قبل الديربيات بأسابيع، ضجيج وصخب، هيلمانات ووعد ووعيد، وشيل وحطّ واستنفار. بعد المباراة الضجيج والصخب والهيلمانات نفسها وأكثر حسب الوضع الذي ينتهي عليه اللقاء. ذلك أنهم إن كسبوا اللقاء ملؤوا الدنيا (هياطاً وغطرسة) وأن هذا الفريق هو الذي يُعلِّم العالم فنون كرة القدم.. وأنه الفريق الذي لا يشق له غبار ولا يصطلى له بنار إلى ما هنالك من (الهلس والهلوسة)؟! وإن خسروا فلا حول ولا قوة إلا بالله.. إذ لا تكاد الفضاءات، ولا المنابر، ولا القراطيس، ولا الساحات تستوعب إفرازات تلك الخسارة، الإفرازات التي يختلط فيها اللطم والصراخ والضجيج والصخب (بدموع التماسيح)؟!. إن من أعقد مشكلاتهم أن إعلامهم قد رسَّخ في أذهان دهماء المدرّج (الأصفر) أنه لا يُمكن أن يُهزم نصرهم إلا بفعل فاعل أي (عنوَة)، لذلك تراهم في أعقاب الخسارة في حالة يرثى لها من هول الصدمة. بمعنى أنهم لا يؤمنون بالفوارق الفنيّة والعناصرية سواء لهم أو عليهم.. ولا يؤمنون بأن الفوز والخسارة هي من ثوابت كرة القدم خاصة والرياضات عامة.. يعني يفوزون، أو يفَّوزون، إذ لا وجود للحلول الوسطية في قاموسهم!!. بمعنى أنه في كل الحالات لا مناص من ممارسة الصخب والإزعاج.. وياليت المسألة تتوقف عند الإزعاج والصخب دون الإساءات والكذب و(التقوَّل) على خلق الله كما حدث مع المحلل التحكيمي محمد فودة حينما بدَّلوا تحليله للمباراة رأساً على عقب وتقوَّلوا عليه مما اضطره الى التغريد قائلاً (حسبي الله ونعم الوكيل). على أن أبرز مواد حملة التحفيز و(الفشخرة) التي سبقت لقاء الديربي، وأكثرها مدعاة للتسلية هي: مادة التغنّي بالمدة التي لم يفز فيها الهلال على النصر، والمحسوبة بالمسطرة والقلم، وبالشهر والأسبوع، وباليوم والدقيقة والثانية، بما فيها مدة التوقف بسبب (فايروس كورونا) بطبيعة الحال!. نعم هو إنجاز عظيم وتاريخي يحق لهم التفاخر والتباهي به وفقاً لفوارق الطموحات والمدارك.. غير أن هذا الإنجاز التاريخي العظيم قد ذكَّرني في أعقاب لقاء الأربعاء الماضي بالمثل الشعبي الدارج الذي يقول: (اللي تجمعه النملة في سنة يأكله الجمل لقمة).