من أهم أساسيات خطاب الإخونج، وبالذات الفرع السروري منهم تسطيح وتبسيط وتسذيج الوعظ، وتحويل المتلقي إلى كائن مغفل يتقبل بسهولة كل ما ينقل إليه من خرافات دون أن يتوقف ويسأل نفسه عن معقولية، فضلا عن موثوقية، ما ينقله الواعظ إليه، والأدلة والشواهد على ذلك تعج بها تسجيلات اليوتيوب، بالشكل الذي لا يمكن لهؤلاء التبرؤ منها ولا إنكارها، أما الغاية من ذلك، فهو أن يحولوا الإنسان المستهدف كالميت بين يدي مغسله كما جاء في توجيه أحد أساطين الجماعة الموجه للكوادر التي تتولى الوعظ، التي يسمونها (الدعوة)، بينما أن الدعوة كما كان يصفها السلف تختص بغير المسلمين، والذين يُرجى إدخالهم إلى دين الإسلام، في حين أن (الوعظ) هو تذكير المسلمين بواجبات ومندوبات وسنن دينهم. وهذا يحمل في مؤشراته دلالة هامة، وهي أن المسلمين محل الوعظ-في رأيهم- لا يختلفون عن غير المسلمين، أو الملحدين. ومن ذلك أن الوعاظ المؤدلجين لا يتورعون في نسج الخرافات والأكاذيب والقصص التي تتجاوز الحياة الدنيا إلى الإنسان بعد موته، وفي قبره، كما هي تلك الخرافة التي روج لها أحد أولئك الوعاظ وهي كذب محض، فقد ادعى الأفاك أن قبر أحد المطربين المسلمين يخرج منه أفاعي وعقارب عندما زاره أحد (الثقاة) بعد موته، أو أن فتاة كانت تقود سيارتها وحصل لها حادث شنيع، فحاولوا بعد موتها إخراج مقود السيارة من صدرها فلم يستطيعوا، فدفنوها بالمقود، وآخر كان يشرب الدخان - والعياذ بالله - فلما حضرته الوفاة، حاول من حوله أن يلقنه الشهادة فامتنع، وطلب منهم سيجارة. هؤلاء الوعاظ المغفلون يعلمون أنهم بذلك جعلوا ما يروجون له في تلك الأكاذيب من حيث النتيجة وجهاً من وجوه الكفر والإلحاد، لكنهم يعلمون أن من يتحلق حولهم هم مسلمون (خرافيون)، يعتبرونهم أولياء من أولياء الله الصالحين، فيتبعونهم، ولا يجرؤون على تكذيبهم، ولا الشك في رواياتهم؛ وبعد أن يكرسون في المتلقي البلاهة والسطحية والتصديق بالخرافات، تأتي المرحلة الثانية في تكتيكاتهم، والمتمثلة الطاعة العمياء لأساطينهم، الذين يوجهونهم إلى (العمل السياسي)، حتى وإن طلب منه الواعظ الإخواني أو السروري أن يلقي بنفسه إلى التهلكة فينفذ دون أن يكتنفه التردد. لذلك فتلك القصص الخرافية وغير المعقولة، وأغلبها ما يتعلق بعقوبات المسلم العاصي بعد الوفاة هذا إذا اعتبرناهم جدلا عصاة، هي من المتطلبات الوظيفية لتحويل المسلم السوي إلى إسلامي متطرف، أعمى البصيرة، ثائر على من يختلف معه. فالخرافة والدعوة إلى العزلة والانزواء عن الناس، من أساسيات التأسلم السياسي، الذي يسحق أول ما يسحق في أذهان مريديه العقل والتفكير، أليسوا هم من يروجون إلى كراهية المنطق بقولهم (من تمنطق تزندق)، فالمنطق والتفكير العلمي الذي يتكئ على العقل عدوهم المبين. إلى اللقاء