استعرضنا في الجزء الأول من هذا التقرير مبادرات لعدد من المواطنين بترميم قصورهم التاريخية على نفقتهم وتحويلها إلى متاحف ومزارات سياحية، مؤكدين من خلال هذه المبادرات اهتمامهم بالتراث ودوره في حفظ تاريخ مناطقهم، وهو ما يعكس ارتفاع الوعي لديهم بأهمية المواقع والمباني التراثية، وضرورة حمايتها وتأهيلها والتعريف بها. ونستعرض في الجزء الثاني من التقرير عدداً منها: قصر السبيعي في شقراء يعد قصر السبيعي التراثي في وسط شقراء التاريخي من أبرز المعالم التراثية في محافظة شقراء، خاصة بعد الانتهاء من أعمال الترميم والتأهيل التي نفذته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقاً) للقصر وتأهيله على نفقة أسرة السبيعي ليكون متحفا لتاريخ شقراء. بني «قصر السبيعي» في عام 1327ه وكان مقراً لبيت المال في عهد جلالة الملك المؤسس -طيّب الله ثراه- ويعد القصر مقراً رسمياً في تلك الفترة التاريخية لاستقبال جلالة الملك عبد العزيز أثناء مروره بشقراء أو عند ذهابه للأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج، وكان البيت موقعاً لتجهيز الجيوش التي تمر بشقراء أثناء مرحلة التوحيد، بالإضافة لاستقبال الوفود الرسمية. ويتكون بيت السبيعي من 32 غرفة ويحتوي على مقتنيات تاريخية قديمة، وتم ترميمه عام 1411 ه، ثم أعيد ترميمه ترميماً كاملاً عام 1421 ه. وتحوي البلدة التاريخية في وسط شقراء عدداً من المباني التي تم ترميمها من قبل أصحابها وبعض الداعمين من الوجهاء والأعيان، مثل بيت الجميح وبيت العيسى، كما تحوي البلدة التاريخية بيوت أهل العلم والقضاة، مثل العلامة أبو بطين والشيخ العبد اللطيف. بيت باعشن بجدة التاريخية من البيوت التراثية المعروفة في جدة التاريخية بيت باعشن، والذي بناه الشيخ محمد صالح بن علي بن عبد الله باعشن في عام 1273ه كأحد أقدم البيوت في جدة. وإلى جانب أنه منزل لعائلة آل باعشن التجارية، فقد كان بيت باعشن ملتقى علمياً واجتماعياً وثقافياً، فيه تعقد الأمسيات وتدار الحوارات بين كبار أعيان جدة وتحت رواشينه «الخشبية» ينصب مركاز العمدة، وحوله يلهو أطفال حارات المنطقة التاريخية كالشام والمظلوم واليمن والبحر. وينقسم بيت باعشن إلى قسمين أو بيتين هما البيت الغربي الشمالي الذي تجاوز عمره 150 عاماً، في حين أن البيت القبلي الشمالي تجاوز عمره 220 عاماً، ويحظى كلاهما بتراث عريق من صور ومخطوطات وصناعات يدوية جميلة. الواجهة الرئيسية للمنزل تواجه الشارع الرئيسي من الشرق، ويوجد مجلس في هذا الجانب المطل على الشارع ومجلس آخر في الجهة الشمالية، أما الواجهة الشرقية فتغطيها الرواشين التي تحتوي على المصاريع التي تكون السطح الخارجي للروشن وقطاعات منزلقة من الخشب الصلد من الداخل لصد الغبار والرمال التي تحملها الرياح القادمة من الشمال الشرقي. وقامت أسرة باعشن بترميم البيت الكبير ومرافقه وحولوها لمنتج اقتصادي مطعم وصالة عرض فن تشكيلي بيت باناجة.. من أكبر القصور التاريخية في جدة يعتبر بيت باناجة من القصور التاريخية المعروفة في جدة التاريخية، بناه عبدالرحمن باناجه في موقع يتوسط سوق الندى، حيث يطل مدخله الرئيسي على الشارع المحاذي لمسجد الحنفي من الجهة الشرقية. وبناء القصر لا يختلف عن باقي الأبنية في جدة القديمة حيث بنى أهالي جدة قصورهم من الحجر المتبقي والذي كانوا يستخرجونه من بحيرة الأربعين ثم يعدلونه بالآلات اليدوية ليوضع لهم في مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب التي كانت ترد لهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق ميناء جدة خاصةً من الهند كما استخدموا الطين الذي كانوا يجلبونه من بحر الطين لاستخدامه في تثبيت المنقبة ووضع بعضها إلى بعض. وقامت أسرة باناجة بتحمل تكاليف ترميم المبنى. قصر الفندي بالقريات من المباني التي رممت مؤخراً في محافظة القريات قصر بندر الفندي الذي بني عام 1340ه، وأصبح معلماً تاريخياً في المدينة، حيث زاره عدد من الشخصيات منهم موفد الملك عبدالعزيز الشيخ عساف الحسين، جميع أمراء القريات السابقين. تم ترميم القصر على نفقة نواف عبدالعزيز بندر الفندي وذلك بعد هجره في عام 1380ه وتهدم أجزاء منه. ويقع القصر ضمن حدود قرية القرقر التي تقع على الطريق الدولي باتجاه طريف وتبعد مايقارب 35 كم عن القريات. ويتكون القصر من غرف من دورين وبني من الطين وقد أثرت عليه الرمال التي طمرت مساحة كبيرة منه. دار الزمعي.. تحفة معمارية في ينبع التاريخية تزخر المنطقة التاريخية في ينبع بعدد من المباني التاريخية التي تجسد النمط المعماري التراثي للمنطقة. ومن هذه المباني دار الزمعي في حي الخريق بالمنطقة التاريخية في ينبع والذي تم تأهيله بالتعاون مع المجتمع المحلي ليصبح تحفة معمارية جميلة تضاف إلى المباني القديمة بتاريخية ينبع. وتعود ملكية دار الزمعي إلى حمد بن عتيق الزمعي، المتوفى عام 1717م، وهو الجد الثالث لحامد بن عبدالله بن أحمد بن عتيق بن حمد بن عتيق الزمعي، الذي مضى على وفاته أكثر من 300 عام، ومنذ 1973، بقيت الدار خالية مدة 45 سنة، إذ بدأت بعض أجزائها في السقوط. وفي عام 2015 قامت أسرة الزمعي بترميم وتزيين الدار الذي يضم 16 غرفة بإشراف من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقا) على النمط التراثي للمنطقة كما كان في السابق. قصر الرمان في تيماء وفي تيماء بادر الشيخ نهار بن عبد الكريم علي الرمان بترميم قصر الرمان الذي يعتبر أحد أهد المباني التاريخية في المحافظة. بني القصر قبل أكثر من 100 عام، ويقع في المنطقة التاريخية وسط تيماء القديمة بالقرب من بئر هداج الأثرية الشهيرة. شهد « قصر الرمان « أحداثاً تاريخية مؤثرة في حياة البلدة وأهلها، كما عاصر القصر دخول بلدة تيماء تحت الحكم السعودي الميمون وذلك في العام 1342ه . وفي العام 1390ه قام الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - أثناء رحلاته في شمال غرب الجزيرة بزيارة لتيماء تجول خلالها بقصر ابن رمان ووصفه في كتابه الموسوعي (في شمال غرب الجزيرة) وكتب عنه عدة اسطر موجزة، وقد تداعت على القصر عوامل الطبيعة.. وبالإضافة للأهمية التاريخية لهذا القصر تأتي أهميته العمرانية كونه أنموذجاً حياً وفريداً للبناء التقليدي في تيماء خلال القرن الماضي فالقصر بناه الأهالي من مواد الطبيعة المتوفرة لديهم في البلدة.