وصف الدكتور فهد البكر تجربته في لجنة المطبوعات في نادي حائل الأدبي، في ثنايا هذا الحوار، قائلاً: عندما تسلَّمتُ العمل في الإصدارات، طلبتُ من أحد الزملاء في النادي تزويدي بقائمة من إصدارات النادي منذ نشأته، من باب التنويع، والتجديد. وعدم التكرار. وقد قمت بعمل إحصائي تقريبي, ووضعت خطة إستراتيجية رسمتُ فيها حاجة النادي، والمتلقي: المثقف - المبدع - الناقد - المهتم - الباحث. * هل لنا التعرُّف على رئيس لجنة الإصدارات في نادي حائل الأدبي؟ الدكتور فهد إبراهيم البكر، أستاذ الأدب والنقد المساعد بقسم اللغة العربية، بكلية الآداب والفنون بجامعة حائل، شاعر، وقاص، وناقد، يشتغل الآن في العمل الأكاديمي وكيلاً للشؤون الأكاديمية بكلية الآداب والفنون، ومديراً لتحرير مجلة جامعة حائل للعلوم الإنسانية. * بم أن النادي الأدبي في حائل هو قطب الأدب, وموئل الثقافة. والإصدارات فيه تعد واجهة مشرفة للنادي, كيف ترون مسار الأدب والثقافة في حائل؟ وراء كل نجاح وتميز أشخاص يلهمون, ويدفعون إلى الإبداع والتميز؛ لذلك اسمحي لي بأن أقول إننا في مملكتنا العظمية ننعم بدعم قيادتنا الحكيمة من لدن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ومتابعة مستمرة وداعمة من سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - أيده الله - حيث أعطوا الثقافة نصيباً وافراً من الاهتمام. وبما أنني أتحدث عن الإصدارات في نادي حائل الأدبي أن أتقدم بشكري الجزيل إلى حامي عرين الأدب والثقافة في حائل صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز آل سعود, وإلى أميرنا المثقف والطموح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن مقرن بن عبد العزيز آل سعود اللَّذين دأبا على دعم النادي, وتعزيز مبادراته, وتفعيل مسابقاته, فهما محركا الأدب والثقافة في منطقة حائل. أما نادي حائل الأدبي الثقافي فشهادتي فيه مجروحة؛ لذلك سانتهز الفرصة هنا لأشكر سعادة رئيس النادي الدكتور نايف المهيلب، وسعادة نائب الرئيس الأستاذ رشيد الصقري، فما زالا يرتقيان بالنادي إلى حيث الإبداع والتميّز. وأرى أن كل نجاحٍ في الإصدارات يعود - بعد فضل الله - إليهما، فقد لمستُ معهما معنى العمل بصمت، ومهنية عالية، وها هو نادي حائل الأدبي يعلو كعبه يوماً بعد يوم, وينتشر صدى اسمه عاليًا على صعد مختلفة, وليس على مستوى الإصدارات فحسب. * كيف تقيّم تجربتك في لجنة الإصدارات بنادي حائل الأدبي؟ في الحقيقة بدأت تجربتي في هذه اللجنة قبل عام ونيّف تقريباً، وقد عملت فيها أنا وأخي العزيز محمد الجاسر عملاً كبيراً، بدأنا بالمرحلة الأولى التي أنجبت اللجنة فيها (ثمانية كتب) كانت موزعة بين اللغة، والأدب، والنقد. ثم تجدّدت صلتي بهذه اللجنة مرة أخرى، عندما عاود النادي تكليفي مرة أخرى بهذه اللجنة، فعكفنا في المرحلة الثانية على إصدار (أحد عشر كتاباً) موزعة بين الأدب والنقد, والإبداع، والشأن الثقافي عمومًا, ونتطلع إلى أن تجد هذه الإصدارات صدى طيبًا. * شهدت الإصدارات الأخيرة في نادي حائل الأدبي نقلةً نوعية في تجددها، وتلونها، كيف ترى ذلك؟ ليس بخافٍ عليكم المقام الذي يتبوأه نادي حائل الأدبي الثقافي اليوم بين أندية المملكة، ولا أكتمكم سراً إذا قلت: إن كبار النقاد، والمبدعين يتحيّن أكثرهم - الآن - فرصة للدخول إلى كوكبة المؤلفين في النادي، وهذا في نظري سر من أسرار توهج الإصدارات يحسب لسعادة رئيس النادي, وفريقه المتميز. * كيف وازنت (إصدارات النادي) بين الألوان الإبداعية المختلفة؟ عندما تسلّمت العمل في الإصدارات، طلبت من أحد الزملاء في النادي تزويدي بقائمة من إصدارات النادي منذ نشأته، من باب التنويع، والتجديد. وعدم التكرار. وقد قمت بعمل إحصائي تقريبي, ووضعت خطة إستراتيجية رسمتُ فيها حاجة النادي، والمتقبّل (المثقف - المبدع - الناقد - المهتم - الباحث...) ثم شرعنا بالعمل في المرحلة الأولى، التي كان من أهم أعمالها النقدية: «ماء الثماد»، دراسات في شعر بعض المغمورين، للأستاذ الدكتور عبد الله الرشيد. «صوت المرأة»، «تحليل الخطاب في بلاغات النساء»، للأستاذة الدكتورة صلوح السريحي. «لغة الجسد في القرآن الكريم»، دراسة تركيبية سياقية دلالية، للدكتورة حنان بياري. «التطور اللغوي في اللهجات المحلية الحائلية»، مقاربة وصفية تقابلية بنيوية (لهجة جبة أنموذجًا) للأستاذة بدرية فلاح الصقري. «تطور الأمثال في النثر العربي إلى القرن الخامس الهجري»، للدكتور فايز آل مروان. وكان من أهم أعمالها الإبداعية: ديوان شعر (مزاجها زنجبيل) للدكتور فواز اللعبون. ديوان شعر (أرجوحة من قلق) للشاعر عبد الله الخضير. ديوان شعر (تراتيل) للأستاذ خليل العنزي. وقد فاز هؤلاء الشعراء الثلاثة بجوائز محلية, وإقليمية, وهذا يضيف للنادي. * كيف تحكمون على نجاح الإصدارات في النادي؟ وهل تشعرون بأنكم نقلتموها إلى مرتبة أكثر تميزاً وتطورًا عما كانت عليه في السابق؟ في اعتقادي أن حضور أميرنا الشاب المثقف - صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن مقرن نائب أمير منطقة حائل - إلى الأمسية الشعرية الفاخرة التي تغنّى بها الشاعر الكبير الدكتور فواز اللعبون على مسرح النادي هي أكبر شاهد على تميز الإصدارات وتقدمها، حيث كانت تلك الأمسية تتويجًا لطباعة ديوان د. فواز اللعبون (مزاجها زنجبيل). وكان لرئيس النادي الدكتور نايف المهيلب مبادرة فريدة من نوعها تتجلى في تتويج الإصدار المطبوع بإقامة صاحبه أمسية, أو محاضرة في النادي، وهذا من باب تسويق الإصدار وترويجه، والاحتفاء بصاحبه، وبقيمة إصداره، وهذا في نظري سر من أسرار تقدّم النادي وإصداراته. ولا أخفيكم بأن الطلبات على بعض كتب هذه المرحلة زاد في الآونة الأخيرة, وهذا يدفعنا إلى مزيد من الاعتزاز بقيمة الإصدار المطبوع. * كيف كانت إستراتيجيتكم في الإصدارات لهذه المرحلة الحالية؟ رأت اللجنة في مرحلتها الثانية الحالية التي بلغت (أحد عشر كتاباً) أهمية الإسهام في الدراسات النقدية الحديثة للقصة القصيرة السعودية، فاستقطبت الدكتورة سهام العبودي، وتبنت طباعة أطروحتها القيمة (أصوات الزمن في القصة القصيرة السعودية). وحرصاً من اللجنة على استقطاب المؤلفات العلمية المتميزة، فقد ظفرت اللجنة بكتاب مميز بعنوان (محاضرات في السرد) للأستاذ الدكتور محمد نجيب العمامي، وهو من أشهر نقاد السرديات الحديثة في الوطن العربي, وهو الآن أستاذ بجامعة القصيم. كما اهتمت اللجنة في هذه المرحلة بجانب الترجمة, فظفرت ضمن خططها الإستراتيجية بكتاب (ترجمة الأدب، جسر التواصل بين الثقافات) للدكتورة أشجان هندي، وهي أكاديمية, وشاعرة سعودية معروفة, نالت شهادة (الدكتوراه) من بريطانيا, والكتاب يترجم لبعض الأعمال النقدية في الأدب العربي القديم. واهتمت اللجنة بالأطاريح العلمية المتميزة, فظفرت في هذه المرحلة بكتاب بعنوان (قيم التمدن في النثر العربي) للدكتور خالد اللعبون, وهذا الكتاب في أصله أطروحة دكتوراه نوقشت بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, وتحصل مؤلفها على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى, وهذا يدل على قيمة الكتاب وأصالته. ولأن اللجنة تؤمن بما توصلت إليه الثقافة الجديدة من ضرورة تفعيل التفكير البيني, والإفادة منه, فقد حفلت اللجنة بطباعة كتاب (الخطاب الإشهاري) للدكتور الإعلامي محمد النذير عبد الله ثاني, أستاذ الإعلام المشارك بجامعة حائل، وهذا الكتاب من الكتب (التواصلية) المهمة التي تتغياها بعض نظريات الأدب والنقد. كذلك سعت اللجنة في إستراتيجياتها البينية إلى الظفر بكتاب قيم آخر في المجال (المعلوماتي) بعنوان (المحتوى الرقمي وتحديات اللغة العربية) للأستاذ الدكتور سالم السالم, أستاذ المكتبات والمعلومات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقًا, والأستاذ الزائر بجامعة حائل حالياً. والكتاب في غاية الأهمية؛ لأنه يطرق باب التحديات الجديدة للغة العربية في تعاطيها مع النظريات المعلوماتية. وعلى مستوى الإبداع اهتمت اللجنة في هذه المرحلة بأدب الرحلة، وتقاطعاته مع المذكرات, فاستقطبت كتاباً قيماً للإعلامي الأستاذ جاسر الصقري الذي سجل تجربته في زيارته للعراق, وعنونه ب (من أغضب النخيل، أوراق في حضرة العراق)، ويعد هذا الكتاب من المؤلفات القليلة التي أعادت الوهج لأدب الرحلة الممزوج بالمذكرات, واليوميات, والاعترافات. كما اهتمت اللجنة بالقصة القصيرة، فأصدرت في هذه المرحلة مجموعة قصصية وهي (بكاء الأجساد) لناصر الجاسم، ومجموعة قصصية قصيرة، وهي (منافذ خفية) لتركية الأشقر، ومجموعة قصصية قصيرة جدًا وهي (عندما تتبرج الظلال) لفاطمة السهيمي. وعلى الرغم من كثرة الأصوات التي تحاول رفض الإبداع, وتحييده, وتأطيره فقد عزمت اللجنة على إنصاف (قصيدة النثر) أو (النثيرة) وهي الشكل الأدبي الذي جوبه بكثير من الجدل والنقاش؛ لذلك قام النادي بطباعة كتاب بعنوان (أحبك حتى تنتهي الحرب) لبلقيس الملحم, وهي شاعرة, وروائية. حيث تجدر الإشارة إلى أن كل هذه الكتب التي تتأهب للخروج من رحم المطابع تعد إضافة للمشهد الأدبي, والنقدي, والثقافي. وسعادتي في ولادتها ليست سعادة شخصية, بل هي السعادة بإضافة شيء جديد إلى ساحة ثقافتنا السعودية, وأن تكون حائل قبلة لأهل الفكر, والأدب, والثقافة في قادم الأيام. * أخيراً كيف ترى الإصدارات في الأندية الأخرى مقارنة بنادي حائل الأدبي؟ الأندية في هذا المجال تتنافس، ولكن أصدقك القول: إن هناك أندية في الصف الأول، وهي ثلاثة أو أربعة تقريباً، لا أغالي إن قلت: نادي حائل من أهمها. وهناك أندية الصف الثاني وهي الأكثر، وهي ذات الإصدار المتوسط كمّاً وكيفًا، وهناك أندية أشعر بأنها تغطّ في سبات عميق، وعليها أن تصحو وتتواكب مع طفرة الثقافة وصناعتها التي أخذت اليوم تخط لها نهجاً جديدًا مع دعم وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود. * كلمة شكر توجهها لمن؟ إلى قائدَي الثقافة في حائل: صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد أمير منطقة حائل، وإلى نائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن مقرن، لدعمهما المستمر للنادي الأدبي في فعالياته، ونشاطاته، وإصداراته. ثم الشكر إلى الدكتور نايف المهيلب، الرجل المخلص الذي ينضح بالوطنية، وهموم الثقافة، والشكر لضابط إيقاع النادي وأيقونته الأستاذ رشيد الصقري, ولكل الإخوة الإداريين, والعاملين في النادي. وشكر خاص للمحكمين الأعزاء, الجنود المجهولين, الذين هم صنّاع التميز والإبداع. وشكراً لكم أنتم على فتح هذه النافذة لتسليط الضوء على بعض إسهامات النادي الجديدة.