الحمد لله على قضائه وقدره، ولا نقول إلا كما قال الصابرون {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، اللهم ارحمها رحمة واسعة، ونوّر قبرها واجعله لها روضة من رياض الجنة، وافتح لها فيه باباً إلى الجنة، وآنس وحشتها، وارفع منزلتها، واجعلها ممن يقال له يوم القيامة {لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ}، واجعل منازلها في أعلى عليين، في الفردوس الأعلى من الجنة يا أرحم الراحمين. عظّم الله أجر والدي عبدالله بن محمد أبابطين، وأعمامي، وعماتي، وأحفادها، وجميع أقاربها وأحبابها، وأحسن عزاءهم، وجبر مصيبتهم، ورزقهم الصبر والسلوان والرضا والتسليم بقضائه وقدره. نعم.. ليس شيء أصعب على النفس من فقدان عزيز حبيب غالٍ على النفس، ولكنَّ المؤمن يرضى ويسلم بقضاء الله وقدره. من عاش حياة سيدتي الوالدة (أم عبدالله- والدة الكرام الأعزة النجباء) -رحمها الله- بصفاء روحها، وعذب منطقها، وحنان قلبها، ودفء مشاعرها، وتربى على صدرها، واستشفى بالقرب منها، وسعد بجانبها، وأحس بفضل دعواتها في حياته ومخرجه من ضوائقه، فإنه لن ينسى نظراتها المتفحصة، ونعومة ولين ملمسها، لن ينسى فرحها بسعادته، ولا حزنها بتعبه. لن ينسى دخولها وخروجها وقيامها وجلوسها وصلاتها، لن ينسى مواقفها وتعبها وهي تتابع الجميع أين ذهبوا؟ لماذا تأخروا؟ تعرف المشاعر والنفسيات قبل أن يتكلموا. نعم هي (الأم) والمربية، والمعلمة، والطبيبة، والأنيسة، والجليسة، مأوى الأسرة، ومهجع وملفى الجميع. نعم.. كل شيء سيُذكِّر ب(يمّه الغالية)، ولكن مع هذا كله ففي الله ورحمته وسعة فضله وجوده عزاء للجميع. وما عند الله لوالدتنا الغالية الرحمات، وعظيم الفضل من الخيرات والمسرات في حياتها البرزخية ثم الأخروية من الكرامة وما أعده الله لها من النزل العظيم، إذ إنها قد توفيت على التوحيد والعمل الصالح والصبر على البلاء، محتسبة صابرة راضية بما أصابها، فلم تتشكَ ولم تشتكِ لأحد، ولم تكن يوماً لتفسد على أحد فرحته، أو تُتعِبَ أحداً بها، فاختارها أرحم الراحمين غير مبدلة في الدين ولا محرفة ولا مفتونة، فتلك وربي كرامتها وأمنيتها ودعواتها التي طالما سألتها الله أن تموت عليها وهي الثبات حتى لقاء الله. عزَّ علينا فراقُها بإحسانها لنا، ورحمتها بنا، حتى وهي في أشد حالات ضعفها ومرضها -رحمها الله-. توفاها الله وقد قدمت بين يديها لهذا اليوم مساجد تُرفع ويذكر فيها اسم الله كثيراً، وعلماً وعملاً صالحاً وأوقافاً، وذرية طيبة مباركة ترفع ذكرها وتحيي أثرها. ** ** - محمد بن عبدالله أبابطين