اسلحة عديدة يمكن للعرب استخدامها في قضية الصراع العربي الاسرائيلي، من بينها سلاح الاعلام الذي اعترفت اسرائيل بأهميته عقب انسحابها منكسرة من جنوبلبنان، عندما اكدت ان «الكاتيوشا» لم تكن وحدها سبباً في خروج قواتها، بل كان لإعلام المقاومة دور لا يقل اهمية عن «الكاتيوشا»، ووفق توصيات مؤتمر وزراء الاعلام العربي الذي انعقد مؤخراً في بيروت في دورته العادية، الذي اقر اطلاق فضائية عربية ناطقة باللغة العبرية موجهة الى المجتمع الاسرائيلي، تستهدف تأكيد الحق العربي في الاراضي التي تحتلها اسرائيل، وفق ذلك كله تطرح «الجزيرة» في التحقيق التالي الاهداف التي يمكن ان تحققها مثل هذه الفضائية، فضلاً عن مناقشة الموانع التي حالت دون انشاء هذه الفضائية على مدار الفترة الماضية، وربما كان برنامج قناة النيل الدولية بالعبرية بداية في فضائياتنا العربية الناطقة بلغات اجنبية لانشاء فضائية عربية موحدة ناطقة باللغة العبرية، وهو ما يؤكد عليه خبراء الاعلام في ضرورة بدء الاعداد لبث هذه الفضائية، وأن يتم اطلاقها وفق استراتيجية اعلامية محددة، عناصر البث متوافرة الخبير في الشئون الاسرائيلية الاعلامي احمد الحملي يؤكد انه لا توجد موانع وراء انشاء مثل هذه الفضائية التي اعتمدها وأقرها وزراء الاعلام العرب في مؤتمرهم العادي بالعاصمة اللبنانية، التي ينبغي كما قال ان تضم توليفة عربية مختلفة الجنسيات، حتى لا تصبح جنسية واحدة هي المسيطرة على هذه الفضائية، ويقترح بأن تضم القناة المنتظرة خبراء الاعلام من ابناء المناطق الفلسطينية وعرب 48، اضافة الى عناصر اخرى من العالم العربي، الامر الذي يؤكد ان عنصر الخبرة متوفر في عالمنا العربي، وأن المانع الاساسي ربما يكون مادياً بالدرجة الاولى، ويشير الحملي الى انه يمكن من خلال هذه العناصر العكوف على اعداد برنامج زمني، وتحديد قنوات الاتصال بينها وبين مصادر المعلومات، على ان تشمل هذه المصادر مراكز الابحاث الموجودة في اسرائيل، وان ينتشر مراسلو المحطة في جميع انحاء العالم لتقديم مادة اعلامية قوية، على ان تتوفر لها الامكانيات اللازمة لفترات طويلة، حتى لا تتعثر في منتصف الطريق، ويقول: انه من الضروري ايضاً وجود قنوات اتصال بين هذه المحطة وبين القوى المحبة للسلام في المجتمع الاسرائيلي، ودراسة هذا المجتمع من الداخل، وخاصة من ناحية التنوع الديموجرافي ليكون تركيز هذه الفضائية واضح الاهداف ومحدد السياسات، الامر الذي يؤدي لاحقاً الى التأثير داخل المجتمع الاسرائيلي، ويحذر الحملي من خطورة ان تصبح هذه الفضائية هامشية او تعتمد على النمطية في مخاطبة المجتمع الاسرائيلي، الذي تتوفر له مادة اعلامية جيدة داخل مؤسساته، فهو ليس بحاجة الى الحصول على المعلومة او الاخبار من قناة عربية، لان اعلامه اسبق في الحصول على المعلومة، ولكن المهم هو التحليل الجيد للحدث، وتوجيهه بالشكل الذي يخدم المصالح العربية، ويحدد طبيعة المواد التي يمكن ان تقدمها هذه القناة في برامج مباشرة واخرى غير مباشرة، والثانية تعتمد على التأكيد على الجانب الديموجرافي والتركيبة السكانية للمجتمع الاسرائيلي الذي يصل تعداده الى 5، 6 ملايين نسمة من بينهم مليون و 200 الف عربي، وفي عام 2020 ستتضاعف اعداد العرب عن اليهود، وذلك في اسقاط لهذا المجتمع بان الغلبة ستكون للعرب وليس لليهود، ولذلك فانهم يخشون الاقامة في الاحياء العربية، وادركوا خطورة ذلك، فقاموا بشراء عقارات لهم في قبرص، تمهيداً للاقامة فيها للحصول تالياً على الجنسية والتي ستكون فيما بعد اوروبية لقرب تمتع قبرص بعضوية الاتحاد الاوروبي، ليصبح من حق الاسرائيلي التجول في 15 دولة اوروبية كيفما يشاء، اما البرامج المباشرة التي يحددها احمد الحملي فتتمثل في التأكيد على ضرورة التعايش مع الفلسطينيين، وان السلطة الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وان مناورات القيادة الاسرائيلية بالنيل منها، ربما تؤدي الى طرح بديل قد لا يكون في اعتدالها، اضافة الى التأكيد على ان الولاياتالمتحدة التي هي صديقة لاسرائيل ربما لن تكون كذلك في المستقبل القريب، وانه في ظل تغير موازين القوى، قد لا تكون حليفاً لاسرائيل على الدوام، وهو ما يدفع بضرورة ممارسة الحرب النفسية من خلال هذه الفضائية على المجتمع الاسرائيلي، ويحذر ايضاً من خطورة اغراق هذه المحطة في الترفيه والتركيز على المنوعات، ويقول: ان العبرة ليست بالشكل، كما ان هذه الوسائل لن تكون سياسية مؤثرة في المجتمع الاسرائيلي، ولكن المؤثر حقاً هو الحوار، المقال، المخاطبة، عرض المعلومة، وعدم تكرار النمط الاسرائيلي في هذه المحطة، حتى لا يصاب الاسرائيليون انفسهم بالرتابة، لانهم يعتمدون بالدرجة الاولى على اعلامهم، وهو عندهم موضع ثقة، فتقليده سيكون له انعكاس سلبي، الامر الذي يتطلب من الفضائية الجديدة البحث عن التنوع والجديد، وهذا كله يتطلب اجراء دراسات، وتوفير اعتمادات،ووضع خطط مستقبلية واستراتيجية منهجية لهذا الغرض، اما مسئولة محطة M، B، C في القاهرة نشوى الرويني، فتؤكد انه قبل النظر في انشاء مثل هذه القناة ينبغي النظر في ضرورة تفعيل التعاون العربي المشترك في المجال الاعلامي، والوصول الى حالة من التعاون والتنسيق بين الفضائيات العربية، وتطرح رؤيتها في هذا الشأن بقولها: انه ربما طبيعة العمل الاعلامي الصعبة والقاسية، التي قد لا يدركها البعض هي التي تجعل الكل غارقاً في هم تقديم خدمة متميزة في هذا العدد المخيف من ساعات الارسال، خاصة مع ان المنافسة قاسية ولا ترحم، وتضيف انه في الحقيقة عندما تتاح فرصة ملائمة لتحقيق هذا التنسيق والتعاون، وصولاً الى انشاء عربية ناطقة باللغة العبرية، فانه لا احد يتردد في التعاون، والدليل انه عندما دعت ال M، B، C زميلاتها الى التجمع الاعلامي في القاهرة لمناقشة قضية اعلامية، ربما كانت الاهم والاخطر في هذا التوقيت، لم تتردد ثلاثة من كبريات المحطات الفضائية في المشاركة، ووافقت فوراً، وقريباً ستنضم زميلات كبريات اخريات وصولاً الى تحقيق اهداف المشترك، وتشير الى ان نجاح التجربة سيجعلها نبراساً يحتذى به وصولاً الى التكامل المشترك، وانه من المهم دائماً ان نبدأ بخطوات صغيرة، ولكن محسوبة لنتخلص من العادات السيئة كالاسراف في الحديث عن خطوات كبيرة دون حسابها لتكون النتيجة الا يتحقق شيء، وتوضح اننا متفائلون في الM، B، C بعصر جديد للفضائيات العربية، وهدفنا في العشر سنوات القادمة سيكون ابعد فما يتخيله احد، وان الطموحات ستخالف كل سقف يتوقعه احد، وان الجميع سيرون ذلك قريباً، وانه بتحقق الارادة العربية، يمكن للعالم العربي ان يتأهب لانشاء فضائية عربية موحدة ناطقة باللغة العبرية لتصحيح الصورة العربية، وخاصة فيما يتعلق بقضايانا، على عكس ما تسعى اليه بعض الفضائيات الغربية لتشويه صورتنا وتزييف الحقائق التاريخية، نظراً لخضوع هذه الفضائيات للنفوذ الاعلامي الصهيوني منهجية البث بالعبرية وفي اثناء تواجد يوسف الزين مدير اذاعة النور اللبنانيةبالقاهرة اخيراً، حرصت «الجزيرة» على لقائه، نظراً للارتباط الوثيق القائم في منهجية المحطة بتوجيه برامج بالعبرية الى المجتمع الاسرائيلي، وان كان الزين يتمنى على الاعلام العربي ان يستهدف نفس المنهجية، ويقول: ان امكانيات العرب كبيرة للغاية ولكن من المؤسف اننا لا نستخدم هذه الامكانيات بالطريقة المناسبة في اتجاه المعركة مع العدو، ويطالب بضرورة خلق رأي عام عربي من خلال اجهزة الاعلام العربية، وحتى ولو كان باللغة العبرية، المهم ان يتواصل دعمه للانتفاضة وتأكيد الحق العربي، وان التعامل مع قضية الصراع ليس آنياً، ولكن على مستوى استراتيجي، وان يقدم الاعلام العربي من خلال اجهزته الحالية وقناته المنتظرة بالعبرية دعماً معنوياً لمواجهة العدو، وسنتمكن من تقديم اعلام عربي قوي موجه الى المجتمع الاسرائيلي، وذلك فقد سبق ان استخدمت اذاعة النور وكذلك تلفزيون المنار «اعلام المقاومة» كما يقول في تقديم برامج واكلاشيهات باللغة العبرية للقيام بدعم الحق العربي والاسلامي في استرداد الارض ودحر الاحتلال، وكشف زيفه، والرد على محاولات التضليل التي يمارسها الاعلام الصهيوني ضد القضايا العربية بهدف تشويهها والنيل منه، بل والعمل على تزييفها، تجنب النمطية والمحاكاة ومن جانبها تؤكد الدكتورة جيهان رشتي العميد الاسبق لكلية الاعلام بجامعة القاهرة انه من الضروري عند اطلاق مثل هذه الفضائية الموجهة الى المجتمع الاسرائيلي ان تحمل جديداً في برامجها، وان تتجنب النمطية والمحاكاة، وان تتحرر من كافة القيود التي يمكن ان تكبل عملها، فلا تفرض عليها خطوطاً حمراء، وان تطرح القضايا بموضوعية بعيداً عن التعصب، وفي اطار من الرأي والرأي الآخر، وتقول: من الضروري تحقيق التوازن في الاعمال المقدمة، فلا تطرح وجهة نظر احادية الجانب، وهو نفس الاسلوب الذي يستخدمه الاعلام الاسرائيلي والذي يتطرق الى الرأي والرأي الآخر، فيتعرض للانتقادات الموجهة الى شارون مثلاً، ويقدم وجهات نظر عرب اسرائيل، الامر الذي يتطلب ايضاًِ من هذه القناة ان يكون مستواها على قدر من التطوير في الشكل والمضمون، وان تركز ايضاً في توجهها على اصدقاء العدو، حتى لا يكونوا دائماً في موقف العداء مع العرب، وان تسعى القناة الى تحييدهم وتقليل عداوة الاعداء بفتح قنوات للحوار مع التيارات المعتدلة والمحبة للسلام، وتجنب الدعاية المباشرة، وتطالب باعداد كوادر اعلامية مدربة للعمل في هذه المحطة، وان تكون احدهم على دراية بعمق في اللغة العبرية، او اعداد ترجمة جيدة بالعبرية لما تقدمه، وان يضع الاعلام العربي في مقدمة اهتماماته ايضاً البث بلغات اجنبية اخرى، على رأسها الانجليزية والفرنسية لتصحيح الصورة العربية التي سعت بعض اجهزة الاعلام الغربية بسيطرة صهيونية الى تشويهها والنيل منها، وسائل الوصول للمجتمع الاسرائيلي وبتحليله للمجتمع الاسرائيلي، وطبيعة التأثير الذي يمكن ان تحدثه هذه الفضائية بين طوائفه وشرائحه المختلفة، يؤكد الخبير في الدراسات الشرقية «العبرية» الدكتور محمد خليفة حسن الاستاذ في كلية الآداب بجامعة القاهرة ان هناك تقصيراً اعلامياً عربياً واسلامياً ظل لفترة طويلة من الزمن يتجاهل المجتمع الاسرائيلي او فيما يتعلق بقضية الصراع العربي الاسرائيلي، وان كان يتوجب على العالم العربي والاسلامي ان يصل برسالته الاعلامية الى قلب المجتمع الاسرائيلي، ويرجع اسباب ذلك الى ان التوجيه اقتصر فقط على الشق العسكري والسياسي، بعيداً عن التعامل مع القضية من زاوية اعلامية شاملة، ربما نتيجة للاعتقاد الاصيل بان اسرائيل تشكل للامة عدواً، لذلك كان هناك اهمال ناحيتها من حيث التوجيه الاعلامي والديني والحضاري تجاه المجتمع الاسرائيلي، وأدى ذلك كما يقول الى ان المجتمع الإسرائيلي لم يعد يفهم العرب والمسلمين في صورتهم الحقيقية، لانه تابعها عبر رسائله الإعلامية التي شوهت له هذه الصورة او اعتماداً على الاعلام الغربي الذي يسيطر عليه ايضاً اللوبي اليهودي في معظم الدول الاوروبية والولاياتالمتحدة، ويضيف ان التفكير الحالي في التوجه الاعلامي من خلال فضائية عربية ناطقة بالعبرية يعد خطوة على الطريق الصحيح، ولكن من الضروري التخطيط الجيد لها، لتوضيح اهدافها وتحديد الرسالة المطلوب توجيهها الى المجتمع الاسرائيلي، وهل هدفها سياسي، ام انها ان اهدافها ثقافية وحضارية ام الجانبان معاً؟ ويجيب بأن التوجه الثقافي والحضاري اذاً كان هدفاً لابد ان يكون قوياً، وفي اعمق صوره، لان المخاطب يعد شخصية وعقلية لا ينبغي الاستهانة بها، فضلاً عن ضرورة تحديد طبيعة المعطيات الثقافية والفكرية التي سيتم طرحها على ذلك المجتمع، وتغيير الصورة النمطية التي يرى من خلالها الاسرائيليون العرب والمسلمين، ويقول: ان الوسائل السابقة لابد ان تكون هدفاً للمحطة المنتظرة، والا يقتصر هدفها او ينتهي بها المطاف بنشرة اخبارية دون النظر بعمق الى الاهداف المشار اليها مشيراً الى ضرورة النظر ايضاً في تحويل العقلية الاسرائيلية العدوانية الى عقلية معتدلة او غير معادية للعرب والمسلمين على الاقل، وتقديم قضايانا في شكل عقلي وذلك لن يكون الا باعلام قوي ينبغي ان تهدف اليه الفضائية العربية الناطقة بالعبرية، خاصة وانه يواجه اعلاماً ليس ضعيفاً، ولكنه اعلام يملك حرفية الدعاية ووسائل التوجيه، اما على المستوى السياسي والدور الذي يمكن ان تلعبه الفضائية المنتظرة فيؤكد د، خليفة انه يمكن التأكيد على الحقوق العربية والفلسطينية في فلسطين، وان تتوجه الى العقلية الاسرائيلية بضرورة قبول الآخر والاعتراف بحقوقه، وتقديم الادلة على الحقوق العربية والاسلامية وابراز العنصرية الاسرائيلية، وانها منبوذة عالمياً، والتشديد على عدم انتهاك حقوق الانسان واحترام القرارات الدولية وتنفيذ الاتفاقيات، والتركيز على تبني الاسلام كمفهوم نابع من الحضارة العربية والاسلامية، ودفع المجتمع الاسرائيلي الى التخلي عن العنف وممارسة سياسة العدوان وان الحرب لن تحقق له الامن مطلقاً،