«لا ينبغي أن نحدّ المرأة وطموحها في العمل» الأميرة ريما بنت بندر آل سعود لا شك أن ليست المناصب العالمية هي التي تمنح المرأة العربية قيمتها؛ لأن قيمتها مُحققة الشأن عبر ذاكرة التاريخ، وما تلك المناصب العالمية سوى تأكيد على قدرة المرأة العربية على التفوق والإنجاز والتأثير في مجتمع ليس بمجتمعها متحدية ظروف الظلم والقهر والتمييز. يحفل تاريخ المرأة العربية بالكثير من النماذج النسوية اللائي أسهمنا في تطوير المجتمع العربي قديمه وحديثه من خلال أدوارهن المختلفة سواء على مستوى الأسرة؛ لأن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، أو على مستوى تأثيرهن المباشر في الشأن العام. وفي البدء نقف أمام «ثلاث سيدات» يرجع إليهن الفضل في التطور العلمي والفكري الذي نراه اليوم في المجتمعات العربية وترددات صداه في المجتمع العالمي. وهن «فاطمة الفهرية، الأميرة فاطمة إسماعيل، الأميرة عفت آل ثنيان الفيصل». والمشترك بين السيدات الثلاث أنهن زرعن البذور الأولى للنهضة العلمية والفكرية العربية. السيدة فاطمة الفهرية القيروانية التونسية، امرأة آمنت بالعلم والمعرفة ودورهما في حضارة الشعوب، لذا قررت أن تبني «جامعة» سُميت بجامعة القرويين عام 887م، وبذلك تُعد جامعة القرويين «أول وأقدم جامعة» في العالم، وقد درس فيها ابن خلدون وابن رشد والفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون والعديد من الأوروبيين مثل سلفستر الثاني الذى شغل فيما بعد البابا في الفاتيكان والرحالة نيكولاس كلينايرتس والمكتشف الجغرافي ليون الإفريقي. حُرمت الأميرة فاطمة إسماعيل من حقها في التعليم العلني وكذلك الأمر بالنسبة للفتيات في عصرها، لكنها تمردت على هذا الظلم الذى غيّب الكثير من حقوق المرأة، ولكن كان تمردها مختلفاً؛ فلم يكن غضباً يتلاشى مع شروق الشمس، بل تمرد يضمن للفتاة والفتي على السواء مصدراً تعليمياً رفيع المستوى يتصف بالاستدامة والصلاحية المطلقة للأجيال المقبلة، ولتحظى المرأة بكامل حقوقها في التعليم، فتبرعت بقطعة أرض لإقامة بناء يكفل التعليم للجميع بصرف النظر عن جنسه وتبرعت بمجوهراتها لإتمام ذلك البناء. ولم تكن تُدرك في حينها أنها تؤسس مصدراً للنهضة، وأن هذا المبني سيكون منارة للعلم والفكر. وبذلك تم بناء الجامعة المصرية، التي سُميت فيما بعد «جامعة القاهرة» التي ترعرع في مدرجاتها عقول أعظم علماء ومفكري ومبدعي الأمة العربية رواد النهضة العلمية والفكرية العرب في العصر الحديث. الأميرة «عفت آل ثنيان الفيصل» زوجة الملك الشهيد فيصل آل سعود -رحمه الله- مؤسس النهضة التعليمية في السعودية، لقد آمنت أن المرأة السعودية قادرة على التأثير والتغيير سواء على مستوى مجتمعها المحلي أو العربي أو الإقليمي أو العالمي، متى ما منحنا كل فتاة صغيرة فرصة التعليم وحرية الفكر والإبداع، وقد حققت تلك الفرصة عندما أسست «مدرسة دار الحنان» التي كانت المصدر التنويري الأول في المجتمع السعودي واستطاعت طالبات هذه المدرسة عبر مراحلها التاريخية أن يكن رائدات وعلامات فارقة في التأثير والتغير والإنجاز. واليوم ونحن نحتفل «بالشيخة بدور القاسمي» كثاني امرأة على مستوى العالم، وأول امرأة عربية تُصبح رئيساً للاتحاد الدولي للناشرين خلال 124 عاماً، وقد شغلت الشيخة بدور القاسمي نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للناشرين لمدة عامين. وهذا المنصب العالمي الذي شغلته الشيخة بدور القاسمي لا شك أنه دليل على تأثيرها في مجال النشر والثقافة والفكر من خلال المؤسسات التي تدعمها أو تترأسها في مجتمعها المحلي أو العربي أو الإقليمي. وفي ظل هذا التأثير اختارتها مجلة «فوريس» في المركز ال 34 لأقوى 200 سيدة عربية في الشرق الأوسط عام 2014، وفي نفس القائمة وفي ذات العام احتلت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود المرتبة السادسة عشرة. وهي مناسبة تجعلنا نُذكّر بمجهودات المرأة العربية علمياً ومعرفياً على مستوى العالم، والذي غالباً ما يُقدّر بالجوائز العالمية رفيعة المستوى والمناصب العالمية الراقية، كمؤشر اعتراف على قيمة تلك المجهودات وأثرها في تطوير النهضة العلمية العالمية، وعلى سبيل المثال لا الحصر. السعوديات: الدكتورة «ثريا عبيد» التي كان اهتمامها منصباً على مجال تطوير برامج تنمية المرأة في آسيا ولقيمة هذا المشروع تقلدت منصباً إدارياً في الأممالمتحدة. الدكتور «سلوى الهزاع» أول سيدة عُينت عضواً تنفيذياً للمجلس الدولي لطب العيون، الدكتورة «حياة سندي» التي تم اختيارها ضمن أفضل 50 عالماً على مستوى العالم، الدكتورة «غادة المطيري» المدير العام لمركز التميز في طب النانو والهندسة في معهد هندسة الطب في جامعة كاليفورنيا، الدكتور ماجد أبو رواس وقد تم اختيارها لتُصبح عضواً في فريق العلماء التابع لوكالة الفضاء «ناسا». والكثير من العربيات الرائدات في مجال العلم أمثال: العالمة المصرية «سميرة موسي»، والعراقية المهندسة المعمارية «زها حديد» الحاصلة على جائزة نوبل في الهندسة وكانت سفيرة اليونسكو من أجل السلام 2010. والمهندسة الفلسطينية «سهام القيشاوي» المسؤولة عن البرنامج الفضائي للولايات المتحدة، والعالمة السودانية في وكالة ناسا «وداد إبراهيم». هذه بعض الأمثلة لنماذج كثيرة لعربيات أذهلن العالم، وأثبتنا أن المرأة العربية تستطيع أن تُغير العالم متى ما منحنها « قطعة أرض تشرق عليها شمس الحرية». ** ** - حسابي الجديد تويتر @SiSqhtani