من مسلمات الأمور، أن المملكة العربية السعودية ذات ثقل دولي على كافة المستويات، وأنها إذا تكلمت أنصت الجميع. وهذا الثقل في الحقيقة ليس وليد اليوم، ولا الأمس، وإنما هو منذ تأسيسها، ومرجع ذلك أن قيادتها أصحاب مواقف ثابتة، وليس أصحاب مواقف متلوِّنة، أو متذبذبة. حضرت إحدى قمم دول العشرين (قمة أنطاليا) وشاهدت الاهتمام الكبير بالمملكة قيادة ووفداً رسمياً وإعلامياً، كنا قلب الحدث ومحط اهتمام وسائل الإعلام العالمية، وما ذلك إلا لما لبلادنا من أهمية وثقل عالمي. وعندما تدعو المملكة لقمة افتراضية لدول العشرين، في ظل أزمة صحية عالمية ومحلية حساسة، فإن ذلك يؤكّد أن بلادنا تحملهما، وتشعر بمسؤولية، مما جعلها تدعو إلى هذه القمة، وبالشكل المناسب، من أجل العالم بأسره. لم تنكفئ المملكة على نفسها، وتعمل على معالجة هذه الأزمة داخلياً، وتترك المعالجة الخارجية بعد انجلاء الغمة، بل سعت إلى العمل على استباق الآثار ومحاولة معالجتها مبكراً، لتجنب العالم ويلات هذا الوباء. الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في أنحاء كثيرة من العالم، في حقيقتها نتيجة لسياسة غير حكيمة، وليست لوضع اقتصادي سيئ! الاقتصاد والاقتصاديون، كما هي التجارة والتجار، في حاجة إلى نشر الطمأنينة أكثر من أي شيء آخر، ولذا كان خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- المطمئن، الذي حمل من التفاؤل ما جعل الجميع يضطلع بمسؤوليته، وعنقه مشرئبة لمستقبل مزهر - بإذن لله. مرَّت ببلادنا أزمات خانقة، خرجنا منها بسلام، بل خرجنا أكثر صلابة، وأكثر فهماً لطريقة التعامل مع الأحداث وتبعاتها. هذه الجائحة التي عمَّت العالم، لا شك أنها ستخلف آثاراً سلبية على كل العالم، لكنني متأكد -بإذن الله- أنها ستخلف آثاراً إيجابية على بلادنا، وعلى كافة المستويات، هل هذا تفاؤل فقط؟ بالطبع التفاؤل أساس من أساسيات تجاوز الأزمة (تفاءلوا بالخير تجدوه)، لكنه أيضاً ثقة اكتسبناها من ماضينا المشرق بحمد الله. لا أريد أن أعد الأزمات التي مرَّت بنا وما تحقَّق من خير لنا بعدها، ولكنني أريد أن أؤكد أننا في هذا الوطن نستفيد من كل أزمة فوائد لم تكن لتكون لولا هذه الأزمة أو تلك. مستقبل سعودي مشرق ننتظره، قيادةً حكيمةً وشعباً واعياً، لنتائج مبهرة ومذهلة ومفرحة. هل سنقول: شكراً كورونا؟