كم شخص عقد العزم والأمنيات لتحقيق بعض من الأهداف السنوية لعام 2020؟! وكم شخص تعهد بتحقيق الكثير؟! الحقيقة أن صعوبة الاحتفاظ بتنفيذ قرارات السنة الجديدة هي ظاهرة شائعة، لكن الواقع يظهر أن أقل من 25 % من المخططين للسنة الجديدة التزموا بالعمل بقراراتهم بعد مضي شهر دون تحقيق للهدف، في حين التزم 8 % فقط منهم بإنجاز خططهم. وفي دراسة أخرى أظهر تخلي 23 % من الناس عن مواصلة قراراتهم بعد أسبوع واحد فقط، في حين حافظ 19 % من الناس على الالتزام بما قرروه على المدى الطويل والذي قدر بسنتين في الدراسة. ربما السؤال الجدير بالمناقشة لماذا لا نلتزم غالبا في تنفيذ قرارات السنة الجديدة؟ السبب في تخلي الناس عن الالتزام بتنفيذ قائمة الوعود والقرارات تعود بلا شك إلى صعوبة التغيير في العادات، والانتقال من منطقة الراحة إلى منطقة خلق عادات جديدة تتطلب الإصرار والعزيمة. معظم الناس يقررون تغيير عاداتهم الغذائية، الحصول على الوزن المثالي، الادخار، أو تسديد ديونهم، لكنهم للأسف يفشلون في البدايات مما يجعلهم يشعرون بالإحباط والعجز، وبالتالي ترحيل القرارات إلى وقت آخر، أو التخلي عن الهدف ومواصلة التنفيذ. المشكلة تكمن في أن العديد يتخذون قرارات وربما أمنيات بدلا من الأهداف، لذا يتراجعون ويتساقطون قبل الوصول لما عزموا على تنفيذه. الفرق أن الأهداف محددة وقابلة للتنفيذ، بينما القرارات التي تنهال في بداية السنة الجديدة قد تكون واسعة وغامضة وغير محددة، وأحيانا غير واقعية لذا يصعب تنفيذها. هناك أيضا بعض الأسباب منها هيمنة التقليد ونسيان الأولويات، القرارات غالبا تتخذ في نهاية السنة وتتأثر بضغوط الأقران أو اتباع الجديد «الموضة» في القرارات، فالغالبية يضعون قرارات فيما ينبغي عليهم فعله، بدلا من ما يريدون تحقيقه فعلا، غالبية الفتيات تركز على التعهد بإنقاص وزنها، وممارسة الرياضة بانتظام في نادٍ رياضي، لكن قد يكون هذا القرار ترفا لا تحسنه في الوقت الحالي، وليس لديها القدرة على تنفيذه، لأنه لا يشكل أولوية في حياتها. أيضا من الأسباب النفسية التي تمنعنا من مواصلة تحقيق الأهداف عدم مراقبة كيفية التنفيذ والتقدم لخلق تغيير دائم، فمن يرغب بإنقاص وزنه ما زال يتابع محيطه والمشاهير في التجول بين المطاعم واستهلاك الكثير من الدهون والسكريات، ومجاملة المضيف فيما يضر صحته، القرار بتغيير العادات الغذائية السيئة يتطلب الكثير من الجهد في تهيئة البيئة المساعدة للامتناع عن الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، والانقطاع أو التقليل عن ما تعودناه في بيئتنا من عادات مضرة في اجتماعات العائلة والأصدقاء، ومراقبة التقدم المنتظم للحصول على تغيير كبير في النهاية. والأهم قبل الالتزام بتغيير العادات التفكير بالمكاسب المأمولة بعد البدء بخطة التنفيذ، فالتحفيز الذاتي يساعد في تذكيرنا بأهمية ما نقوم به وقيمته في حياتنا. هذا المقال ليس لتحبيطك عن مواصلة قراراتك السنوية، بل لتذكيرك بتحدي نفسك والاستعداد لجعل قراراتك واقعا إيجابيا، وقيمة مضافة لحياتك ومجتمعك. لذا توقف عن اتخاذ قرارات السنة الجديدة كأمنيات، واجتهد في مواصلة تحقيق أهدافك خطوة خطوة. وأخيراً .. للقراء الأعزاء أتمنى لكم عامًا جديدًا يحمل بين جنباته الخير والسلام لكل العالم..