توقَّع اقتصاديون نمواً خلال العام القادم عطفاً على عودة الحياة الطبيعية وارتفاع في معدلات الطلب الكلي والبدء في اللقاح، مشيرين إلى أن الانضباط المالي أسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والإيرادات غير النفطية تسجّل مستويات عالية على الرغم من الجائحة. أكد الكاتب والمحلّل الاقتصادي عبد الرحمن أحمد الجبيري أن موازنة المملكة للعام 2021 جاءت تفاؤلية وتكشف كفاءة الأدوات التي أسهمت في تقويض تداعيات فايروس كورونا في حين أنها تأتي انسجاماً مع التوقعات المستقبلية نحو تلاشي الفايروس وعودة وتيرة الحياة الاقتصادية والتي سينجم عنها الدفع بالطلب الكلي والإنفاق لتحفيز الاقتصاد الوطني إضافة إلى عودة كفاءة عناصر الإنتاج نحو التوظيف الكامل، لافتاً إلى نجاح الخطط والسياسات الاقتصادية خلال العام 2020 على الرغم من حدة المؤثِّرات التي تزامنت مع الإغلاق الكبير وانخفاض الطلب على الطاقة. وبيَّن الجبيري النجاح غير المسبوق في الإيرادات غير النفطية والتي قفزت بنسبة عالية مقارنة بالسنوات الماضية، مشدداً على نجاح العديد من المكتسبات والخطط الاقتصادية التي عزَّزها الدور التنفيذي لمستهدفات رؤية المملكة 2030 ومنها: السياسات المالية والنقدية، تمكين المرأة، البرامج السكنية ، برامج الثقافة والسياحة والترفيه ، الذكاء الاصطناعي ، التقنية والتعليم عن بعد ، التدريب التقني ، تمكين ودعم القطاع الخاص وغيرها ، مما أسهم في تسنم المملكة في العديد من المؤشرات العالمية، حيث قامت الحكومة خلال السنوات الماضية في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية، والإصلاحات الهيكلية والاقتصادية والمالية، والمبادرات لتنويع القاعدة الاقتصادية، وقد ساهمت هذه الإنجازات في تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود وقت الأزمات، حيث أدت الجهود المبذولة إلى تحسين قدرة الحكومة نحو الاستجابة للتحديات المصاحبة للأزمة، بما في ذلك مبادرات تنمية الإيرادات غير النفطية، والتي ساهمت في تعزيز مرونة المالية العامة، من هنا تأتي موازنة عام 2021م للتأكيد على توفير كافة السبل للتعامل مع أزمة جائحة (كوفيد-19)، والحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين كأولوية قصوى، واستعادة وتيرة النمو الاقتصادي، وتعزيز منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية، والخدمات الأساسية، وتحفيز وتمكين القطاع الخاص، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مع الحفاظ على الاستقرار المالي الضروري لتحقيق النمو المستدام. وقال الجبيري إن بيان الميزانية العامة يأتي استمرارًا لنهج الحكومة في الإفصاح المالي والشفافية والتي تعتبر إحدى الركائز في عملية تطوير إعداد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة، ورفع كفاءة انضباط وإدارة المالية العامة، وتابع.. في ظل الأزمة الحالية غير المسبوقة وانعكاساتها على المستوى المحلي والدولي ينشأ عدد من التحديات والمخاطر المحتملة التي تواجهها المالية العامة والاقتصاد على المدى القصير والمتوسط، من أهمها: التقلبات الحادة لأسعار النفط، وأثرها على الإيرادات النفطية، ومخاطر تباطؤ تعافي الاقتصاد العالمي جراء أزمة «كوفيد-19»، واستمرار الأثر السلبي للجائحة إلى العام 2021م، ومخاطر عدم تحقيق المعدلات المستهدفة للنمو الاقتصادي المحلي في ظل تداعيات وتبعات الأزمة على الصعيدين الدولي والداخلي. وقال إن الإنفاق المعتمد في هذه الميزانية (990) مليار ريال، كما تقدَّر الإيرادات بمبلغ (849) مليار ريال، بعجز يقدَّر بمبلغ (141) مليار ريال، ويمثِّل (4.9 %) من الناتج المحلي الإجمالي يُعد في ضمن الاستقرار الآمن لمعطيات الموازنة، حيث تشكِّل استمرار نهج رفع كفاءة الإنفاق الحكومي والحد من الهدر المالي وتعزيز قدرات البرامج الاقتصادية، مشيراً في هذا الصدد إلى التقديرات الأولية لعام 2021م تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ضوء التوقعات باستمرار تعافي الأنشطة الاقتصادية خلال العام، بالإضافة إلى تعافي الاقتصاد العالمي، والأسواق الناشئة بشكل خاص بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا لها مع بداية الأزمة، بالإضافة إلى مواصلة الحكومة لتعزيز دور القطاع الخاص في إطار السعي ليكون المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي، إضافةً إلى تنفيذ الإجراءات اللازمة لرفع كفاءة الإنفاق، بالتزامن مع مواصلة الحكومة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتنويع الاقتصاد من خلال برامج رؤية المملكة 2030، وتحسين بيئة الأعمال، وفتح آفاق جديدة أمام الاستثمار المحلي والأجنبي، ومساهمة الصناديق التنموية، والمشاريع الكبرى، وبرامج التخصيص، وبرامج تحقيق رؤية المملكة 2030 الأخرى التي ُيتوقّع أن تبدأ في تحقيق عوائد متزايدة تدريجيًا خلال الفترة القادمة. وفي المقابل أظهرت الأرقام المعلنة نجاح الحكومة في تخفيض الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، وهو ما ظهرت أهميته بالفترة الأخيرة، حيث التقلبات والتذبذبات في أسعار النفط وبشكل ملحوظ، ووفقاً للأرقام نجد أن المملكة استطاعت أن تضاعف نسبة مشاركة الأنشطة غير النفطية في الموازنة، برفعها من 16.9 % في العام 2000 إلى 35.9 % في 2019، وفي المقابل تراجعت نسبة مشاركة الإيرادات النفطية من 83 % في عام 2000 إلى 64 % في 2019، مع العلم بأنها كانت قد وصلت في 2010 إلى 90.5 %. وقال: إن إستراتيجية الدين العام المقرَّرة ستؤدي إلى تلبية الاحتياجات التمويلية بحزم متنوِّعة ومنها خيارات إصدارات الدين، والسحب من الاحتياطيات الحكومية مع الأخذ في عين الاعتبار الحفاظ على معدلات مستهدفة من الاحتياطيات الحكومية بهدف تمكين المملكة من إدارة المخاطر المستقبلية. و قال عضو جمعية الاقتصاد السعودي أحمد الحجيري: ظلت المملكة تمثِّل دوراً طبيعياً لما تتوافر لها من إمكانيات معدنية وبشرية وتاريخ ديني وثروة سياحية وتاريخية مع موقع جغرافي مميز، كل ذلك جعل المملكة تتبوأ موقعاً اقتصادياً مؤثّراً بين دول العالم. وأضاف: توّج ذلك باسضافتها قمة ال 20 العالمية لاقتصاد المملكة المتطور على الرغم من تدهور سعر البترول وجائحة الكورونا رغم الانهيار الاقتصادي العالمي وشهد اقتصاد المملكة نمو مستمر لما تملك من رؤية طموحة وعمل جاد تمثِّل في التركيز على ريادة الأعمال مع تنويع مصادر الدخل غير المعتمد على النفط مع تشجيع الإنتاج المحلي وتشجيع التصدير وتشجيع مشاريع البنية التحتية والالتفات للسياحة بشقيها الديني والطبيعي جعل اقتصاد المملكة يشهد طفرات شهد عليها القاصي والداني. وتابع: ومن آليات ذلك ضخ أموال الاستثمار لمجالات مثل السياحة والتصدير وتشجيع المحتوي المحلي وهو ضمن أركان رؤية 2030 التي تشجع ذلك.