مر التعاونيون خلال فترة زمنية يسيرة بسؤالين كبيرين، كان السؤال الأول: كيف يتم البناء على ما تم إنجازه ومن ثم تتواصل مسيرة النجاحات؟ كان هذا السؤال يكبر وتكبر معه آمال وطموحات كافة التعاونيين، خاصة وهم يرون شيئاً من هذه الآمال يتحقق على أرض الواقع من خلال إنجازات ترضي بعض طموحهم، لكنهم يؤمنون أن ما تحقق لا يوازي مكونات البناء التي قام عليها النادي من مال وفكر وجهود جماعية بذلها رجالات التعاون وقياداته حتى (تم إعداد أرضية وبيئة فاعلة تمكن من يعمل من تحقيق أهدافه)، لكن هذا السؤال المشرق الباعث على الأمل المحفز لمزيد من الطموح لم يلبث أن تحطم في مقابل سؤال في الاتجاه المضاد، سؤال يدور في فلك الإخفاقات والتراجع، بل الانحدار المريع الذي حير البعيدين عن النادي، لكنه متفهم لكل من يربط النتائج بالمقدمات! ليس من المناسب ولا المجدي في نظري في هذا الوقت الإغراق في تفاصيل هذا الإخفاق وأسبابه لاعتبارات متعددة، لكن ما لا يمكن تجاوزه أن نادي التعاون بوصفة كياناً مستقلاً له جماهيره العريضة، ليس مقبولاً أن يتعرض لمثل هذه (الهزة الكبيرة) التي حدثت لأسباب كان من الممكن جداً تداركها، بل عدم حدوثها أصلاً! إن مما يمتاز به التعاون وقوف جماهيره ومحبيه على مسافة واحدة تجاه رجالاته مع الاحتفاظ بالعرفان لكل من يسهم في خدمته، لقد نجا التعاون بفضل الله ثم بفضل تعاقب قياداته ورجالاته -داخل الإدارة وخارجها بصفتهم الرسمية وغير الرسمية- من الاصطفاف مع الأشخاص، وهذا من أبرز أسباب التفاف التعاونيين حول ناديهم، رغم ما يعبر أجواء العلاقات بينهم من اختلاف في وجهات النظر أحياناً، بل ربما تجاوز الاختلاف وجهات النظر، غير أنه لا يلاحظ على السطح الإعلامي أو حتى في المجالس الخاصة أي أثر لذلك، وما ذاك إلا بسبب تميز هذه القيادات ورقي فكرها حتى شكلت هذه الثقافة التي جنبت النادي الانحدار في منزلقات الولاءات الشخصية، وقادت النادي إلى ما هو عليه ورسمت خارطة طموحات لا حدود لها. لذا فإن السؤال الأهم الذي يطرح على قادة التعاون ورجالاته خلال هذه الفترة، كيف يستعيد النادي توازنه مرة ثانية؟ وما أهمية الزمن لتحقيق هذا الهدف الذي ينتظره جمهور التعاون، بل ويترقبونه كل يوم؟ لا شك أن من أبرز عوامل التصحيح مراجعة ما يتعلق بالجانب الإداري، ولا شك أيضاً أن إدارة الأستاذ محمد القاسم -إجمالاً- قد أبلت بلاءً جميلاً خلال فترتين رئاسيتين ماضيتين. ومن المهم جداً أن يتم تقييم أدائها خلال فترة عملها. من الواضح جداً أن هذه الإدارة مرت بفترتها الذهبية ثم -لأسباب ليس من المناسب الخوض فيها- بدأ هذا التوهج يتراجع شيئاً فشيئاً حتى وصلنا إلى مرحلة التغيير وهي مرحلة طبيعية جداً في علم الإدارة. لذا فقد حان الوقت لأن نقول لإدارة النادي الحالية شكراً لكم على كل ما قدمتم. إن مبادرة الإدارة الحالية في تقديم استقالتها في هذا التوقيت يمثل خطوة مهمة ضمن خطوات النجاح التي خطتها الإدارة عبر مسيرتها خلال الفترتين الرئاسيتين الماضيتين، كما أنه يؤكد حضارية التفكير لدى الأستاذ محمد القاسم الذي يضع مصلحة النادي فوق كل الاعتبارات والذي يؤمن بأهمية تداول المواقع القيادية بوصفه عامل بناء تتجدد معه الأفكار والجهود بتجدد الدماء، وهو مطلب يتوافق عليه المزاج العام إلى حد كبير جداً في التعاون، كما أنه يمثل البوابة الرئيسة للبداية السليمة لإعادة ترتيب البيت التعاوني من جديد. ** **