يمرُّ منتخبنا السعودي في الفترة الحالية بفترة تغيير كبيرة داخل صفوفه بعد اعتزال عدد من لاعبي الخبرة، واستبعاد الباقين منهم بسبب انخفاض مستوياتهم الفنية لأسباب مختلفة؛ ومن هذا المنطلق يجب أن يكون التعامل مع نجومنا في هذه الفترة أكثر واقعية، وأن لا نقسو عليهم كثيرًا، ولاسيما بعد خسارة لقب «خليجي 24» أمام المنتخب البحريني التي أُقيمت مؤخرًا في الدوحة. المدير الفني للأخضر السعودي الفرنسي إيرفي رينارد يقود مشروعًا كبيرًا للكرة السعودية من خلال السعي لبناء منتخب قوي قادر على استعادة أمجاد الرياضة السعودية التي تحققت في السابق؛ لذا يجب الصبر على عمله وما يقدمه؛ فخسارة لقب بطولة يجب أن لا تلغي كل ما قدم من عمل كبير خلال الفترة الماضية. ولعل من المشاكل الكبيرة التي تواجه الكرة السعودية، سواء على صعيد المنتخبات أو الأندية، هي كثرة إقالة المدربين بشكل مبالغ فيه جدًّا؛ ما تسبَّب في حدوث تراجع كبير للكرة السعودية بسبب غياب الاستقرار الفني داخل المنتخبات والأندية. ما يقدمه الأخضر السعودي تحت قيادة الفرنسي رينارد حتى الآن يعتبر مقنعًا بناءً على النتائج الإيجابية التي تحققت، وعطفًا على الفترة القصيرة التي يقضيها بوصفه مدربًا للأخضر. فمنتخبنا يتصدر ترتيب مجموعته في التصفيات الأولية المؤهلة لكأس العالم 2022، وكذلك لكأس آسيا 2023، كما أن النتائج التي حققها في خليجي 24 تعتبر جيدة رغم قرار المشاركة الذي اتُّخذ في اللحظات الأخيرة، وقبل بداية البطولة بأيام قليلة، ورغم هذا تصدر الأخضر مجموعته بالبطولة، وأخرج مستضيف البطولة (المنتخب القطري) أمام جماهيره الكبيرة، ولولا سوء الطالع الذي لازم لاعبي الأخضر في المباراة النهائية أمام المنتخب البحريني لتحقق اللقب بكل سهولة. الشارع الرياضي السعودي بتوجهاته كافة يجب أن يكون تعامله مع منتخب الوطن في الوقت الحالي مختلفًا كليًّا عن الفترات الماضية التي كان يتعامل فيها عند أي إخفاق أو تراجع للأخضر السعودي بنقد قاسٍ، ومطالبات بإبعاد الجهاز الفني. منتخبنا منذ سنوات طويلة غائب عن تحقيق البطولات؛ فلقب آسيا آخر مرة تحقق لنا قبل 23 عامًا، بينما أصبحنا غائبين عن لقب بطولة كأس الخليج منذ 15 عامًا. ولعل التأهل الأخير لكأس العالم 2018 التي أُقيمت في روسيا هو المنجز الوحيد الذي احتفلنا به بعد سنوات عجاف. هذا الغياب الكبير والطويل عن البطولات والمنجزات يؤكد أن هناك خللاً كبيرًا تعاني منه الكرة السعودية، أدى إلى فشل جميع الحلول والخطط التي كانت تطرح لمعالجة أوضاعها. لذا فلزامًا على الجميع دعم المشروع الكبير الذي يقوده الفرنسي رينارد، وهو يحمل سيرة تدريبية عالية جدًّا، تؤهله لصناعة منتخب سعودي قوي قادر على رسم البسمة على محيا الشعب السعودي، لكن بشرط أن يقف معه الجميع، ويدعمه بعيدًا عن التعصب للأندية الذي أصبح - للأسف - طاغيًا لدى البعض، وأصبح الولاء والحب لها أكثر من منتخب الوطن.