ليس ثمة ديانة ولكنه اعتقاد ليس بجديد لولا أن التلفاز والسوشال ميديا تجرؤوا على ما لم يكن يجرؤ به أحدٌ سابقاً أن يدافع عنه بله أن يعتقده. كان الليبراليون يخجلون من انتمائهم كالعلمانيين فينسبون أفعالهم للديمقراطية والحرية كباب واسع يدخل منه من يشاء وكيفما شاء! وليس ذلك إلا حياءً وخجلاً وأحياناً خوفاً لأن مفهوم المصطلح الليبرالي والعلماني هو أشبه بالمنتقل إلى الردّة عند المجتمع المحافظ ومع تقادم الأيام بدأ مفهوم الليبرالية والعلمانية يأخذ طريقه نحو التصريح بعد التلميح! ولم تنفع العصا والجزرة حتى ظهر لنا في التلفاز في برنامجين منفصلين ما هو أشبه بتقديم أولي لمرحلة ما بعد الليبرالية ولا أدري ما الذي دعا المقدمين أن يتفقا في طرح هذه الأسئلة العقائدية هل هو اتفاق مسبق لمعرفة أن الشخصيتين مثيرتان للجدل أم هي الصدفة؟ قد يكون ذلك! وسأقتصر في مناقشتي على نقطتين فقط هما مثار الجدل في المقابلة كلها.. فأما أحدهما بعيد كل البعد عن المسألة الدينية فليس له فيها جمل ولا ناقة وإن أدخل رأسه من نافذتها ولكن ما يلفت النظر أنه يمتدح الملحد لأنه يستخدم عقله في حين أنه هو يأسف على عدم استطاعته استخدام عقله لأنه آمن تلقائياً! ولا أدري لمَ لمْ يستخدم هو عقله في تأكيد ما هو عليه؟ فأراح واستراح دون عناء كما قال! ولكنه يغبط الملحد على إلحاده! ولا أدري أيّ عقل يقصده؟! إن لم يكن يقصد العقل الفاسد، وهل علم أن العقل خُلق أداة لمعرفة الله وليس لإنكاره؟ لقد ذكر الله سبحانه وتعالى العقل في القرآن الكريم تصريحاً وتورية سبعاً وثمانين مرة تأكيداً على استخدامه للهداية، وللتفكير المنطقي والاستدلال الصحيح وليس كما يعتقد أنه لطرح الأسئلة المتعلقة بالماورائيات لإثبات الشك دون اليقين بغير وعي أو علم ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ وآخر كان أحد المتشددين ثم بدا له من بعد ذلك أن يحلق لحيته ويطيل ثوبه ويبدّل ليس ذاته فحسب بل حتى جنسيته وتغير الذات إنما أتى حين بلغ الذروة في التطرف من حيث العاطفة المتخلفة فهماً وخلقاً دون أن يكون المنهج حاضراً أمامه بنقائه وصفائه وإن كان فإنه قد يأتيك بالقياس الخاطئ والتأويل المبطن بالأهواء، كما هي المرجئة الذي تشبّث بها ولو كان الاحترام المعهود لشخص الملحد لكان ذلك خلق إنساني ارتضعناه مع لبان الطفولة كأقل تقدير ولكن أن يكون الاحترام لعقيدة الإلحاد وللإلحاد!! فما رأينا الملحد من قبل إلا أداة لقتل من يخالفه في ذلك وفي الحزب الشيوعي الماركسي السوفيتي الدليل الأكبر على ذلك حين لم يحترم الديانات ولا الدين فيروسيا وغيرها حتى لم يكتف بالقتل والتنكيل بل جعل عقوبة الإعدام دون محاكمة لكل من يتهم بأنه يتبع دينا أو يعترف بالله فكان أشد عداوة وضراوة من اليهود وأضرابهم من العداة، قال ابن حجر في لسان الميزان: (الزنديق الشهير (ابن الرواندي) كان من المعتزلة ثم تزندق واشتهر بالإلحاد وقيل إنه كان لا يستقر على مذهب ولا يثبت على شيء). قال تعالى: (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). ** **