لم يدر في خلد أي متابع رياضي سعودي أن تصل كتيبة الأخضر إلى ما وصلت إليه في بطولة كأس الخليج العربي في نسختها ال 24 ولذلك لعدة معطيات؛ أهمها قرار المشاركة في البطولة المفاجئ للمدرب واللاعبين والشارع الرياضي السعودي، وكذلك في ظل قلة المدة الزمنية التي تولى فيها الجهاز الفني بقيادة الفرنسي (هيرفي رينارد) زمام الأمور الفنية للمنتخب السعودي مما شكَّل ضعفاً في طموح السعوديين في خليجي 24 معولين عليها فقط بأن تكون خير إعداد للأخضر في مشواره بالتصفيات الآسيوية، ناهيك عن مستويات المنتخب المخيبة للظن في السنوات الماضية وآخرها في نهائيات أمم آسيا التي أُقيمت في الإمارات. ورغم الانطلاقة السيئة لكتيبة (رينارد) في البطولة بعد الخسارة من المنتخب الكويتي بنتيجة قوامها ثلاثة أهداف مقابل هدف؛ إلا أن الأخضر السعودي تحوّل عكسياً للإيجابية مفاجئاً جمهوره قبل خصومه بمستويات أعادت ذكرى هيبة وشخصية أسياد آسيا في الزمن الماضي الجميل عبر انتصارات متتالية في دور المجموعات على البحرين مروراً ب عُمان إلى أن حقق المفاجأة بإقصائه منظم البطولة وصاحب الأرض والجمهور (المنتخب القطري) ضارباً موعداً مع نهائي خليجي ومشعلاً فتيل الأفراح السعودية وعودة ثقتها بمنتخب بلادها عبر عناصر شابة ومدرب متوهج. فما رأيناه في مشوار منتخبنا خلال البطولة كان ممتعاً وساحراً بغض النظر عن خسارة اللقب حتى وإن كان ذلك قاسياً، إلا أننا رأينا دماءً جديدة ضُخ بها في شريان الأخضر فكان لها الأثر الحماسي والفني الجميل بقيادة مدرب جريء طموح لم ييأس حتى آخر نفس من أنفاس البطولة لولا ظروف الإصابات التي حاصرته في أهم مرحلة وأهم خطوط المنتخب بعد إصابة المدافعين (تمبكتي وخبراني) مما سبب له حرجاً فنياً خلال ملحمة النهائي. قبل الختام مكاسب عدة نالها الأخضر السعودي في البطولة رغم فقده لقب (خليجي 24)، ومنها: - عودة رعب الكرة السعودية وهيبتها على المستوى الإقليمي. - ترسيخ الكعب الفني العالي للاعب السعودي بعد فوز (عطيف والقرني) بجائزتي أفضل لاعب وأفضل حارس. - مدرب طَموح وجريء وواثق في نفسه استطاع الاستفادة من الأدوات المتاحة لديه عبر استخراج مكامن القوة الفنية والموهبة في غالبية عناصر كتيبته. - عودة ثقة الإعلام والجمهور السعودي بمنتخب بلاده مما سيسهم ذلك في دعم معنوي في مشوارنا الآسيوي المؤهل لبطولتي نهائيات أمم آسيا وكأس العالم.