فقدت مدينة بريدة يوم الثلاثاء الماضي الشيخ الفاضل صالح بن سليمان المقيطيب -رحمه الله- قارئ المحراب، والأب الحنون، وواصل الرحم. عام 1413ه تقريبًا سكنت حي البشر ببريدة، وكنت في مقتبل العمر، وكان بجوار المنزل جامع الشيخ صالح المقيطيب -رحمه الله- وكنا عند دخولنا المسجد إما مبكرين أو مقصرين نجد والدًا حنونًا، وأبًا مربيًا.. كان الشيخ رجل الشباب الأول، لين الجانب.. تعلمنا منه الحلم والعلم.. كان -رحمه الله- لا يفارق المحراب في الفجر حتى طلوع الشمس. تجده دائمًا يراجع حفظه القرآن، ولا يفارق المحراب ثلاثين عامًا شهدتها.. وعند المهمات والمناسبات لمدينة بريدة تجده الأول، وعند الدعوات للجيران والأقارب تجده الأول. اعتدت منه كلمة «أنتم أولادنا وقوتنا».. اعتدنا منه -رحمه الله- الابتسامة الدائمة.. عندما تستمع لحديثه تجد سعة الصدر والحلم.. ولي موقف لا أنساه مع الشيخ: جئته ضائقًا في أمر ما، فقال لي: «يا وليدي، كل الأمور سهلة بالمسجد وفي المسجد». كنا نحن الشباب إذا رأيناه نرى فيه الطموح والشباب والفرح.. كنت في زيارات متقطعة له في منزله بعد انتقالي لحي آخر، وعندما أدخل عليه في بيته يفرح بالحضور، ويستأنس بالضيف.. عرفته مربيًا للأجيال.. كنت عندما أجلس معه يذكر لي كل ما بذله من جهد في وصوله للتعليم، وكيف وصل.. يحب أن يتحدث للجميع بكل راحة وابتسامة، وعندما تصافحه لا يطلق كفك؛ يظل ماسكًا إياه.. كان موجهًا وداعيًا وقاضيًا للحاجة.. لا تمل الحديث معه.. تجد البلاغة والأدب والشعر والعون على الطاعات.. رحم الله الشيخ المقيطيب، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة ووالدينا والمسلمين، وجبر الله مصاب أسرة المقيطيب ومصابنا و{إنَّا لهِع وإنَّا إِلَيه رَاجِعُون}. اللهم صل على محمد. ** **