1. الطبقية بمفهومها الحديث تعني: مجموعة عريضة من الناس ذات دخول محددة تؤثِّر على طريقة عيشهم وحياتهم.. أي أن ملكية الثروة هي المحدد الأساسي للطبقية.. وأن الانتساب إلى طبقة لا يقوم على مبادئ قانونية أو عادات متوارثة.. وليس هناك حدود فاصلة بين طبقة وأخرى.. أو أن هناك محذورات في الاختلاط أو التزاوج. 2. ارتكزت معظم الدراسات المجتمعية على الطبقية لا غيرها.. «فكارل ماركس» مُنَظِّر الشيوعية أو الملكية العامة و«ماكس فيبر» مُنَظِّر الرأسمالية أو الملكية الفردية درسا الطبقية من مفهومين اقتصاديين بحتين.. فكارل ماركس نظر إلى الطبقية على أنها في أصلها قامت على مُلاَّك وسائل الإنتاج وهم مُلاَّك الأراضي والمصانع.. ثم هناك الذين يعملون على الإنتاج مثل الفلاحين وعمال المصانع.. ومع الثورة الصناعية انقسم المجتمع إلى طبقتين هما الرأسماليين الذين يملكون وسائل الإنتاج ويسمون بالأرستقراطيين.. والعمال الذين يبيعون كدحهم للرأسماليين.. وأطلق ماركس عليهم اسم (البروليتاريا). 3. يرى ماركس أن العلاقة بين طبقتي الرأسماليين والبروليتاريا علاقة استغلالية.. فالعمال ينتجون أكثر بكثير مما يحتاجه الرأسمالي لدفع المرتبات والنفقات الأخرى.. وبذلك فهو يحقق فائض قيمة خيالياً يوسع الفارق في الطبقية.. وهذا مما يزيد من جشعه فيُقَتِّر على العمال ويستخدمهم بأسلوب السخرة.. فيعيش الرأسماليون في قمة الرفاه.. ويعيش العمال في قاع التقشف بسبب الدخل الشحيح.. وتَحَوُّل الرأسماليون إلى أسياد مستغلين أوصل العمال إلى حد الإنهاك وكبت الطاقات الإبداعية لديهم. 4. أما «ماكس فيبر» في دراسته للطبقية فقد انطلق من أن المجتمعات تكبر وتتميز بالصراع والتدافع نحو القوة والسيطرة على الموارد.. وأن التقسيمات الطبقية لا تقوم على «ملاَّك» و«عمال» فقط، بل تشمل أيضاً فوارق اقتصادية ليس لها علاقة بالملكية؛ مثل المهارات والخبرات والمؤهلات التي تؤثِّر على نوع العمل.. ويرى «فيبر» أن موقع الفرد في السوق هو الذي يحدد طبقته وليس كونه مالكاً أو عاملاً.. فكلما ارتفعت مؤهلاته وعمقت خبراته زاد ثمنه في السوق وارتفع الطلب على خدماته. 5. ويُقِيم «فيبر» نظريته على مفهوم جديد للطبقية وهو «المكانة» التي تؤهل للاحترام الاجتماعي.. أو الوجاهة التي تحددها عيون الآخرين من خلال المسكن والملبس وأسلوب الحياة والوضع المهني.. وبذلك أصبح الناس الذين يحتلون مكانة واحدة في المجتمع يمثِّلون معالم هوية واحدة.. بمعنى أن الطبقية في هذه الحالة اعتمدت على ما لديهم من علم وثقافة ومهارة دون أن ترتكز على أسس مادية.