الإعلام!.. قد يرفعك للسماء السابعة، وقد يخفض بك الأرض خفضاً! حقيقة، وفي كرة القدم، وفي مال كرة القدم، تلعب هذه الحقيقة دوراً «أكثر من خطير»! ..إذا بحثت عن أكثر لاعبي العالم شعبية ستجد أسماء جيدة لا شك، معظمها جدير بالوجود في خانة «الأشهر» والأكثر متابعة وحصد «اللايك والشير والريتويت»! ولكن العشرة الأشهر في منصة انستقرام ليس بينهم «نجولو كانتي»، وفي العشرين الأشهر على جميع منصات التواصل الاجتماعي ستجد بوجبا، ستجد المدافع مارسيلو، بل ستجد مدافع برشلونة «جيرارد بيكيه» رغم «عادية مستواه» ولكن الأمر يرجع لوسامته من جهة، وزواجه من إحدى أشهر «الفنانات!» من جهة أخرى.. ليس هذا ما أقصده، أراك تحدث نفسك، «أرحنا يا خالد»، أرد عليك أنا بسؤال: يا أخي أين «كانتي»؟! بالضبط هذا ما يفعله الإعلام - مثال كانتي واضح جداً، فبوجبا مثلاً أحد أهم 5 وجوه تسويقية وإعلانية من اللاعبين على المستوى العالمي، انظر إلى إنجازاته، ستقول لي إنه حقق كأس العالم، أقول لك أن «الأسمر الصغير القصير كانتي» قد حققه! بل كانتي يتفوّق على بوجبا! وهو الأحق منه بالشهرة، وبالتالي أن ترتفع قيمته السوقية، وأن تراه في الإعلانات بصورة أكثر فما السبب، أقول لك «الإعلام» الرياضي، ودوره المحوري والخطير و»قوته الناعمة» التي تؤدي لنتائج كان يمكن ألا تكون كذلك لولاه! نجولو كانتي أحد أهم لاعبي خطوط الوسط المدافعين، ليس في السنوات الحالية فقط، بل في تاريخ كرة القدم، يلقبونه ب «قارئ الأفكار»، إذ إنه أمهر من «يفْتَكْ» الكرة - أي يقطعها من المنافس -على الإطلاق في السنوات الأخيرة، وبفارق شاسع عن أي لاعب! قصة كانتي لم يسلط عليها الإعلام الضوء، لأنه لا يريد! لذلك بقيت الظاهرة «الكانتية» مجهولة! فهو مسلم من أصل مالي، تربى في بيئة متواضعة لأبوين متواضعين أورثاه التواضع والخجل كما تراه، لا تصدق أنه عمل في بداياته كجامع للقمامة في شوارع باريس، مع ذلك فكفاحه أوصله للحصول على شهادة دراسية في التنظيم المالي والتجاري والمحاسبة، لم يشعر أن كرة القدم يمكن أن تؤمّن له عيشاً كريماً حتى وقت قريب على حد قوله لذلك كان يمارس الكرة مع الدراسة في نفس الوقت، رأوه كشافو ليستر سيتي واشتروه ب5 ملايين يورو فقط، حقق لقب الدوري الإنجليزي بمعجزة مع فاردي ومحرز وباقي كتيبة الثعالب الزرقاء! باعه ليستر سيتي وربح فيه، إلى تشيلسي ب32 مليون باوند! ليحقق في أول موسم لقب الدوري أيضاً، وحقق لقب «لاعب العام « ثم يشارك مع المنتخب الفرنسي ويحقق فضية كأس الأمم الأوروبية 2016، ثم الفوز بذهبية كأس العالم 2018! غير هذا فأهمية «كانتي» أنه «يسمح» لباقي اللاعبين بالتألق كما وصفته «الجارديان» البريطانية، فلولا كانتي ما كان محرز ولا فاردي في ليستر، ولا هازارد في تشيلسي، ولا بوجبا في المنتخب الفرنسي. قصة تمثيله لفرنسا أيضاً «غامضة»، فمنتخب مالي استدعاه لتمثيل بلده الأم في يناير 2016، لو كان ذهب وشارك لأصبح يمثِّل المنتخب المالي دائماً، لكن رجال الاتحاد الفرنسي «خطفوه» بذكاء في مارس، فقد جعلوه يشارك في مباراة ودية للمنتخب الفرنسي أمام هولندا، ليثبت الفرنسيون أحقيتهم فيه... إلى الأبد! Scarface مثال آخر - فرنسي - على السُّلْطة الإعلامية ولكنه أكثر وضوحاً: «بلال ريبري»، حقق في 2013 الآتي مع بايرن: الدوري الألماني، كأس ألمانيا، السوبر الأوروبي، دوري أبطال أوروبا، كأس العالم للأندية، خُماسية! لكنه لم يفز بالكرة الذهبية كأفضل لاعبي العالم، لأسباب تسويقية وإعلامية بحتة لم تذهب لهذا الفرنسي صاحب الوجه «ذو الندبة» الذي لا تحبه الكاميرات! بل ذهبت الأصوات لرونالدو، ثم حلَّ ميسي ثانياً وريبري ثالثاً الذي وصف ذلك بقوله «فزت بكل شيء ولم يكن هذا كافياً، بل إنني رأيت بعض الفرنسيين يتمنون فوز رونالدو!»