في اطار انسحاب متوقع اوسع نطاقا من مناطق الحكم الذاتي التي اعيد احتلالها في الآونة الاخيرة. وقالت مصادر امن فلسطينية وشهود عيان ان ثلاث ناقلات جنود مدرعة على الاقل غادرت بيت جالا بعد ان حمل الجنود معداتهم وأخلوا عدة منازل كانوا قد اتخذوها نقاط مراقبة. ودخلت الشرطة الفلسطينية المدينة في الساعات الاولى من صباح امس الثلاثاء للمحافظة على الهدنة وذلك وفق الاتفاقات التي تم التوصل اليها بين القادة الميدانيين من الجانبين.ومن المتوقع ان يشمل الانسحاب مناطق اخرى من بيت لحم المجاورة ومحيطها وكذا اجزاء من قطاع غزة كانت القوات الاسرائيلية اعادت احتلالها في هجوم شنته في مطلع الشهر. وكان التوغل الاسرائيلي في مناطق سلمت الى الحكم الذاتي الفلسطيني بموجب اتفاقيات السلام المؤقتة في التسعينات قد اثار مخاوف من حرب شاملة. وقال تشيني في حفل استقبال أقامه شارون في القدسالمحتلة «هدفنا واضح ألا وهو انهاء الارهاب والعنف وبناء الثقة بين الاسرائيليين والفلسطينيين بأن السلام ليس ممكنا فحسب بل ضروري واستنئاف عملية سياسية تنهي نصف قرن من الصراعات». والقى العنف بظلاله على جهود تشيني لكسب التأييد العربي لحملة واشنطن لحرمان الرئيس العراقي صدام حسين من اسلحة الدمار الشامل من خلال جولة في الشرق الاوسط بدأها في وقت سابق من الشهر وتشمل 11 دولة. ومن شأن الانسحاب الاسرائيلي الكامل من المناطق الخاضعة للحكم الفلسطيني تلبية مطالب الفلسطينيين لإقرار هدنة تنهي مواجهات مستمرة منذ 18 شهرا غير ان جهود الهدنة اعقبتها موجة من اعمال العنف بعد حلول الظلام. في قطاع غزة قتل الجنود الاسرائيليون بالرصاص نشطا فلسطينيا ادعوا انه يحمل بندقية وقنابل على طريق يستخدمه المستوطنون اليهود، وقال مسؤولو مستشفى فلسطيني وشهود عيان ان مدنياً فلسطينياً قتل ايضا برصاص اسرائيلي في بلدة دير البلح في غزة. وقال مسؤولو مستشفى فلسطيني وشهود عيان ان مصوراً فلسطينياً يعمل لحساب محطة تلفزيون محلية قتله الجنود بالرصاص في قريته بالضفة الغربية قرب مدينة الخليل، وقال الجيش انه لا علم له بالحادث. واصدر زيني بيانا قال فيه ان المناقشات التي دارت بن القادة الامنيين كانت «جدية وبناءة». واشار الى انهم تحدثوا عن سلسلة من القضايا المتصلة بتنفيذ «خطة عمل امنية» صاغها مدير المخابرات المركزية الامريكية جورج تينيت في يونيو حزيران. وتدعو الخطة الى ان يعتقل الفلسطينيون النشطين وان يصادروا اسلحتهم بعد ذلك يتحرك الجانبان تدريجيا من حالة الهدنة الى محادثات سلام كاملة في اطار خطة صاغها السناتور الامريكي السابق جورج ميتشل. وفيما احرز زيني تقدما في الجهود التي يبذلها ابدى الفلسطينيون استياء من عدم تضمن جدول اعمال تشيني عقد اجتماع مع عرفات. وقال تشيني انه دعا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «للوفاء بالتزاماته والتنديد على الدوام باستخدام العنف كسلاح سياسي وبذل جهد بنسبة مئة في المئة للقضاء على الارهاب». وتابع انه سيناقش مع شارون «الخطوات التي تستطيع اسرائيل اتخاذها لتخفيف المشاق الاقتصادية التي يعانيها الرجال والاطفال والنساء الفلسطينيون». لكن صائب عريقات المفاوض الفلسطيني البارز قال انه مما يثير العجب ان يقول تشيني انه يسعى للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين في حين يجتمع بقيادة طرف ولا يجتمع بقيادة الطرف الاخر.