غزا مواقع الابتكار.. فاحتل مواطن الإبداع.. مولياً قبلته نحو «الأولويات» موجهاً بوصلته حيث «المهمات» فكان ابن الإذاعة «البار» وسليل الدبلوماسية «السار» الذي أرضخ «المايك» لسلطة «الموهبة» وأجبر «الطموح» لسلطنة الدافعية.. امتطى صهوة «الوطنية» في ميادين «الإعلام» واعتلى حظوة «المهنية» في مضامين «الإلهام» فكان الفارس الذي وضع الخطط في «ثكنات» ذاته والممارس الذي رسم الخرائط في «سكنات» صفاته.. فظل الوالد الحاني في خضم «التوجيه» والصامد المتفاني في همم «المصاعب». إنه الإعلامي والسفير عباس غزاوي رحمه الله احد أبرز الإعلاميين والدبلوماسيين في الوطن. بوجه حجازي التقاسيم برجوازي المحيا.. تحفه «البسمة» وتملأه «الهمة «مع ملامح مكاوية تتقاطع مع والديه تسطع «هيبة» وتنبع «طيبة» وقامة رشيقة تعتمر «الأزياء المحلية» في المنصات الإعلامية و«البذل المنوعة» في المهمات الخارجية وأناقة مستوحاة من تراث الحجاز ومستوفاة من إرث الإنجاز.. مع عينين واسعتين لماحتين تلمعان من خلف «نظارة» رفيقة لمهامه ومهماته.. وصوت مكاوي يحمل الطرافة واللطافة في مجالس «العائلة» مشفوع بلغة «دبلوماسية» فاخرة في المحافل ومسجوع بلهجة «سياسية» مذهلة في المنصات ومفردات «إذاعية» بالغة «الأثر» بليغة «التأثير» أمام بلاتوهات التسجيل.. قضى غزاوي من عمره عقوداً وهو يملأ مكانه «إعلامياً» أسس «منهجية» المهنة و«سفيرًا» عمق «مهنية» المنهجية.. قريباً من المجتمع متقارباً مع الجميع.. رفيقاً للوفاء وشقيقاً للصفاء فكان «روحاً» من الإبداع و»بوحاً» من الإمتاع ظل أثيرها يعطر «الإنجازات» بعبق «السيرة» ويسطر «المنجزات» بسبق المسيرة. ولد غزاوي في حارة الفلق بمكة عام 1932 وركض صغيراً بين أقرانه بين أحياء جرول وشعب عامر وأجياد مراقباً لملامح «الضيافة المكية» في استقبال الحجاج ومطامح «الحصافة الحجازية» في ابتهال المواسم.. ونشأ بين والده «فائق» الذي علمه معاني «الحسنى» ومكارم «المحاسن» وأمه التي أشبعته بمغانم «الدعاء» وغنائم «الحنان» فكبر مكفولاً بسكينة «المكان» وطمأنينة «الزمان» وتعتقت روحه بروحانية مثلى وهو يراقب من على جبل الكعبة المشهد الأعظم في «منظر الطائفين والساجدين» وسط صحن الطواف متيمنا ًبتروحن سكن قلبه وهو يرتقب «فلول» المعتمرين ومثول الراكعين في الحرم المكي الذي غمر وجدانه بأنفاس «الجمال» وعمر كيانه بنفائس «الامتثال». تكاملت في ذهنه باكراً مراسم «الكادحين» ونداءات «الفالحين» في تجارة البسطاء على ناصية الحواري واكتملت في عقلة مواسم «الطامحين» ولاءات «المتناقشين» في جلسات «الوجهاء» وسط مراكز «الأحياء» فأعلن «الانعتاق» من روتين «الاعتياد» و«الانبثاق» من حنين «السداد» نحو الدراسة والسياسة والطموح متخذاً من سعة «عائلته» العنوان ومن سمعة «أسرته» التفاصيل.. ليبدأ الركض كجواد أصيل تجاوز الحدود بقوة الصمود حيث أنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة بالمدرسة السعودية في المعلاة ثم درس في ثانوية تحضير البعثات ثم توجه إلى «مصر» باحثاً عن ثمار العلا حيث نال بكالوريوس القانون من جامعة القاهرة. بدأ حياته العملية عام 1952م كمذيع ثم مقدم ومراقب برامج واشتهر بتقديم برنامج الأطفال الشهير «بابا عباس» وشغل منصب مشرف التحرير في صحيفة أم القرى ومديراً عاماً للإذاعة وتولى منصب مدير عام الإذاعة والتلفزيون. ثم كُلف كوزير مفوض بسفارة المملكة العربية السعودية لدى إيطاليا عام 1970 وفي عام 1972 تولى منصب سفير السعودية لدى تشاد. وفي 1984، عُين سفيرًا لدى تونس وتم تعيينه سفيرًا لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية في الفترة من 1986 حتى عام 2001. ثم برع غزاوي في إجادة اللغات حيث يتحدث الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية وكرمته الدولة بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة عام 1978 .. كتب القصة والمقالة والبرامج المختلفة بأناقة فكرية ولباقة أدبية. وكان أول من أصدر قرار ببث أول برنامج إذاعي بصوت امرأة. وشريك مؤسس في مكتب محاماة ومارس فيه مهامه التخصصية. غيبه الموت في 1 أغسطس عام 2005 ونعته الأوساط المعرفية تاركاً الذكر الحسن والشكر المستديم ثنائيين اقترنا بأثره وتقارنا بمآثره. في كل محطات «العمل» كان غزاوي «رقماً» صعباً لا يقبل القسمة إلا على نفسه و«عدد» صحيح وناتج متفق عليه لحل المعادلات «الإعلامية» و«المتراجحات السياسية» ليظل ركناً من أركان «التأسيس» ومعلماً من معالم «التأصيل» بين أبناء جيله ويبقى كبيرهم الذي علمهم «الغوص» في أعماق «التطوير» والخوض في آفاق المستقبل. عباس غزاوي «ظاهرة» جمعت الحس الإعلامي والإحساس الدبلوماسي والاستشعار الوطني والاقتدار المهني في قلب رجل واحد وقالب إنسان منفرد.