كانت صراعات وحصارًا وأوبئة عطّلت وألغت وأثّرت في مناسك أهم حدث ديني في العالم الإسلامي -الحج- مرات عدة على مدى التاريخ، بأحداث استثنائية، كما حدث في عام 1798، عندما جعل غزو نابليون للمنطقة سفر الحجاج إلى مكة رحلة غير آمنة، لتواجه المملكة تحديًا غير مسبوق يتمثل في موازنة مسؤولياتها عن تنظيم هذا الحدث مع ضرورة كبح جائحة فيروس كورونا، ولله الحمد والمنة نرى نجاح حكومتنا الرشيدة كل عام في خدمة أكثر من ثلاثة ملايين حج مسلم من أنحاء العالم كل سنة، وما نجاح دولتنا الرشيدة في مواجهة الوباء إلا حلقة في سلسلة توازناتها النابعة من رؤيتها 2030، في «معادلة من بُعدين» تتعامل معها السلطات السعودية في مواسم الحج، هما «البعد الزماني والمكاني»، نظرا لوجود أوقات ومواقع محددة لمناسك الحج، ليُضاف هذا العام «البُعد الإجرائي» لتلك المعادلة الصعبة، لضمان أمن وسلامة أن 30 % من الحجاج السعوديين، ممن سلموا من كورونا من العاملين في القطاع الصحي، ورجال الأمن الذين أصيبوا وتم شفاؤهم، إضافة إلى إخوانهم من المقيمين في المملكة هي 70 %، لذلك يتعين على المملكة فرض إجراءات صارمة للتعامل مع تلك الأعداد العشرة آلاف من 160 جنسية، ولا ننسي القدرة التنظيمية لإدارة وتفويج الحجاج وخدمتهم بالتعاون مع كافة القطاعات كل في تخصصه للوصول للهدف الإنساني الأسمى وهو صفر إصابات بين الحجاج، عبر فرض السلطات إجراءات إضافية كمنع الحجاج من لمس الكعبة، وتطبيق سياسة التباعد الاجتماعي، وارتداء أقنعة الوجه باستمرار وفحص درجات الحرارة بانتظام، وتعقيم الحصى عند رمي الجمرات، فعلى الرغم من العدد المحدود، فإن التحديات والجهود التي قد تطرأ لا تقل عن أي عام آخر.. إذ تقف المملكة العربية السعودية أمام مسؤولية إنسانية وشرعية عظيمة؛ هي إحدى الضرورات الخمس التي جاءت بها مقاصد الشريعة الإسلامية، وهي «حفظ النفس»، خاصة في مكان يقصده العالم من كل فج عميق، لذلك جعله الله تعالى بلداً آمناً يأمن فيه الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، لتتشرف حكومتنا القويمة بخدمة ضيوف الله وحمايتهم وسلامتهم من أي سوء، وهو دليل على كمال الاعتناء بتلك الأرواح على أطيب بقاع الأرض، فحفظ الله الوطن والعالم الإسلامي والإنسانية أجمع، وأطال الله في عُمر قادتنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وكل عام وهم في موفر الصحة والنعمة بخير. ** **