- (سيدي القاضي.. كم يدوم حكم المؤبد في فرنسا)..؟! صرخة احتجاج ساخرة أطلقها هنري شاريير بعد سماع الحكم بسجنه (مؤبداً).. والرجل ليس بريئاً من عالم الإجرام.. لكنه بريء من جريمة القتل التي نُسبت إليه وأُدين بها.. فقرَّر أن يرد على (الحكم) بالهروب من السجن. ولد عام 1906 ومات عام 1973م. بعد نجاحه في الهروب وحصوله على الحرية (المطلقة) واستقراره في (فنزويلا) وحصوله على جنسيتها كتب رواية (الفراشة - بابيلون). كان (بابي) هو الاسم الذي عُرف به بين (زملائه) في عالم (الجريمة).. ذلك أن هويته ارتبطت ب(وشم) ملوَّن ل(فراشة) عقدت على صدره. كتب الرواية مصادفة بعد أن نصحه معارفه بذلك.. وعند نشرها في فرنسا أول مرة عام 1969 وزّعت سبعمائة ألف نسخة قبل أن يرتفع الرقم إلى (خمسة ملايين) ويصبح الكتاب الأكثر مبيعاً حينها.. وأصدرت الحكومة الفرنسية - بحقة - عفواً- أعاد اعتباره.. رغم سقوط الحكم بفعل (التقادم). عام 1973 أنتجت (هوليود).. فيلم (بابيلون) من بطولة أشهر ممثلي تلك المرحلة (ستيف ماكوين) و(داستن هوفمن).. تصدَّر شباك التذاكر وكان الفيلم الأكثر مشاهدة ذلك العام، ثم في عام 1917 أعاد المخرج الأمريكي مايكل نوير إخراج الفيلم بنفس العنوان من بطولة تشارلي هونام في دور(بابي) والفنان المصري الأصل (رامي مالك) في دور (ديجا) الذي لعبه (هوفمن) وواصل الفيلم تحقيق النجاح والأرباح. أهمية أحداث الرواية تأتي من أنها تدور في (الجزر الفرنسية) في المحيط والتي أكثرها سوءاً (جزيرة الشيطان) في (غيانا).. حيث إن (الجزر) لم تكن سجونها محصنة بأسوار لأنها لم تكن بحاجة لذلك، بل يطلق فيها السجناء بعد أن يُقال لهم (يوجد لدينا حارسان هما البحر والغابة التي تحيط بها صحراء يملؤها الدود (اللاحم) فإذا لم تأكلك أسماك القرش فسوف يلتهم عظامك دود الصحراء. كل شيء هنا سوف يجعلك تتوسَّل العودة وتجلب لنفسك خمس سنوات سجن إضافية). مع ذلك نجح شاريير في الهروب وأعيد من عدة دول.. قبل أن تصل محاولاته إلى (سبع) جلبت له معها مدة سجن تزيد عن (محكوميته) كان أصعبها المدة التي قضاها (هارباً) في إحدى الجزر التي أعدت منفىً للمجذومين (المصابين بالجذام) وخرج منها سالماً. أما محاولته الأخيرة التي نجح فيها ووصل إلى بر الأمان فتمت على (كيس خيش) ربط بإحكام على مجموعة من ثمار جوز الهند بعد أن استغرقت دراسته للجزيرة التي كان فيها نحو عام، حيث إنها (محصّنة) بالتيارات المائية العنيفة التي تصطدم بالصخور بطريقة مهلكة.. لكنه استطاع أن يعرف الاتجاه المناسب.. واختار التوقيت المناسب.. ثم قذف بكيس جوز الهند وقذف نفسه واستسلم لذلك التيار الذي وضعه على شواطئ (فنزويلا).. حيث عاش حرّاً وكتب روايته هناك.