السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: ما زالت مآسي المعلمات ومعاناتهن مع عملية التنقل من وإلى مدارسهن البعيدة عن مقر إقامتهن مستمرة مع الاسف الشديد، فها هي الصحف تطلعنا بين الفينة والاخرى على مأساة جديدة يكون قد ذهب ضحيتها العديد من ارواح اخواتنا المعلمات وهن في طريق ذهابهن أو عودتهن من وإلى مدارسهن في مختلف مناطق المملكة حتى اصبح ذهاب المعلمة إلى عملها وعودتها منه يمثل هاجساً مخيفاً يطل بوجهه مع صباح وظهر كل يوم دراسي على المعلمات وذويهن وسبب ذلك ما يسمعن به أو يرينه بأم أعينهن من حوادث السير التي تحدث للكثير من زميلاتهن، ومع ايماني التام بقضاء الله وقدره إلا أنني ارى ان اسباب حدوث مثل هذه المآسي تنطوي تحت مظلة السائق وحده! نعم السائق وحده! بعد قدره الله سبحانه وتعالى، ولعلي اوجز بعضاً منها فيما يأتي: أولاً: رعونة وتهور بعض سائقي مركبات نقل المعلمات هداهم الله، حيث ان هذا السائق اما ان يكون شاباً مراهقاً ترك مقعد الدراسة او بالاحرى فشل فيها وامتهن هذه المهنة التي تدر عليه مدخولاً مادياً كبيراً فتجده يسهر حتى ساعة متأخرة من الليل إن لم يسهر الليل كله! دون أن ينال قسطاً كافياً من النوم غير آبه بما ينتظره من عمل وما أن يحين موعد ايصال الضحايا!! عفواً اقصد المعلمات الى مدارسهن حتى يهب مفزوعاً من نومه من أجل المرور عليهن في منازلهن فيصل به الأمر احياناً إلى أن يغفو عدة إغفاءات اثناء سيره لا يوقظه منها إلا رجفة مطب أو منبه سيارة قادمة يكون قد انحرف اليها فيعيدوه الى صوابه أو ان يكون السائق طاعناً في السن لا يتجاوز مدى بصره امتار معدودة، وفي حالة اخرى قد يكون السائق موظفاً يسير بسرعة جنونية من اجل سرعة العودة إلى عمله الاصلي قبل إقفال دفتر الحضور؟! وكل هذا يحدث مع الاسف على حساب ذهاب ارواح بريئة كل ذنبها ائتمنته على ارواحها ووثقت به. ثانياً: قد تحدث مثل هذه الكوارث بسبب رداءة المركبة المستخدمة للنقل وعدم توفر وسائل الامن والسلامة فيها من احزمة امان ومقاعد خاصة لكل معلمة واطارات جيدة وغيرها من الوسائل التي يجب توفرها في مثل هذه المركبات وقد يصل الجشع ببعضهم إلى أن يجمعوا اكبر قدر ممكن من المعلمات داخل السيارة السوبربان (الصالون) وهي غالباً وسيلة النقل المستخدمة من قبل اكثرهم، حيث يقوم بازالة المقعد الثالث بحيث تركب ثلاث او اربع من المعلمات في المقعد الثاني خلف السائق بينما تزدحم البقية في مؤخرة السيارة في منظر أقل ما يقال عنه بأنه مزر وغير حضاري، لذا فإنني اتمنى أن ينظر في عملية نقل المعلمات بحيث تكون وفق ضوابط وشروط محددة دون السماح لكل من هب ودب بممارسة هذه المهنة التي فرض علينا ديننا القويم ومن ثم اخلاقنا وعاداتنا ان يقوم بها ذكورنا دون إناثنا وهذا هو الصواب ولا شك، وسوف اورد هنا بعضاً مما اراه من المقترحات والضواط التي يجب توافرها فيمن يمتهن هذه المهنة وهي: 1 ان تكون عملية النقل تحت اشراف مباشر من الرئاسة العامة لتعليم البنات من خلال اداراتها المنتشرة في مختلف مناطق المملكة. 2 تقوم ادارات التعليم في المناطق بطرح مناقصة خاصة لنقل المعلمات من وإلى مدارسهن بحيث تقوم الادارة باقتطاع جزء معين من مرتبات المعلمات الراغبات في ذلك دون الزام. 3 ان يلتزم سائق سيارة المعلمات بعدم نقل معلمات اخريات من محافظة او بلدة اخرى غير التي ينقل منها وفي ذلك اختصار للوقت وابتعاد عن السرعة والعجلة المذمومة التي قد يحدث بسببها ما لا يحمد عقباه. 4 تقنين الاجرة التي تدفعها المعلمة للسائق في مقابل نقلها وعدم تركها (اي الاجرة) تخضع لطمع وجشع السائق بحيث تحدد الاجرة من قبل الادارة حسب المسافة بين مقر سكن المعلمة ومدرستها. 5 كفاءة السائق من جميع النواحي الخاصة بالقيادة. 6 تحديد سن معينة للسائق كأن تكون من الثلاثين إلى الستين مثلاً. 7 عدم ارتباط السائق بمهنة او وظيفة اخرى قد تكون سبباً في عجلته وسرعته إلا أن تكون هذه الوظيفة في غير وقت الصباح. 8 ملاءمة المركبة المستخدمة للنقل واستيفاؤها لجميع شروط الامن والسلامة خصوصاً المقاعد واحزمتها بحيث يكون لكل معلمة مقعدها الخاص بها دون ازدحام. 9 ان تكون المركبة ذات موديل حديث لا تقل عن 97، مثلاً وقد يقول قائل بأنه ليس باستطاعة كل شخص توفير مثل هذه المركبة فأقول إن مثل هذا الكلام مردود خاصة اذا ما علمنا بأن اقل شخص يمتهن هذه المهنة ينقل من 7 إلى 8 معلمات وكل معلمة تدفع له اجرة لا تقل عن (700) إلى (1000) ريال أي أن مدخوله الشهري يصل إلى أكثر من (6000) ريال، بل إنني اعرف شخصاً ينقل (12) معلمة مسافة (35) كم يأخذ من كل واحدة منهن مبلغاً قدره (700) بحيث يصل مدخوله الشهري ال(8400)، هذا غير مدخوله من وظيفته الثابتة (اللهم لا حسد) والأدهى أنه ينقلهن بسيارة سوبربان ذات موديل قديم لا تساوي قيمتها (8000) ريال، ومع هذا لم يستجب لندائهن باستبدالها بأخرى جيدة. ختاماً كل ما ارجوه هو النظر بعين الاعتبار من قبل المعنيين بالأمر الى هذه المشكلة او المأساة ان صح التعبير وان تجد الحلول المناسبة قبل ان يستفحل امرها ونفقد الكثير من الارواح، والله من وراء القصد. عبدالله بن حمد الدريبي مدرسة عمر بن عبدالعزيز - محافظة البكيرية