على الرغم من التحديات المستمرة التي يطرحها الحظر المفروض من الولاياتالمتحدةالأمريكية على شركة هواوي، يرى تشارلز يانغ، رأس هرم القيادة في هواوي الشرق الأوسط أن المنطقة تعتبر اليوم أحد أهم مناطق الأعمال الاستراتيجية للشركة، نظراً لما تشهده دولها من حراك واسع ومتسارع في التحول الرقمي والسعي للاستفادة القصوى من مميزات التكنولوجيا الحديثة وفي مقدمتها الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي، ما يتطلب من هواوي بذل جهد أكبر في إطار الالتزام بالعمل عن كثب مع القطاعين العام والخاص على تطوير لتعزيز نهج الابتكار وفتح مزيد من آفاق العمل المشترك من أجل تحقيق أهداف العصر الرقمي في المنطقة. تأتي تصريحات تشارلز يانغ، رئيس هواوي في منطقة الشرق الأوسط في الوقت الذي تبقي فيه إدارة الولاياتالمتحدة هواوي ضمن القائمة السوداء وتصعد حملتها ضدها، مكررة العديد من الاتهامات لها فيما يتعلق بأمن المعلومات، دون أن يمس ذلك حتى اليوم بموقع هواوي كأكبر مُصنِّع لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية في العالم وثاني أكبر علامة تجارية للهواتف الذكية والأجهزة الذكية، ومزود رائد للحلول الرقمية لآلاف الشركات في قطاعات مثل التمويل والنقل والطاقة والحكومة. وتعتبر تقنية الاتصالات والمعلومات جزءًا كبيراً من البنية التحتية للدول اليوم حيث إن تكنولوجيا الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية تقود عجلة التحول الرقمي. ويرى شارلز يانغ أن منطقة الشرق الأوسط تحتل موقعاً متقدماً ضمن قائمة دول العالم الأولى في تبني التقنيات الحديثة كالجيل الخامس، ويؤكد أن هواوي كانت سباقة في نشر شبكات الجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط كجزء من المرحلة الأولى لتشغيل هذه التكنولوجيا في العالم. ويعتقد شارلز بأن أهم ما يجب التركيز عليه خلال المرحلة الحالية هو كيفية استفادة الصناعات والقطاعات من شبكات الجيل الخامس وبناء النظام الإيكولوجي وتطوير المواهب في تقنية الجيل الخامس. وقد دعمت هواوي هذه الجهود بضخ استثمارات بلغت 4 مليارات دولار أمريكي في أبحاث الجيل الخامس منذ عام 2009. كما تُنشئ هواوي أيضاً «مختبر هواوي المفتوح للجيل الخامس» في الشرق الأوسط، وذلك لتزويد قطاع تقنية المعلومات والاتصالات المحلي ببيئة واقعية تتيح تجربة وابتكار أحدث تطبيقات الجيل الخامس والتحقق منها مع مزودي خدمات الاتصالات والشركاء. وقال يانغ: «زادت حدة الضغوط على العديد من الاقتصادات الإقليمية، بل طالت أيضاً السوق العالمية في عام 2019 وبداية عام 2020. وعلينا جميعاً استغلال الفرص التي يوفرها التحول الرقمي. أصبحت معظم المؤسسات في جميع أنحاء الشرق الأوسط تدرك في الوقت الراهن القيمة التي يمكن أن تنشأ عن هذا التحول، وبالتالي فهي تمثل منطقة رئيسية لشركة هواوي فيما يتعلق بالتعاون التكنولوجي والابتكار وتطوير نماذج الأعمال الملائمة للعصر الرقمي». ونتيجة تركيزها على الاستثمار في البحث والتطوير، تمكنت هواوي من تبوؤ الصدارة في نشر التقنيات والحلول على مستوى العالم، حيث اختارت أكثر من 700 مدينة و228 شركة من أكبر الشركات في العالم هواوي كشريك للتحول الرقمي. وكجزء من جهودها لقيادة الأنظمة الإيكولوجية التقنية، أطلقت شركة هواوي -مؤخراً- منصة خدمات هواوي للجوال، الأمر الذي يعكس إنجازاً للشركة في بناء مجموعة من التطبيقات والخدمات للنظم الإيكولوجية الخاصة بأجهزة المستهلك. وأشار يانغ إلى أن أحد أهم الأمور التي تسعى الشركة لتحقيقيها في المنطقة حالياً هي رفع كفاءات الجيل الشاب وإعداد الكوادر المحلية في مجال التكنولوجيا، ويتضمن ذلك برامج عدة طويلة المدى لنقل المعرفة من أجل تطوير المواهب في الشرق الأوسط وللشرق الأوسط. وقد تطلب ذلك عمل قادة التكنولوجيا مع العملاء والشركاء والمطورين والاتحادات الصناعية والمنظمات التي تضع المعايير من أجل بناء نظام بيئي مترابط يعزز النمو المشترك. من جانبها، ستواصل هواوي تنفيذ برامجها الرائدة «بذور من أجل المستقبل» ومسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات السنوية في الشرق الأوسط في عام 2020 وستواصل دعم الإبداع لدى طلاب تقنية المعلومات والاتصالات لزيادة القدرات التنافسية الوطنية. وإلى جانب ابتكار تقنيات الجيل الخامس وتطوير المواهب، أشار يانغ إلى أن الأمن السيبراني يظل قضية جوهرية بالنسبة لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات في المنطقة. ولدى سؤال يانغ عن التحديات التي تواجهها هواوي من قبل الإدارة الأمريكية الحالية تحديداً، أجاب قائلاً: «أشار إريك شو، رئيس مجلس إدارة شركة هواوي بالتناوب، إلى احتمال مواصلة بعض الجهات الحكومية الفاعلة كبح تطور التقنيات الرائدة، واختيار بناء الحواجز بدلاً من السعي لتعزيز التواصل بين الناس وتقريب الأفكار. وعلى الرغم من الجهود الموحدة التي يبذلها البعض لعرقلة مسيرتنا، فإنني أعتقد أن الكثيرين منا يقدرون قيمة الأهداف والقيمة التي تسعى إليها هواوي». وأضاف يانغ أن هواوي ليست سوى مزود لمعدات الاتصالات، ومن ثم فإن دخولها إلى شبكات العملاء دون إذنهم ودون علمهم يعد أمراً مستحيلاً. وعلى المستوى العملي، لا تمتلك هواوي القدرة على تجاوز شركات الاتصالات والسيطرة على شبكاتها والاستيلاء على البيانات دون أن ترصدها جدران الحماية وأنظمة الأمان العادية كافة. وأكد يانغ أن الأمن السيبراني يمثل اليوم أهمية لجميع البلدان والحكومات والشركات، لكن هواوي تنظر إليه كرحلة مستمرة ومتتابعة وليس وجهة نهائية يجب الوقف عنها لدى الوصول. ومن ثم فإننا بحاجة إلى وضع إجراءات وتطبيقها على شركات الاتصالات ومزودي الأجهزة والمعدات بحيث يوجد أساس موضوعي يمكن التحقق منه لمعرفة المنتجات والخدمات التي تستحق ثقة الجمهور. ويرى عملاؤنا، ونحن معهم، أن هذا الأمر يمثل أولوية استراتيجية». وأشار يانغ إلى أن شركة هواوي التزمت منذ فترة طويلة بمساعدة شركائها في المنطقة على مواجهة تحديات الأمن السيبراني، وكانت أيضاً الشريك المفضل لدى شركات الاتصالات لتطوير شبكات الجيل الخامس عبر مجموعة متنوعة من الحلول الشاملة. كما أكد يانغ أن هواوي على استعداد توقيع اتفاقيات عدم تجسس وعدم وجود أبواب خلفية مع أي جهة في منطقة الشرق الأوسط. يذكر أنه على مدار الأشهر القليلة الماضية، تمت الموافقة على استمرار شركة هواوي في تقديم تقنيات الجيل الخامس في أسواق مثل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث إن دولاً مثل فرنسا وألمانيا رحبت بتكنولوجيا الجيل الخامس الخاصة من هواوي على الرغم من الضغوطات الأمريكية. كما أكد أبراهام ليو، ممثل هواوي لدى الاتحاد الأوروبي، أن شركة هواوي تعمل الحكومات الأوروبية على تطوير معايير مشتركة لتعزيز أمن وموثوقية تلك الشبكات. كما أكدت شركة هواوي بأنه لا يربطها تعاون مع شركة Crypto AG. وأشار تقرير حديث نشرته واشنطن بوست إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية استعانت بشركة Crypto AG للوصول سراً إلى شبكات اتصالات في العالم والتجسس على بلدان أخرى لعقود مضت. وقام خبير الأمن السيبراني في أستراليا هانك وولف بتوثيق كيف قامت وكالة الأمن القومي الأمريكية بتزوير أنظمة تشفير مباعة من Crypto AG، مما مكن الوكالة بقراءة تحركات دبلوماسية وعسكرية لأكثر من 120 دولة.