الفعاليات الرمضانية تشعل التنافس بين حواري بيش    2100 طالب في خدمة المحسن الصغير    انطلاق دورة المرحوم "شايع جلادي" الرمضانية لكرة الطائرة في المدرك    الأهلي يغيب عن القمة المصرية    العالمي أغرق الاستقلال بالضغط العالي    صِدّ عنه وكأنك ماشفته!!    «كفو».. خارطة طريق لتسويق الأفلام الدرامية    انطلاق المنتدى الثقافي بأدبي حائل    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    نهاية دوام الأربعاء إجازة العيد بالمدارس    مدير عام حرس الحدود يتفقد القطاعات والوحدات البرية والبحرية بمنطقة جازان    مجلس التعاون يرحب باستضافة المملكة للمحادثات الأميركية الأوكرانية    7 أهداف تدخل العميد دوامة العثرات    النواخذة لقلب الطاولة أمام دهوك    وجبات للإفطار بمسجد القبلتين بإشراف هيئة تطوير    أمير القصيم يشارك أبطال الصحة طعام الإفطار    الغياب الجماعي.. ظاهرة مُقلقة!    خادم الحرمين يرأس جلسة مجلس الوزراء    سعود بن نايف: مجتمعنا يتميز بالتكاتف والتعاضد    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    ترحيب خليجي باتفاق الاندماج    تطوير المساجد    «روائع عربية» تحتفي بالفن السابع في الأحساء    المملكة.. بوابة الحوار وحل النزاعات الدولية    نائب أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال "الأمر بالمعروف"    «صم بصحة» واحصل على جودة حياة    زيلينسكي يطلب من واشنطن إقناع روسيا بهدنة ال 30 يوما    أمانة القصيم تحتفي بيوم العلم السعودي بتزيين الطرق والميادين ب 24,236 علمًا    بلدية محافظة الشماسية تحتفي بيوم العلم السعودي    العلم السعودي .. راية التوحيد.. رمز العز والفخر    مكافأة من بيولي للاعبي النصر    أمير تبوك يستقبل رئيس مجلس بلدية معان بالمملكة الأردنية الهاشمية    قطاع ومستشفى سراة عبيدة يُفعّل حملة "صُم بصحة" وحملة "جود"    جمعية أضواء الخير توزّع أكثر من 5,000 وجبة إفطار صائم    غرفة المدينة تنظم منتدى"المستقبل المستدام للحرمين الشريفين"    باحثات سعوديات يدرن مركز الترميم والمعالجة بمكتبة المؤسس    "الحواسي" يستعرض مع قيادات تجمع القصيم الصحي فرص التحسين والتطوير    أخصائي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    هطول أمطار في 7 مناطق.. والشرقية تسجل أعلى كمية ب 6.2 ملم في حفر الباطن    وزارة الداخلية توضح محظورات استخدام العلم السعودي    نمو اقتصاد اليابان بمعدل 6ر0% خلال الربع الأخير    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين قرارَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي قطع الكهرباء عن غزة    في إياب ثمن نهائي نخبة آسيا.. الأهلي لتأكيد التأهل أمام الريان.. والهلال لتخطي باختاكور    تحت رعاية سمو ولي العهد.. مؤتمر مبادرة القدرات البشرية يناقش تسخير الإمكانات للتنمية    ارتفاع مؤشر الصناعة التحويلية    مواصفات العلم السعودي عبر التاريخ    الاحتلال قطع الكهرباء ودمر محطات المياه ومنع إدخال المساعدات.. تحذيرات أممية من جوع وإبادة جماعية في غزة    25 شهيدا وجريحا في القطاع خلال 24 ساعة    العلم السعودي.. احتفاء برمز الوحدة والفخر    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    انطلاق الدورة ال69 للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة برئاسة السعودية    التاريخ الشفهي منذ التأسيس.. ذاكرة الوطن المسموعة    لتكن خيرًا لأهلك كما أوصى نبي الرحمة    لقد عفوت عنهم    "البصيلي": يلقي درسًا علميًا في رحاب المسجد الحرام    أبو سراح يطلق مجلس التسامح بظهران الجنوب    250 مظلة متحركة بساحات المسجد النبوي    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعر والمباشرة
نشر في الجزيرة يوم 30 - 10 - 2020

لعله من نافلة القول أن الشعر بعيد عن المباشرة، وأن الشاعر لا يعبر عمَّا يريد أن يقول بصورة مباشرة وإنما يتوسل طرائق مختلفة سار عليها الشعراء للإفصاح عمَّا يدور في خلجاتهم، كما سعى النقاد بعد ذلك للبحث عن الطرائق التي من خلالها يستنطقون النصوص ويستخرجون ما يمكن أن يدل على ما في نفس الشاعر أو ما لا يدل عليه، وقد يفيده من النص.
وقد جهد القدماء لأن يقيدوا طرائق تعبير الشعراء عمَّا يريدون قوله، وتحديد الأشكال ودلالاتها في جهد مشكور يشعر المتلقي أحيانا أنه لا مزيد عليه وأنه الصواب الذي لا مراء فيه، مما هو مبسوط في باب المعاني والبديع والبيان.
من ذلك مثلاً ما درج الشعراء على استعماله في الضمير حين يضعون ضمير المخاطب ويقصدون به المتكلم، وهو كثير في الشعر خاصة في مطالع القصائد، مع كثرة ما يثيره من التباس في الفهم لدى المتلقي مما أخباره منتثرة في كتب الأدب، كما في القصة الشهيرة التي رويت عن عبد الملك بن مروان حين أنشده جرير قوله:
قال: بل فؤادك أنت يا ابن الفاعلة، وكان جرير يقصد نفسه.
ومثلها أيضاً ما روي أن عبد الملك بن مروان قال: لذي الرمة حين أنشده قوله:
قال: وما سؤالك عن هذا يا جاهل! وأمر بإخراجه، وكان ذو الرمة يخاطب نفسه، وعندما علم سبب غضب الخليفة أعاد إنشاد القصيدة وبدل ضمير المخاطب بضمير المتكلم.
وقد سمى البلاغيون هذا الاستعمال بالتجريد، والالتفات رغبة منهم في تقعيد هذه الظاهرة اللغوية (البيانية) وتقريبها للمتلقي، وإبعاد ما يجد فيها من نكارة وغرابة بالرغم من مخالفتها طبيعة اللغة.
ومن القضايا التي يظل الحديث فيها مفتوحاً بالرغم من كثرة القول فيه، وتعدد مساربه الحديث عن المرأة في الشعر سواء بتوجيه القول إليها أم باتخاذها موضوعاً للقول بالرغم من عدم صلتها به.
وهي ظاهرة قديمة في الشعر منذ عصر ما قبل الإسلام إذ نجدها في المقدمات الطللية، وكثرة أسماء النساء اللاتي يردن في شعر الشاعر الواحد، وهو ما يبعث على التساؤل عن حقيقة هؤلاء النسوة ووجودهن في حياة الشاعر، ويرى آخرون أن هذا التعدد دليل على عدم حرفية المعنى وأن المقصود هو المؤنث بوجه عام أو القول بصورة كلية، وأن تعددها يؤدي إلى نفي بعضها بعضاً على طريقة أن العدد لا مفهوم له.
ومما يدعو إلى التأمل في هذا المجال ما جاء في قول أمير بني حمدان:
هذا البيت من قصيدة الشاعر المشهورة التي مطلعها:
وهي قصيدة أنشدها الشاعر وهو في الأسر يشكو غربته ووحدته، وتخلي أصدقائه عنه خاصة ابن عمه «علي» سيف الدولة الذي لم يسارع إلى فدائه بالرغم مما يربطهما من أواصر القرابة والصداقة والنسب، فزوجة سيف الدولة أخت الأمير الأسير.
ومن هنا فليس من معنى أن يكون الحديث هنا عن امرأة لأن المرأة لا صلة لها بما حل به من أسر أو إهمال وتأخر بالفداء، ومع ذلك فإن الشاعر هنا يسند الضمير عند حديثه عن الوفاء والغدر إلى المرأة، وهذا ما يجعل البحث عن حقيقة المعنى أمراً لزاماً نظراً لما يتسم به الموقف من استحالة حمله على المعنى الظاهر.
وإذا كان الذي أهمل الشاعر كما سبق القول هو ابن عمه سيف الدولة، فإن القول بأن الشاعر يريد أن يكني عن إهمال السيف الدولة، وعدم فدائه له بالحديث عن امرأة غدرت به مع وفائه بحقها، فإن هذا يبدو للوهلة الأولى وربما أيضاً الثانية سوء أدب مع سيف الدولة وتقليل لقدره بتشبيهه بامرأة تعرض بعد أن تقبل، وليس من المقبول أيضاً القول أنه يقصد خولة أخت سيف الدولة كما قال ذلك بعض النقاد عن أبيات المتنبي التي قالها حين غادر حلباً إلى مصر، وذلك أن فداء أبي فراس لا يقتصر على حبه لخولة إذا صح هذا الحب، ولا أي امرأة في البلاط بناء على ما أشير إليه من الصلة الوثيقة بين الأميرين، ومن هنا فإن التفسير الجدير بالتأمل من وجهة نظري أن الشاعر يريد أن يشكو ما حل به من الأسر والإهمال، وما يعانيه من تقلب الأحوال وتبدل صروف الزمان، ولكنه لا يريد أن يصرح بالجزع والبكاء حتى لا يشمت به الشامتون، ويفرح لما أصابه الحساد، وقد يعرضه للمهانة باستعطاف سيف الدولة وسؤاله الفداء، فأراد أن يشكو ما يشعر به من الحزن، والأسى والهم والخيبة بوجه عام فيقدمه بصورة شكوى من بلابل الحب والهيام، ومعاناة الوصل والفراق، والبعد والقرب مما اعتاد الشعراء على أن يعانوه، وأن يشكوا منه، وهو مما يحمد في الرجال، فلا يكون سبباً في تعريضه للشماتة أو الامتهان عند سيف الدولة، مع تحقيقه المراد من الشكوى وتجدد الذكر والحضور، واستعادة القول بالفداء دون التصريح بذلك أو سؤاله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.