«أدب الرحلات» ذلك النوع اللذيذ من الأدب الذي هو كالفستق المقشر كله لذيذ، ، ولا تجد في هضمه أي صعوبة، ، فكذلك هذا الأدب الذي يطير بك على أوراق مجنحة لتجوب أقاصي الأرض، ، وتصل الى كل صقع وكأنك تشاهده، ، فيه الأدب والشعر والوصف، ، والتاريخ والجغرافيا، ، وما رحلة ابن بطوطة منا ببعيد فهي تصف شيئاً حصل في عصور ماضية، ، وكأننا نشاهد على شاشة «الرائي»، ، أو كأننا نشاهدها بصور ملونة، ، يصف الأرض والبشر واللباس والطعام، ، والعادات والتقاليد، ، والركوب ووسائل المواصلات، ، والرياح، ، وكل احوال المناخ، في رحلة شرقت وغربت وبلغت أقاصي الأرض، ، على المراكب والابل في رحلات تتم الآن على ظهور «الطائرات» لا يقرأ احد رحلات ابن بطوطة إلا ويكملها الى آخرها، ، فكأنه يرى صوراً تصف الماضي البعيد وكأنه أمام عينه بأسلوب قصصي سردي، ، وفي زماننا الحاضر هناك رحَّالة هو أقرب الى الشبه بابن بطوطة، ، انه ابن «بطوطة عصرنا»، ، وهو معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي الذي يشغل حاليا منصب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي، وقد قام برحلات كثيرة جداً اشتملت عشرات البلدان في اقاصي الكرة الأرضية وفي مشارقها ومغاربها وهو يتفقد أحوال المسلمين ويطمئن على الأقليات المسلمة، ، ان كتب الشيخ العبودي المطبوعة في الرحلات شملت عشرات الكتب التي تتحدث عن البلدان الإسلامية التي زارها وعن تفاصيل رحلاته تلك ومن اول الكتب التي طبعت لمعاليه كتاب «في افريقية الخضراء» وقد طبعه النادي الأدبي بالرياض، ، ثم توالت هذه الكتب التي منها: على قمم جبال الأنديز، تائه في تاهيتي، جزر المالديف، في جزر الهند وسورينام، الرحلة الروسية، حديث قيرغيرستان، في شرق الهند، في شرق البرازيل، في جنوبالبرازيل، زيارة رسمية لتايوان، اقليما سمارا واستراخان، وغيرها الكثير والكثير «حوالي 40 كتاباً»، ويبدأ الأستاذ العبودي كل كتبه بحديث عن البلاد التي زارها أي إعطاء نبذة شاملة عنها من حيث الموقع مع ارفاق خارطة لها وعدد سكانها ونسبة المسلمين واحوالهم، ثم يبدأ فصل المشاهدات اليومية بتسجيل دقيق وتفصيل شامل، ويعجبني الأسلوب المبسط للشيخ العبودي في السرد بعيداً عن التقييدات الروتينية فهو يتحدث عن كل ما يقابله في يومه ويتحدث عن كل يوم على حدة بدءاً من الاستيقاظ من النوم ومروراً بالفطور والغداء والعشاء والجولات وما شاهده في جولته من مظاهر ما تدل على الفقر أو غيره، ، ويذكر كل من تحدث معه واسمه، وهذا ما يجعل أسلوب معالي الشيخ العبودي استثناءً في ما نقرأه من أدب الرحلات، ، فهذا هو الأسلوب الشيق الذي يجعل القارئ يقرأ الكتاب من الغلاف إلى الغلاف، ، ومع الأسف الشديد فإن بعض مؤلفي كتب الرحلات لا يتحدث إلا عن البلد وعن الاسعار وعن الفنادق وهل هي خمسة نجوم أو أقل وكأنها كتب ترويج سياحي لهذا البلد أو ذاك، ، أما أسلوب معالي الشيخ العبودي فهو يدخل المعلومة في قالب قصصي مشوق يذكر فيه كل ما واجهه من مواقف، ، ومن تحدث معه، ، وما حصل له من مصاعب ذاكراً التاريخ من كل يوم، ، ومرفقا كل ذلك بصور عديدة ملونة للمدن التي يزورها، ، كما تعجبني بساطة الشيخ العبودي وتواضعه الجم وحديثه مع بسطاء الناس الذين يقابلهم والتقاط الصور معهم، وهذا دليل علو همته وصدق نيته، ، فمن خلال عمله كداعية إسلامي فإن هذا الأسلوب هو الأمثل لتأليف قلوب المسلمين الذين دخلوا الإسلام حديثا ولكونه قد أتى من قبلة المسلمين مكةالمكرمة فهم يرون فيه القدوة، ، وقد حصل كثيراً معه ذلك من خلال قراءتي لكتبه، ، فقد قال له بعض المسلمين :حين رأيناك فكأننا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلقي فيهم كلمة بسيطة ويشاركهم طعامهم ويتودد إليهم، وهذا هو المطلوب من الداعية المسلم لا الترفع عليهم ومعاملتهم معاملة رسمية، إن كتب الشيخ العبودي يجب ان تكون وثائق ومراجع لكل داعية مسلم أو فاعل خير يريد أن يقوم بعمل نحو اخوانه المسلمين من الأقليات المسلمة في جميع أنحاء الأرض والذين هم بحاجة إلى الدعم والتعليم، ، والاغاثة فهذه الكتب تصف أحوالهم بأسلوب قصصي رائع وكأن الشخص يعاينها وتتحدث عما يعانونه من نقص في الأموال وقصور في الموارد لبناء المساجد والمدارس وطبع الكتب وتعلم اللغة العربية لغة القرآن، وأخيراً فإنني أتمنى من الشيخ العبودي ما يلي: 1 أن يقوم بطبع كتبه المخطوطة في الرحلات والتي تقارب ال100 كتاب فكتب معاليه رائعة وشيقة وكلما قرأت كتابا أشتاق إلى الآخر، ، ومن هذه الكتب كتاب رحلات في البيت وهي رحلات داخل المملكة العربية السعودية وأتمنى أن يرى النور قريبا ومن هذه الكتب أيضاً: وراء المشرقين، جولة في جزائر البحر الأبيض، ذكريات المؤتمرات، جولة في جزائر المحيط الأطلسي، رحلة المسافات الطويلة، حول العالم في خط متعرج، في ربوع السودان الغربي، الاشراف على اطراف من المغرب العربي، العودة الى غرب افريقية، بقية البقية في حديث افريقية، الى أقصى الجنوب الافريقي، المستفاد من السفر إلى تشاد، من افريقيا الاستوائية إلى ساوتومي، بلاد البلطيق، البرتغال وبلجيكا وهولندا، زيارة للمسلمن في الاتحاد السوفيتي، بلاد السويد، شمال الشمال: الزوج وفنلندا، بلاد الشركس: الايديغي، الرحلة الشمالية، خلال أوكرانيا بحثا عن المسلمين، العودة الى داغستان، من روسيا البيضاء إلى روسيا الحمراء، بلاد التتار والبلغار، بلاد العربية الضائعة (جورجيا)، على أعتاب الهملايا، رحلات في شمال الهند، بلاد الهند، والسند (باكستان)، في أقصى شرق الهند، وسط الهند، الاعتبار في السفر الى مليبار، الى إندونيسيا، مشاهدات في تايلاند، رحلات في بلاد الملايو، بالي (جزيرة الأحلام)، في شمال شرق آسيا، العودة إلى ما وراء النهر، في شمال شرق آسيا، في الجنوب التايلندي، جمهورية قازاغستان، الحل والرحيل في بلاد البرازيل، إلى جنوبالبرازيل، العودة إلى البرازيل، رحلة الجنوب، فنزويلا وترينداد، رحلات فنزويلية، العودة الى الصين، في وسط الصين، بلغاريا ومقدونيا، جمهورية القبائل الروسية، 2 لمعالي الشيخ العبودي برنامج رائع في إذاعة القرآن الكريم يتحدث عن رحلاته ومشاهداته في البلاد الإسلامية وأتمنى ان يتم طرحه في محلات التسجيلات فهو ذو أسلوب رائع في السرد والحديث عن المشاهدات، 3 أن يتحدث معاليه في حلقات من خلال الصحف عن مشاهداته ورحلاته في البلدان الإسلامية ومع الأقليات فانها ذات فائدة للدعاة ومحبي أعمال الخير، وللمنظمات الإسلامية والاغاثية التي تبحث عن التوثيق لأحوال المسلمين واعانتهم، م/ عبدالعزيز بن محمد السحيباني - البدائع