حب الناس لغيرهم لا يمكن أن يتم من خلال التصنُّع أو عبارات المجاملة، إنما يأتي من وجدان فطري، يرتبط بقيم سلوكية، تنبع من القلب الذي يحسن الظن بالناس.. فأبو أنور ينطبق عليه هذا السلوك؛ فشعاره محبة الناس، والتواصل والحرص علينا؛ لهذا كانت منزلته حاضرة بيننا؛ ولهذا قلوبنا حزنت عليه، وعيوننا دمعت لفراقه، ولا نقول إلا {إنَّا للهِ وإنَّا إِلَيْه رَاجِعُون}؛ فالموت حقٌّ، ولكن من الغرائب التي أودعها الله في نفوس عباده تألُّم الإنسان وحزنه عندما يفاجَأ بفقد مَن يعز عليه، ويبقى ذكره هاجسًا محزنًا.. فالأصدقاء المخلصون يصعب إيجادهم، ويستحيل نسيانهم. لقد وقع نبأ رحيل الأخ حمدي العرجان العنزي كالصاعقة بعد أن عشتُ معه سنين قليلة، لكنها مليئة بالأحاديث والقصص الجميلة عن التاريخ والحوادث.. وفي كل جلسة ثقافية من كل شهر يجالسنا، ويمازحنا، ويحثنا على الاهتمام بالتاريخ والعادات الجيدة.. فكانت علاقته طيبة مع الجميع؛ لهذا تصعب علينا الكتابة عن الأشخاص الذين يتحلون بالكثير من الصفات والمزايا الحسنة. فمن أصعب الأمور أن تكتب عن شخص قريب من القلب، وساكن في الفؤاد.. ذلك هو الخاص أبو أنور الذي انتقل إلى رحمة الله سبحانه وتعالى بعد أن أصابه المرض، ولم يمهله طويلاً، ورحل عن هذه الدنيا الفانية إلى جوار خالقه، وبقيت سيرته العطرة التي لازمته منذ عرفته وهو على المنهج نفسه، لم يتغير بسبب طيبته ونقاء سريرته؛ فأسأل الله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يغفر له، ويلهم ذويه وأبناءه وجميع محبيه الصبر والسلوان. ** **