قليلة هي العائلات التي أعطت لهذا الوطن مثل ما أعطته عائلة الصقير الكريمة.. فقد كان المرحوم الدكتور حمد الصقير أحد أركان سلسلة من الأخوة الأفذاذ الذين تشرفوا بخدمة هذا الوطن وشرفوه في كل موقع.. أقول هذا ليس عن اطلاع ومتابعة عادية لكنني ووالدي -رحمه الله- وكل فرد في عائلتنا ارتبطنا بعائلة الصقير ابتداءً من الإخوة التي جمعت الوالد -رحمه الله- بالشيخ عبدالعزيز الصقير كأعضاء في أسرة العقيلات (أقول الأسرة قاصدًا) التي خرجت من رحم نجد حيث كان تحت وطاة الجدب والفاقة.. وعندما اقتنع والدي بأن ظروفه أصبحت تسمح باستدعاء عائلته الصغيرة خرجنا من بريدة نحو بداية عام 1946م متجهين إلى الشام.. كان العم عبدالعزيز الصقير وقتها قنصلاً ومندوبًا للملك عبدالعزيز -رحمه الله- ليس في العراق وحده وإنما في الشام أيضًا.. وكان اختياره لهذه المهمة ملمحًا من ملامح فراسة وعبقرية الملك عبدالعزيز رحمه الله في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.. فقد كان الشيخ عبدالعزيز الصقير يعرف كل القبائل الكبرى في الشام والعراق وكل العائلات المهمة هناك.. وكان بطبيعة الحال يعرف كل المواطنين السعوديين المقيمين والرحل بين الشام والعراق وفلسطين ومصر وكانت فراسته في معرفة وفهم الناس وأحوالهم مضرب الأمثال.. بنفس الفهم العميق للناس وأحوالهم مما جعل المؤسس يختار رجالاً مثل فوزان السابق وصالح العذل وحمد السليمان وعبدالعزيز الزيد وياسين الرواف، تم اختيار عبدالعزيز الصقير ليكون عينًا وعونًا لوطنه في زمن كانت فيه بريطانيا وفرنسا وتركيا (التي غربت شمسها) تتصارع على هذا الجزء الواعد من العالم.. في هذا الزمن الصعب وتحت ظروفه القاسية توقفت عائلتنا الصغيرة في بغداد حيث أقمنا في منزل الشيخ عبدالعزيز الصقير وحظينا بعنايته وكرمه الأسطوري حتى يسر الله أمر التحاقنا بوالدي في الشام.. ما أود قوله هنا هو أن عبدالعزيز الصقير لم يكن وحده من تشرف بخدمة هذا الوطن من عائلة الصقير الكريمة، فقد عمل أخوه المرحوم علي سفيرًا للمملكة في عدد من المواقع المهمة ورأس محمد (أطال الله عمره) صندوق التنمية السعودي وكانت له مساهمة مهمة في تطوير أداء وخدمات الصندوق تحت رعاية وتوجيه القيادة الحكيمة وإشراف وزير المالية الشيخ محمد أبالخيل أطال الله عمره.. أما صالح الصقير فقد التقيته في نيويورك عام 1965م عندما كان نائبًا لرئيس الوفد السعودي لدى الأممالمتحدة حيث أبلى وزملاؤه بلاءً حسنًا في الذود عن الوطن وعن قضايا الأمة. أردت بهذه المقدمة أن أقول إن الشيخ حمد الصقير عندما خدم وطنه في أكثر من موقع كان آخرها رئاسة الهلال الأحمر ولم يكن استثناءً بل استكمال لسلسلة متواصلة من العطاء والتفاني في حب هذا الوطن الكريم. وككل أخوته فقد كان الشيخ حمد كريم الخلق ودودًا حريصًا على تقديم أفضل ما يمكنه. رحم الله حمد الصقير وأثابه واخوته الكرام على ما قدموا لعائلتهم الكبيرة - المملكة العربية السعودية. و«إنا لله وإنا إليه راجعون».